ليس للقرعة ما تتباهى به, ولا حتى بشعر بنت أختها !*

احسان جواد كاظم

أكدت السيدة حنان الفتلاوي, ما ذهبنا اليه في مقال سابق, عن سوء اختيار السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لها كمستشارة في مكتبه وهو الذي يحاول ان يقدم نفسه كرئيس وزراء لكل العراقيين, بعد تصريحاتها المتحيزة للأسلاميين في برنامج تليفزيوني, صبت فيه جام غضبها على التيار المدني.

فقد اعتبرت السيدة الفتلاوي التي عينت كمستشارة بعد فشلها في الأنتخابات البرلمانية الأخيرة في الحصول على الأصوات التي تؤهلها للجلوس تحت قبة البرلمان, انجازات هذا التيار صفراً, رغم ما تعرفه ويعرفه الجميع انه لم يمتلك يوماً سلطة القرارفي تسيير شؤون الوطن العراقي بسبب هيمنة احزاب الأسلام السياسي على الحكم بتحاصصها واستبعادها له منذ عام 2003 وحتى قبله.

وقد دأب الأسلاميون على التباهي بأعداد شهداء ميليشياتهم واضفاء القدسية عليهم, ووضعهم في منازل ومراتب أعلى من أقرانهم من شهداء الأجهزة الأمنية والجيش الذين قاتلوا داعش, ببسالة, تحت ظل علم الدولة العراقية التي تمثل مجموع العراقيين بكل انتماءاتهم الثقافية والعرقية.

وغالباً ما يُسقط الأسلاميون, كما فعلت السيدة المستشارة الفتلاوي من حسابهم شهداء الوطن من الموطنين العزل والتي تفوق أعدادهم شهداء الحشد والقوات المسلحة بعدة أضعاف… وان كونهم ليسوا بمقاتلين لاينفي حقيقة ارتقائهم كشهداء ينتمون لهذا الوطن.

وليس هناك ما تفخر به احزاب الأسلام السياسي والمطبلين لها… فالرسم البياني للمصائب التي اوقعتنا بها هذه الأحزاب وقياداتها منذ امساكها بالسلطة في البلاد, تجاوز حدود الصورة والتصور… وربما تكون السيدة المستشارة اعلم من غيرها بهذه الحقيقة المرّة والمعطيات لديها كثيرة, ولكنها تكابر !

فأحزاب الاسلام السياسي الماسكة بالسلطة, فشلت في كل مجال, وهي لم تفلح في تقديم اي منجز للمواطن العراقي بل على العكس, قادت سياساتها الطائفية والفئوية الى انقسامات وتوترات مجتمعية, شرعت ابواب التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية, واسعاً, حتى

أصبحت تدخلاتها واقعاً يومياً, وبعد ان سلمت قيادها ومقاليد امور سلطاتها لدول اقليمية ودولية.

وبسبب فوضى هذه السياسات, واخضاع مؤسسات الدولة وحتى العسكرية والأمنية منها الى تحاصص تمزيقي مشين, كانت هزيمتها امام شراذم من زعران داعش تحصيل حاصل, لتحتل بعدها هذه العصابات محافظات شكلت ثلث مساحة الوطن العراقي…

وبعد استفحال الأمور ووصول خطرها الى حدود العاصمة بغداد, جاءت دعوة المرجعية الدينية لكل العراقيين للتطوع لكبح جماح تتر العصر الدواعش وتحرير الوطن, لكنهم قاموا بتجيير الفتوى لصالحهم ولخدمة مصالح قياداتهم, وتحولت دماء وتضحيات ابناء العراق, من ثمة, نياشين مجد على صدور قيادات ميليشياوية تجاهر بولائها لولاية الفقيه الأيراني.

تتحمل القيادات السياسية والميدانية مسؤولية هزيمتها امام هذه العصابات, اضافة الى أوزار ما ارتكبته الدولة الأسلامية داعش ضد العراقيين من جرائم ابادة جماعية وعرقية وضد الأنسانية, والكم الهائل من الضحايا والشهداء من المدنيين ومن منتسبي القوات المسلحة والحشد الشعبي, لأنها كانت صاحبة القرار الحصرية في السلطة وتوجهاتها.

ورغم ان رواتب شهداء الحشد وجرحاهم تأتي من خزينة الدولة اي المال العام, فأن دمائهم وتضحياتهم وامجادهم تسجل في سجلات هذه الأحزاب وميليشياتها, ثم يجري تقديم آيات الشكر والعرفان للدولة الأسلامية في ايران على تقديم العراقيين ارواحهم لدحر الدواعش, وانقاذها من شرورهم واخطار تهديدهم لكيانها.

وفي عودة لدور الناشطين المدنيين… فلو لم يكن للتيار المدني من تأثير, ولا يشكل عائقاً امام مخططات قوى الجهل والرجعية والفساد لما اثار كل هذا الحنق والغيظ والضغينة من لدن السيدة المستشارة.

فلازال للمدنيين وهم شريحة واسعة ومتنوعة من ابناء شعبنا العراقي, رغم المحاصرة والقمع, دور في المحافظة على كل ما هو مشرق وجميل في الواقع والثقافة والسلوك الأنساني العراقي, ورفضهم لكل عمليات السرقة المنظمة للمال العام وحجب الحريات وغمط الحقوق, بعد سعي الأسلاميين لصبغ كل شيء بلونهم الأسود الكئيب واعلاء السدود بين ابناء الوطن الواحد…

وربما ما أوغر قلبها حقداً على التيار المدني, هو استمالته لأكبر تيار شعبي اسلامي وهو التيار الصدري لتبني مواقف رفض المحاصصة ونهب المال العام, وبناء الدولة على اساس

مكوناتي طائفي عرقي بغيض ومحاربة الفاسدين, وشعارات دولة المواطنة المدنية, والذي شكل اختراقاً لتحالفات المحاصصة النهبوية التقليدية, التي كانت السيدة المستشارة عند تحالفها مع نوري المالكي في ايام حكمه الكالحه وما بعدها, احد رموزها المستميتين في الدفاع عن سياساته الجائرة.

وكل ماسبق من دور وفعل للتيار المدني لا يمكن اعتباره صفراً فيما لو أخذنا بنظر الأعتبار المعوقات الجمة التي يواجهها هذا التيار على ارض الواقع, بينما يشهد مشروعها الأسلامي لتأطير المجتمع على الطريقة البعثية البائدة, فشلاً ذريعاً في كل المجالات, الى ما دون الصفر, بأعتراف مسطريه, رغم ما توفر له من امكانيات وموارد وفرص نجاح.. فهو لايملك انجازاً يُعتّد به, فتراه عارياً, ملقى على الأرض ويعاني من سكرات الموت, بعد ان حاز وبجدارة على رفض العراقيين له, وأحرز أدنى درجات التقييم في التاريخ العراقي المعاصر.

ولن يجد من يتأسى عليه حتى من اصحابه بعد ان امتلأت كروشهم من قوت العراقيين وتضخمت خزائنهم وحساباتهم من اموالهم, وتسلقوا أرفع درجات المواقع الرسمية على حسابهم وعلى ظهور ابنائهم المضحين.

للظالم يوم… للمظلومين ايام !

* مثل شائع – ” القرعة تتباهى بشعر بنت أختها “.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here