كتل سياسية معارضة ولكنها تواصل تحكمها بمفاصل الدولة

دكتور/ علي الخالدي

تكاثرت في الفترة الأخيرة الكتل السياسية المعارضة الغير معروفة الأهداف والبرامج ( إن وجدت!!!.) , إذ بعد أن تبنت نهج المحاصصة الطائفية والإثنية إستشاطت للدفاع عن مظلومية الطائفة والمذهب ، وخاصة بعد ما هيأت المليشيات المنفلتة مستلزمات حماية ظهورها ، فوجد البعض منها من الإنفلات الأمني وعدم معارضة المحتلين لنهجها غير الضامن لمصالح الشعب والوطن ، فرصة مواتية لزرع رجالاتها ومؤيديها، وبعض رجال الدين في كافة مفاصل الدولة الإدارية والامنية ، على اساس محاصصاتي طائفي سياسي ، لتتحول مهمة تلك المؤسسات غلى تسويق مايراد منها لصالح الكتل وأحزابها الإسلامية ، فإنتشر الفساد في أعلى سلطة الدولة ، محدثا فوارق طبقية في المجتمع ، فقراء يزداد فقرهم وأغنياء يزداد غناءهم ، وبمرور الوقت أصبح القضاء على هذه الظاهرة شبه مستحيل ، خاصة وإن ، كتلا سياسية أقدمت حاليا على تشكيل كتلا سياسية معارضة ، هدفها تقويم عمل الحكومة ، لكنها بقيادة نفس الوجوه من قادة الكتل التي حكمت العراق بعد 2003 . وقامت بتجيير مردودات إسقاط الدكتاتورية لصالحها و لصالح أحزابها الإسلامية ، دون تحقيق اي مكسب للجماهير التي قارعت الدكتاتورية وقدمت التضحيات في سبيل إسقاطها ، إذ لم تر منهم ويسمعوا سوى الوعود التي قطعوها على أنفسهم ، بتلبية مطاليبهم وتحسين مسار حياتهم اليومية . فلم يتحقق ما طالبت به ايام الجُمع في ساحات التظاهر ، بل مارست (الجماهير) حياتها اليومية في ظل تردي الخدمات البيئية والمعاشية لها ، بينما شاهدت تواصل تراكم ملكيات رؤوساء الكتل ومحسوبيهم المنقولة وغير المنقولة عبر فسادها وبالسحت الحرام ، وهي تواصل تعاضم قبضتها على مواقع القرار

ففي مجال الأمن الحياتي وسيادة القانون لم يُحرز تقدم واضح ، ولم تلمس الجماهير من قادة الكتل سوى تقولها بمكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين ، لكنها لم تُحرك ساكننا في هذا المجال ، في وقت كثر كلام قادتها عن الديمقراطية الهشة التي وفرتها للشعب (وفي الحقيقة فرضها المحتل) دون أن يطوروها لتشمل كافة الأصعدة الحياتية للمواطن ، بينما بقينا نحن في المهجر نلوك بالمطالبة مع جماهير شعبنا بتغيير وإصلاح حقيقي يؤدي لبناء دولة مدنية ديمقراطية ، ونعري فشل الحكومات المتعاقبة في قيادة العملية السياسية ، وخاصة بعد أن قُطعت سبل عودتنا للوطن ، فحرمنا من خدمة شعبنا فعليا . بينما راح المراقبون للوضع السياسي في الداخل والخارج يتساءلون ، هل أن الكتل المعارضة ضد الحكومة الحالية!!؟؟ ، التي ورثت تراكمات بجانب ما تراكم عليها من مطالبات شعبية لم تجد أذانا صاغية من قبل الحكومات المتعاقبة

إن ما تأخذه جماهير شعبنا على الكتل المعارضة ، هو أنها لم تخطو خطوة واحدة لمحاربة سماسر الفساد والمحاصصة من بين صفوفهم اولا ، فهم لوحدهم مسؤولون عن بقاء الأوضاع المعاشية السيئة المورثة من الدكتاتورية ، وبعض قوانينها التي يُعمل بها والمحبطة لإرادة الشعب والوطن . معوقون مسيرة إقامة دولة المجتمع المدني التي تُطالب بها جماهير شعبنا ، مما يضعنا أن نتسائل علام الكتل المعارضة للحكومة في الوقت الراهن ؟!!، بينما لا زالت تضع أصابعها على مواقع القرار ،

فالمرحلة الحالية بحاجة ماسة الى رجال يتميزوا بحس وطني عام وبدراية ومعرفة بما تريده الجماهير ، مع إمتلاك إمكانية فعلية وعملية لحل مآسي الشعب وعواقب تقدم الوطن . يصاحبها عدم معرفة القابضين على مواقع القرار في تبويب حاجات الجماهير ، حيث هناك أمور مهمة ، وفوقها أمور أهم . هذه جدلية يجب توفرها لدي اي مسؤول ، بالإضافة لتملكه آليات مبدأء الحوار الديمقراطي مع الجماهير وإحترام إرادتها ، ولنا في ذلك أمثلة حاضرة في السودان والجزائر

فكل الحكومات الوطنية إسما أيا كان شكلها وكيفية تشكيلها ، تسهر على الإلتزام بتطبيق دستور الدولة في إدارة الشأن العام ،لتأتي بسلوكها السياسي قبولية وتطابق مع مايريده المواطن إلا في العراق ، فالمحاصصة لا زالت معتمدة من قبل الكتل التي تتقول بالمعارضة ، أما ألأسباب والتعليلات التي يختفي وراءها مدعي المعارضة ما هي إلا محطات لكبوات قادمة ترسم لها من الخارج ضمن أجندات معروفة ، وهذا ما يؤكد إصرارهم وترصدهم لبقاء الأوضاع موافية لفسادهم ، ولهذا نرى نفس الكتل التي تدعي المعارضة قد اوعزت لممثليهم في البرلمان على التصويت لرفع القاسم المشترك لإنتخاب مجالس المحافظات إلى 1.9 حتى يعيقوا صعود ممثلي فقراء الشعب من الوصول لقبة البرلمان ، كي يستمر أخراجهم قوانين تتناسب وأهواءهم دون محاسبة ، وما تصاعد التصريحات المتناقضة لبعض مسؤولي الكتل عند إستهداف مخازن السلاح للجيش الشعبي ،التي أغلبها خرجت عن إنفعالات عاطفية ، تطالب برد ناري وبقوة السلاح ، غير مبالين بتحويل العراق لساحة معارك ليس له فيها شأن ، وبنفس الوقت تتضمن المزايدة على الرد التعقلي القاضي بتدخل دولي لإيقاف ما يتعرض له الشعور الشعبي و الوطني للخدش من قبل أعداء مسيرته

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here