جدوى مجالس المحافظات وعدم جدواها

جاسم الحلفي

لو أجري استطلاع رأي مهني، يتوجه فيه باحث جاد الى أية شريحة اجتماعية ويختار منها عينة، ويضع في استبانته خيارين: جدوى مجالس المحافظات وعدم جدواها، لما جاءت الغلبة حسب رأيي الا للخيار الثاني: لصالح عدم جدوى هذه المجالس. وللناس حق في ذلك، فهذه المجالس لم تحقق ما ادعت القيام به، وظل التلكؤ والفساد والانشغال بالمصالح الخاصة هو الطاغي في عملها، والصراع يدور في اروقتها على المناصب والامتيازات وصفقات عقود المشاريع، بعيدا عن المصلحة العامة، وبما لا علاقة له بواجبها الاساسي الذي نص عليه قانون المحافظات غير المنتظمة باقليم ذي الرقم 21 لسنة 2008، وحدده بتشريع الأنظمة والتعليمات وتنظيم الشؤون الإدارية والمالية للمحافظة، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية وبما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية. اضافة الى الدور الرقابي على اجهزتها التنفيذية.

ان للناس الحق في الامتعاض من مجالس المحافظات، والنظر اليها كحلقة زائدة لا فائدة منها، بعد ان تعددت فضائح وشبهات الفساد التي مست العديدين، رغم ان فلسفة وجود هذه المجالس دستوريا ارتبطت بمغادرة نظام الحكم المركزي وبناء نظام اتحادي لامركزي.

هناك من يحاجج بضرورة بقاء مجالس المحافظات، التزاما بالدستور الذي اقر مبدأ اللامركزية الإدارية. وكما نصت المادة 122/ثانياً “تمنح المحافظات التي لم تنتظم في إقليم الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة، بما يمكنها من إدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، وينظم ذلك بقانون)، فيما يرد الاخرون عن ذلك بادراج مواد دستورية عديدة تم خرقها او ارجأ تنفيذها، ومنها على سبيل الحصر ارجاء انتخاب المجلس الاتحادي. كما ان مجالس المحافظات الحاليّة انتهت دورتها القانونية التي امدها اربع سنوات، وكان ذلك في حزيران عام 2017. وان تمديدها الحالي، وان جاء عبر قرار من مجلس النواب، يعد خرقا دستوريا.

لم يتوقف مجلس النواب وقفة جدية في كل دوراته، امام موضوعة اللادور لمجالس المحافظات، انما انشغل بتعديل قانون مجالس المحافظات غير المرتبطة باقليم او قانون انتخاب مجالس المحافظات، او كليهما معا. حيث لم تمر دورة واحدة من دورات مجلس النواب دون ان يجرى خلالها تعديلا ما، بهدف ترسيخ السلطة والهيمنة والاستحواذ على هذه المجالس وعلى مناصب المحافظين. وكأنهم بهذا يؤكدون نزعة الهيمنة على المجالس وعدم السماح ببقاء اموالها بعيدا عن سطوتهم، بعدما هيمنوا على السلطات الاتحادية وما لها!

ان جميع التعديلات التي ادخلت على القانونين المذكورين لم تحصل على غير التقييم السلبي، ذلك ان الصراعات الجارية في ظلها في هذه المجالس لا تدور حول افضليات تقديم الخدمات للناس، بل حول فرض ارادات واجندات حزبية ضيقة، وطائفية مقيتة، وشخصية بحتة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here