سكان الشرقاط يطردون عوائل داعش بـ الرمانات والحكومة تنقلهم إلى تكريت

بغداد/ وائل نعمة

تأمل الحكومة أن تتمكن نهاية العام الحالي، بحسب مسؤولين، من إغلاق ملف النازحين بشكل نهائي، لكن المهمة ليست بالسهلة

خصوصا فيما يتعلق بعشرات آلاف من العوائل التي ينتمي أحد أفرادها إلى تنظيم “داعش” والتي ترفض المجتمعات استقبالهم من جديد.

ومنذ مطلع العام الجاري بدأت عمليات إغلاق المخيمات في أطراف بغداد والأنبار، وسجلت حالات إعادة إجبارية لبعض النازحين الذين تدمرت بيوتهم في العمليات العسكرية أو أثناء فترة سيطرة التنظيم على مناطقهم. قبل أيام حاولت الحكومة نقل مئات الأسر النازحة إلى الشرقاط، شمال تكريت، فيما تضاربت الأنباء عن هوية النازحين ومراكز الإيواء التي قدموا منها، لكن في كل الأحوال واجهوا (النازحون الجدد) معارضة شديدة من السكان وتطور الأمر إلى استخدام رمانات يدوية لإخراجهم.

رفض الأهالي استقبال النازحين الوافدين إلى صلاح الدين، يؤشر لصعوبة إعادة دمج العوائل التي توصف بأنها “أسر داعش” مع السكان مرة أخرى او حتى عزلهم على الأقل في مخيمات خاصة داخل المدن.

ويقول عبد عيسى سلطان وهو ممثل الشرقاط في مجلس محافظة صلاح الدين في تصريح لـ(المدى) أمس: “نحترم مشاعر الرافضين وعوائل الشهداء، لكن هذه الشريحة ستتحول إلى متطرفين في المستقبل إذا بقوا معزولين”.

عزل النازحين

وكان مجلس المحافظة قد ألغى قرارا سابقا بعزل عائلات داعش، إثر دعوى قضائية رفعها عضو مجلس النواب السابق عن المحافظة مشعان الجبوري. وكانت مدة ترحيل تلك العوائل لمدة 10 سنوات. وانتقدت منظمة (هيومن رايتس ووتش) القرار عند إعلانه. لكن رغم إلغائه رسميا، ما تزال عمليات الاحتجاز متواصلة. وبحسب تقديرات (هيومن رايتش وتش) فان هناك نحو 100 الف شخص يعتبرون من ذوي “داعش” في العراق، يعيشون في مخيمات بمختلف المحافظات التي كانت تحت سيطرة التنظيم. ونقلت المنظمة العالمية في تقارير سابقة، صورا وصفتها بـ”المأساوية” عن اوضاع العيش في تلك المخيمات، وعن تعرض بعض النساء الى انتهاكات جسدية وجنسية.

بالمقابل قال شهود عيان في صلاح الدين لـ(المدى) ان سكان الشرقاط، التي تحررت قبل نحو 3 سنوات من سيطرة “داعش”، احتجوا على السماح لدخول 12 حافلة تقل عوائل التنظيم الى القضاء. ويقول عبد عيسى سلطان، ان “عددهم لا يتجاوز الـ200 شخص، اذا نجحت المرحلة الاولى لنقلهم فان العدد النهائي سيصل الى 5 آلاف شخص جميعم من النساء والاطفال”.

وكان سكان الشرقاط، والذي يقدر عدد الذين يعيشون في مركز القضاء بنحو 250 الف نسمة، قد نزحوا جميعهم في عام 2016 على اثر بدء العمليات العسكرية والتي استمرت 3 اشهر، تم فيها حصار المنطقة بشكل تام.

وبحسب المسؤول المحلي فان جميع النازحين عادوا الى القضاء، باستثناء بضعة آلاف ممن يوصفون بانهم من ذوي تنظيم “داعش”.

ومازال هناك مليون و600 الف نازح في عموم المحافظات التي كانت تحت سيطرة “داعش”، وفق ما تقوله المنظمات المعنية بحقوق الانسان.

إغلاق سريع

ومع قرب الانتخابات المحلية المزمع اجراؤها في نيسان 2020، بدأت الحكومة باغلاق 18 مخيما في الانبار بعضها يضم سكانا من القائم.

