قوارير ام حريم للسلاطين ..

* د. نداء الكعبي ..
ذات يوم وجه احد الاساتذة الأفارقة لي سؤال بإستغراب: اراك تتحدثين بأعجاب عن تجربة تمكين المرأة الافريقية، وانت تنتمين لبلد علّم الدنيا الكتابة، وهو بلد الحضارات ومرقد الانبياء والاوصياء!
حقيقة استوقفتني عبارته، واشعرتني بالحرج من سؤاله، ولم اعرف كيف ارد عليه! نعم انا من بلد عشتار وتموز وكلكامش وحمورابي، نعم انا من بلد النهرين دجلة والفرات، عراق الحضارات والقيم.
لكن؛ اين انا فيه ؟ اين مكانتي السياسية والاجتماعية في بلدي؟ واقصد انا كامرأة تشارك الرجل دوره في ادارة دفة البلد وكيف لا تشاركه وهي لا تقل عنه فكرا ووعيا وتعليما وثقافة !
لكننا عندما ننزل الى ارض الواقع تجدني غير ممكنة، ففي افريقيا التي سبقتها بسنين طويلة من الاستقلال والتحرير والغنى، فانا املك ثروة اقتصادية، وأُعدّ من البلدان الغنية، سبقتني تلك البلدان بأشواط في تمكين المرأة، ورسخت المرأة الافريقية دورها بقوة؛ كرئيسة جمهورية كما في اثيوبيا، او وزيرة دفاع، او وزيرات، أونائبات ..
وتداهمني الأسئلة، ففي برلمان بلدي لدي عدد من النائبات، لكن؛ هل هو هذا مستوى طموحنا؟ ان تمكن المرأة بنسبة ٢٥ %! ودورها ينحصر كونها (كوتة)، جاءت للضرورة، مكملة للعدد؛ وطبقتنا السياسية كما تعودنا عليهم: مصالحهم الانية اولا، وجلّ اهتمامهم لذلك، حتى في موضوع الترشيح والتمكين يبحثون عن المرأة الضعيفة التي تقول: حاضر، ونعم، حتى تمرر لهم مصالحهم المقيتة!
أضف الى ذلك، نظرتنا للمرأة؛ فقد انحسرت نظرتنا لها فقط كونها انثى، لم نعد نحترم عقلها او مستوى تفكيرها، وبخاصة اذا كانت ارملة او مطلقة!!، فهذا هو المطلب المهم، فبدلا من ان نحافظ على هذه القارورة التي حكمت عليها ظروف بلد متعدد الحروب والاهوال، ان يصل بها الحال الى ان تترمل، او أن تكون مطلقة بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها البلد، تتحول هذه المشاكل الى مدعاة للطمع بها تحت مسميات مختلفة، يتم تبريرها باطارات دينية قد تكون شرعية في احيان كثيرة، لكننا نكيفها لمصالحنا الضيقة، ومثل هذا ينسحب الى مجال العمل، او عند مراجعة دوائر الدولة، وفي احيان اخرى نذهب لأبعد من ذلك، فقد تباع نساؤنا كالجواري، كما بيعت على يد داعش !
وما يقلقني مرارة التساؤل؛ أليست المرأة نصف المجتمع واكثر؟ وهي القارورة التي اوصى بها نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، أيصح ان تكون واحدة من حريم السلطان للسيد الرجل؟ ام ان دورها الحقيقي يجب ان يكون ابعد من ذلك فتكون وزيرة وقائدة وام ومربية! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here