بالونات اختبار بشأن طيران الحشد تشعل الحكومة وتدفع الصدر للتهديد

بغداد/ وائل نعمة

أكدت قوى سياسية مشاركة في الحكومة صحة الوثيقة المسربة التي أعلن فيها نائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس،

تشكيل قوة جوية تابعة للحشد، قبل أن يتم التراجع عنها واعتبار الوثيقة مزورة.

وتسبب بحسب بعض التحليلات بيان “التخلي” الذي أعلن فيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إمكانية ترك الحكومة، باصدار هيئة الحشد الشعبي وعلى لسان “مصدر مخول” بيان بعدم صحة تلك الوثيقة.

هذه المرة الثانية في غضون أسبوعين تتوتر العلاقة بين جناحي الحشد الشعبي (فالح الفياض- أبو مهدي المهندس)، بسبب المواقف من التفجيرات المجهولة التي استهدفت ترسانة الحشد في عدد من المعسكرات.

وحتى الآن لم تكشف الحكومة للرأي العام عن نتائج التحقيقات بملابسات تلك الحوادث، فيما اعتبرت بعض القراءات أن إعلان المهندس من جانب واحد تشكيل قوة جوية خاصة بالحشد بأنه رد فعل على تأخر إعلان نتائج التحقيق.

وكان نائب رئيس الحشد، قد أعلن صراحة، نهاية آب الماضي، مسؤولية إسرائيل والولايات المتحدة عن التفجيرات الأخيرة التي استهدفت مخازن الحشد، وهو ما فجر أزمة داخل الهيئة، بعد أن اعتبر رئيس الهيئة فالح الفياض تلك التصريحات بأنها لا تمثل الرأي الرسمي للهيئة.

وتعود جذور الخلاف والتمرد من قبل بعض الفصائل على الحكومة ورئيس الهيئة إلى الشهرين الماضيين، وهو ما دفع الفياض نهاية تموز الماضي للطلب من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تمديد قرارات تنظيم الحشد.

وقالت تسريبات آنذاك إن وراء التمديد هو رفض بعض الفصائل الانصياع إلى أوامر عبد المهدي، والتي حاول فيها فك ارتباط الفصائل المسلحة بالحركات السياسية وإذابتها داخل المنظومة الأمنية، في وقت كانت فيه الاتهامات تتصاعد ضد القوات الأمريكية العاملة ضمن التحالف الدولي في العراق.

بدر الزيادي وهو نائب عن تحالف سائرون المحسوب على مقتدى الصدر، قال أمس في تصريح لـ(المدى) إن “الوثيقة صحيحة باعتراف عدد من القيادات السياسية وسائرون التي اعترضت على هذا الإجراء”.

وأضاف الزيدي وهو عضو أيضا في لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب: “هناك عدم تنسيق داخل هيئة الحشد الشعبي أو أن الهيئة تطلق بالونات اختبار ثم تعود لتتراجع عنها”.

مساء الخميس الماضي، قال الصدر في تغريدة جاءت بعد وقت قصير من إعلان إبو مهدي المهندس تشكيل قوة جوية تابعة للحشد، نشرها على حسابه في تويتر: “يعد ذلك إعلانا لنهاية الحكومة العراقية، كما يُعد تحولا من دولة يتحكم بها القانون إلى دولة الشغب”.

وأضاف الصدر “إذا لم تتخذ الحكومة إجراءاتها الصارمة فإني أعلن براءتي منها”. وذيل تغريدته بهاشتاك (سلاما موطني) ووصف نفسه بـ “المُعزي والمُعزّى”.

حرب الوثائق

بعد ذلك بوقت قصير تسربت وثيقة سابقة صادرة من مكتب القائد العام للقوات المسلحة، تلغي استحداث هيئة الحشد الشعبي لأي تشكيلات جديدة للحشد دون موافقة القائد العام، وهو ما اعتبر ردا على وثيقة المهندس.

