خرافة الصحافة المحايدة

بقلم مهدي قاسم

تمكن الإعلام الغربي في غابر السنين أن يقعنا بحيادية
واستقلالية الصحافة الغربية ، حيث كنا آنذاك لا زلنا نعيش تحت حكم أنظمة دموية و قمعية بحيث حتى التفكير بصوت عال كان سيؤدي بصاحبه إلى غياهب السجون و المعتقلات في أفضل الأحوال ، إن لم تؤد به نحو تهلكة من قبل فصيلة الإعدام الفوري..

في الخارج عرفنا فقط كذبة هذا الزعم ، نقصد كذبة استقلالية
الصحافة والإعلام في الغرب بعد تعلمنا أصول و خفايا الصحافة و الإعلام ، سيما القراءة ما بين السطور المضمرة أو الموحية بقصد الانحياز المبطن لجهة ما و طريقة و أسلوب صياغة و توصيل الخبر أو المعلومة بشكل الذي يُراد منها تعبيرا عن موقف سياسي أو خدمة لقضية ما ..

فما الصراع الحاد و المندلع حاليا بين ترمب و الصحافة المنحازة
للديمقراطيين أحد الأدلة القاطعة على ما نقول ..

فضلا عن أنه عندما ينشب صراع سياسي بين إحدى الحكومات
الغربية و بين غيرها سواء كانت روسية أو صينية أو فلبينية و إيرانية أو أية واحدة أخرى فسرعان ما تنحاز صحافة تلك الدولة الغربية ، وعلى شكل سرب من ببغاوات ملقنة لتنّغم هجومها مع سياسة حكومتها انحيازا و تأييدا ،و ربما تحريضا أيضا ..

كما لا نحتاج إلى التأكيد على أن الصحافة الغربية ليست
محايدة أومستقلة لسبب مهم و أخر إلا وهو التمويل المباشر الذي يجعل هذه المؤسسة الصحفية و الإعلامية أو تلك أن تكون مرتبطة وملتزمة بساسة المموّل الذي يفرض على الجريدة أن ترقص مثلما يصفر هو ، أنطلاقا من مواقفه السياسية !!..

أما السبب الثالث لعدم الحياد في الصحافة فيكمن في أنه
لا يمكن الحياد في مواقف و صراعات سياسية التي يُكتب عنها في هذه الجريدة أم تلك ، سيما على شكل عمود يومي أو افتتاحية تخوض في شؤون سياسية ، لأنه في السياسة لا يوجد أصلا شيء اسمه الحياد ، بل حتى في صياغة خبر سياسي يمكن ملاحظة الانحياز في طريقة التعبير و الصياغة
حيث الميل السياسي غير المباشر نحو هذه الجهة أم نحو تلك ، حقيقة قائمة دوما و باستطاعتنا ذكر آلاف من أخبار و مقالات ، عن الصحافة الغربية منحازة بشكل مبطن حينا وعلني حينا آخر ، تدعم وجهة نظرنا هذه ..

عموما أن مسألة الحياد في الصحافة السياسية خرافة ، يحاول
البعض طرحها في الوقت الذي هو نفسه لم يكن محايدا عندما كان صاحب موقع أو ” يعمل ” في جرائد أو مواقع إلكترونية كانت تعزف على وتر الإثارة الطائفية انحيازا لأحد الأطراف ضد طرف آخر ، و من حيث كونها ذات تمويل خليجي سخي !!.

بطبيعة الحال إن المجلات الخاصة في شؤون الثقافة والآداب
والفنون العامة يمكن أن تكون محايدة تماما ، لأنها تنشر نصوصا قصصية أو شعرية أو نقدا و دراسات فكرية ، ليس من الضرورة أن تكون ذات طابع سياسي مباشر و لا يُراد منها ذلك اضطرارا أو إلزاما .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here