ويتردد نحو 60 الف شخص من سكان القائم بالعودة الى هناك، بسبب الدمار الذي حل بالمدينة، حيث دمر “داعش” والحرب قرابة الـ200 منزل بشكل كامل. ويم الاثنين الماضي اعربت الأمم المتحدة، عن قلقها إزاء ما قالت إنها خطة للحكومة العراقية بنقل 1600 نازح داخل البلاد، في إطار سعي السلطات لإغلاق المخيمات بشكل عاجل.

وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون لإنسانية في العراق، مارتا رويدس، “أشعر بقلقٍ إزاء الافتقار إلى التنظيم والتواصل الجيد مع المجتمعات المتضررة والشركاء في المجال الإنساني”. وأضافت “مع الاعتراف برغبة حكومة العراق المعلنة للنازحين في العودة إلى ديارهم في أقرب فرصة ممكنة، يجب أن تتم جميع عمليات العودة ضمن الأطر المتفق عليها مع إيلاء الاعتبار الواجب للمبادئ الإنسانية”.

ويؤيد عبد سلطان عيسى، المسؤول المحلي في صلاح الدين، السرعة في اغلاق مخيمات النازحين خاصة تلك التي تضم عوائل من التي ينتمي احد أفرادها الى “داعش”. ويقول عيسى ان “انتهاكات جنسية وجسدية تتعرض لها النساء في بعض المخميات، كما يحدث في مخيم الشهامة في اطراف تكريت”.

وكان مسؤولون في الانبار قالوا لـ(المدى) في وقت سابق ان مخيم “عامرية الفلوجة” الذي يضم نحو 4500 اسرة، جميعهم من عوائل التنظيم، إنه قد تحول الى اكبر مورد للمخدرات في المحافظة.

طرد عوائل التنظيم

وعن الشرقاط، قال مروان الجبارة المتحدث باسم عشائر صلاح الدين في اتصال هاتفي مع (المدى) إن “السكان في القضاء اجبروا جميع النازحين الذين وصولوا قبل ايام الى الشرقاط على الخروج مرة اخرى”.

واشار المسؤول العشائري الى ان اعداد العوائل قد تصل الى 200 عائلة، فيما بين انهم جاءوا من الموصل ومن مخيم الهول في سوريا القريبة من الحدود العراقية. ونقل الجبارة عن بعض شهود عيان في المنطقة، ان مخيم الشرقاط الذي تم انشاؤه قبل عامين، تعرض لهجوم برمانات يدوية، مما دفع السلطات الى نقلهم الى مخيم “الشهامة” الذي تجمع سكان من تكريت لطردهم ايضا.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها مهاجمة العوائل النازحة التي ينتمي احد افرادها الى “داعش”، فبعد تحرير القضاء ظهرت وحيدة او “ام هنادي” وهو الاسم المعروف عنها في القضاء، في مقاطع فيديو، وهي تقود مسلحين يحملون عائلات مقاتلي داعش في شاحنات لطردهم خارج القضاء.

وقالت ام هنادي في تلك المقاطع ووراءها يقف مجموعة من المسلحين يحملون بنادق “شرف لي أن أطهر وأنظف الشرقاط (…) هذه عوائل الدواعش في السيارات نعاملهم بمثل ما عاملونا”.

في لقاء مع “شبكة السي إن إن”، عام 2016، قالت إنها تعرضت لـ6 محاولات اغتيال، لكنها عازمة على مواصلة “طريقها الجهادي”. وورد اسمها في أحد تقارير (هيومن رايتس ووتش) كأحد المسؤولين عن التهجير في صلاح الدين. بالمقابل يقول مروان الجبارة الذي يقود شقيقه فصيلا مسلحا تابعا لهيئة الحشد الشعبي في شرق تكريت، ان “الحكومة لا تملك خطة لدمج عوائل التنظيم مع المجتمع، وهناك حلول فردية لهذه المشكلة”.

ويذكر الجبارة ان المدينة التي يسكن فيها وهي قضاء العلم، كانت قد استقبلت من قبل عشرات العوائل التي ينتمي احد افرادها الى “داعش”، وهم الآن يعيشون بسلام، لكنهم مراقبون بشكل دائم من العشائر هناك.

وبدوره يشير عبد سلطان عيسى الى ان “بعض الجهات ركبت موجة رفض عودة النازحين لأغراض سياسية”، معتبرا ان الحل هو ادخال تلك العوائل الى المدن بشروط وبكفالة العشائر بدلا من ان يبقوا معزولين وقد يتحول الاطفال الى “جيل جديد لداعش”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here