أحباب الخفاء وأعداء العلن!!

بعض المجتمعات ذات الأنظمة السياسية المراوغة الحريصة على مصالحها الوطنية , تلعب لعبتها المنافقة مع القوى الكبرى لتمرير أطماعها والحفاظ على مصالحها , أي أن سياستها تتلخص بالمنفعة المتبادلة والمشاركة في إفتراس الهدف المطلوب.

والهدف يتحول إلى دمية بيد القوى المنافقة المخاتلة , التي تتحدى بالعلن القوة التي تتعاون معها وتتودد إليها بالخفاء , وتحقق مشاريعها وبرامجها المطلوبة منها , وتحصل بينهما بين حين وآخر مصارعة لوي الأذرع غايتها خداع المتفرجين , والملعوب على عقولهم والمستعبدين بالإدعاءات والإستعراضات البهتانية التضليلية , الهادفة لسحقهم وتحويلهم إلى أدوات إضافية لتحقيق الأهداف المرسومة , والمرغوبة من قبل الطرفين المتفاعلين بمكر ودهاء ينطلي على المجتمعات المغلوبة والمخدوعة بهما.

والمشكلة ليست بالقوى المُخادِعة والمُضللة وإنما بالقوى المسلوبة الإرادة والسيادة والفاقدة لقدرات تقرير المصير, والمبتلاة بأنظمة سياسية تابعة لهذه القوة أو تلك من القوى الطامعة بإلتهامها , وسرطها بالكامل وهي تمضي إلى حتفها وكأنها تغط في نوم عميق وغفلة دائمة.

فديدن القوى الأرضية صراعات ذات آليات غابية متوحشة شرسة يمكنها أن تخفيها في أوعية نبيلة وسامية وذات أغلفة براقة , تساعد على التسويق الجيد والرواج السريع المتواصل عبر الأجيال المستهدَفة , والأوطان المرهونة بالإنصفاد بقبضة الوحوش الكاسرة.

ويمكننا أن نقرأ الأحداث ونتبين اللعبة الفاعلة فيها , وكيف يتم ترويج ما لا يُعقل وتنمية الغفلة والتجهيل بالحقائق , وما يدور خلف كواليس إخراج الويلات والتداعيات القاسية القاضية بمحق ودمار الموجودات المطلوبة الفناء.

ويساهم أبناء المجتمعات بهذه اللعبة السيئة اللثيمة ويتحولون إلى أعداء أشداء على أبناء بلدهم ووطنهم , ويستعينون بأعدائهم على إخوانهم ويتفاعلون بإندفاعية خطيرة , تؤهلهم لبناء ميكانيكيات وكينونات الدمار الهائل الذي يتحرك بتعجيل متفاقم , ويسعى لصناعة الدوائر المفرغة ذات الطاقة الحركية الذاتية اللازمة لدوام الإهلاك المرير.

كما أن المشكلة تكمن في تعقيدات اللعبة التي تتسبب بصعوبات وعيها والإحاطة بمفرداتها , لأنها ستكون عصية على النسبة العظمى من الناس المُستهدَفين , أما الذين يدركونها ويحاولون كشفها فأنهم يتعرضون إلى مضايقات ومصدات وتسويفات , وخصوصا عندما يكون النهج العام أن يُغمر الواقع بما هو رديئ وسيئ ومشين , حتى ليختلط كل مضادٍ بضده , وتنعدم الرؤية الواضحة وينتفي التمييز ما بين الماء والنار.

وتلك أفظع حرب تواجهها المجتمعات التي أنكرت ذاتها وهويتها , وتحولت إلى بضاعة في مزادات بيع الأوطان وتهجير الشعوب.

فهل من لعبة وطنية تقضي على اللعبة الخفية؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here