وجاء في كتاب سري وشخصي من سكرتير مكتب رئيس الوزراء إلى هيئة الحشد الشعبي- مكتب رئيس الهيئة بتاريخ 2018/8/21: “وجه رئيس الوزراء بإلغاء مضمون كتاب هيئة الحشد في 18/8/2018 وضرورة الالتزام بالقانون والتعليمات التي تقضي عدم تسييس هيئة الحشد الشعبي وعدم إلغاء أو استحداث تشكيلات إلا بعد استحصال موافقة القائد العام وبخلاف ذلك تتحمل الجهات ذات العلاقة المسؤولية القانونية”.

وأكدت الوثيقة “عدم تحريك أي تشكيلات إلا بعد التنسيق الكامل مع قيادة العمليات المشتركة وتحصيل موافقة القائد العام للقوات المسلحة على وفق السياقات المتبعة”، فيما لم تعرف أسباب صدور هذا الكتاب في ذلك الوقت.

وعلى إثر التطورات الأخيرة، نشر موقع هيئة الحشد الإلكتروني يوم الجمعة الماضية، بيانا على لسان “مصدر مخول” داخل الهيئة لم يذكر اسمه أو صفته، نفى فيه صدور قرار بتشكيل قيادة للقوة الجوية في الحشد الشعبي.

ولم تعقب الحكومة أو رئيس الهيئة فالح الفياض حتى الآن بشكل رسمي على تلك التسريبات. بدوره قال محمد البلداوي وهو نائب عن عصائب أهل الحق (صادقون) لـ(المدى) إن “جهات زورت وفبركت قضية تشكيل قوة الحشد للإساءة لسمعة الحشد وإثارة الفتنة بينها وبين القوات الأمنية”.

وكانت الوثيقة المسربة والتي تحمل توقيع نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي جمال جعفر “أبو مهدي المهندس” والتي صدرت الخميس الماضي، قد استندت إلى أمر ديواني صادر في فترة حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي قبل 5 سنوات.

وأكدت الوثيقة “استناداً إلى الأمر الديواني المرقم 79 لسنة 2014 والمبلغ إلينا بكتاب مكتب رئيس الوزراء والمؤرخ في 2014/9/8 وللصلاحيات المخولة إلينا ولمقتضيات المصلحة العامة نسبنا تشكيل مديرية القوة الجوية ويكلف صلاح مهدي حنتوش مديراً للمديرية بالوكالة للتنفيذ من تاريخه أعلاه”.

ويرى محمد البلداوي، النائب عن العصائب، أن اختيار اسم حنتوش في الوثيقة “المفبركة” هو ضمن الهجمة الإعلامية الموجهة ضد الحشد. والأخير، بحسب بعض التسريبات، مشمول بعقوبات الخزانة الأمريكية التي فرضت قبل 7 سنوات، بتهمة الإرهاب وتهديد مصالح الولايات المتحدة.

وجاء اسم صلاح مهدي حنتوش مع شخصيتين عراقيتين وثالثة إيرانية اتهموا في 2012 بالإرهاب أيضا ضمن قوائم الخزانة الأمريكية، وهم كريم جعفر محسن الغانمي وهو من أهالي العمارة ومن مواليد عام 1968، ورياض يونس جاسم الحمداوي، ومن مواليد بغداد 1974، والإيراني محمد وهو من مواليد 1964 .

ورغم ذلك يقول البلداوي إن “من حق الحشد كما الجيش والشرطة أن يكون له فوج مدرعات وقوة جوية”.

وفي شباط الماضي كان الحشد قد أعلن اثناء حفلة تخرج لمجموعة من المقاتلين في صنف البحرية عن تشكيل النواة الأولى للقوات البحرية التابعة للهيئة، لكن لم تعمل هذه القوات حتى الآن بحسب نواب عن البصرة.

لكن بدر الزيادي، عضو لجنة الأمن في البرلمان أشار إلى أن تلك الإجراءات سواء تشكيل قوة بحرية أو جوية ستعني “وجود دولة داخل دولة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here