محنة أمة في أمة محنة!!

محنٌ تتوافد وأمة تمضي في غياهب النواكب الضاربات العاصفات في أرجاء وجودها المتخرّب المتحزب المتمذهب المتخنع المتفرق المتمزق المتصارع والموالي لأعدائه الأشراس , والأمة كأنها تستلطف مواجعها وتستثمر فيها فيتنامى نزيفها , وتتسع ميادين خسرانها وإتلافها المرير.

كأن الأمة تتربص المحن وتودها وتسعى إليها بطاقات أجيالها , وما فيها وعندها من الموروثات والثقافات والثروات , ولا تجدها جادة أو متطلعة لتذليل الصعوبات وتفتيت المعوقات وتبديد الصولات , فكل قضية في بدنها تبدو مزمنة وسرطانية الطباع والتفاعلات , فلا قضية مهما كانت صغيرة أو كبيرة تمكنت من حلها وتجاوزها والخروج من قبضتها.

إبتداءً من قضيتها الكبرى الأولى وحتى ما تراكم وتوالى من قضايا معاصرة , محاصرة لحركتها ومقيدة لتكونها وتفاعلها الحر المجيد.

أمة قانطة والأمم بأبنائها وبقادتها , وإذا فسد أولي أمر أية أمة فأن الفساد يعم أرجاءها ويتملك أبناءها , وما أن يحل الفساد في الأمة حتى ينهكها ويفرغها من مداد حياتها ونجيع وجودها , فتتهاوى متهالكة خاوية على عروشها , فتدوسها سنابك المتأهبين للقبض على مصير الآخرين.

وأبناء أمتنا معظمهم يدورون في دوائر مفرغة من الويلات والتداعيات , وتجدهم بلا قدرة على التأثير في بناء الحاضر والمستقبل , وإنما أكثرهم في مهب الريح , لا يستطيع تأمين سلامته وتطوير حياته لأنه في مواطن متداعية.

والأمة تهب عليها عواصف الغابرات وتدمرها أعاصير الفئويات والتحزبات , بعد أن تخلت عن مواطنها ومواضعها , وألغت الوجود المادي والجغرافي اللازم لتفاعلها , وسبك ما فيها في صيرورة إنصهارية فولاذية الطباع والتحديات.

ولكي تنهض الأمة وتستعيد قدرات الحياة والتنافس والتفاعل الحضاري , لا بد لأبنائها أن يتيقظوا ويستنهضوا ما فيهم من طاقات الكينونة والحياة , ويتواصلوا بإرادة مؤمنة بأنها ستكون وتتحقق , وهذا يعني لا بد من الخروج من قبضة التصاغرات والإذلالات والهوانات والتبعيات , وأن تكون التبعية مطلقة للوطن ومصالحه وإرادة مواطنيه أجمعين , وبدون هذه الروحية فأن الأمة ستبقى في دائرة النزيف العارم , الذي سيجفف عروقها ويلقيها على قارعة دروب الويلات الجسام والنواكب العظام , وأعداؤها سعداء بما آلت إليه وإنزلقت من الحطام والإنقصام.

فهل من قدرات لإخراج الأمة من محنها , والأخذ بجوهر وجودها إلى علياء أكون؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here