المرجع الخالصي يؤكد ان مشروع الامة يتجلى بالوحدة وإيقاف المعارك والحروب وانهاء الفتن في دول العالم العربي والإسلامي

Image preview

المرجع الخالصي يدعو العراقيين إلى اجتماع وطني عام لتخليص العراق من المحنة ومن الاحتلال

قال المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ جواد الخالصي (دام ظله)، خلال خطبة الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 13 محرم الحرام 1441هـ الموافق لـ 13 أيلول 2019م، ونحن ندخل في هذه السنة الهجرية الجديدة يجب ان نسأل انفسنا: ما الذي جنيناه من محصلات السنين الماضية، ومن الذكريات العظيمة التي مرت علينا؟!، وكيف نواجه المرحلة القادمة من المراحل التي تستجد وتمر على امتنا؟!.

هل ازدننا إيماناً وتقوى؟، هل عملنا من أجل بناء أوطاننا، ومن أجل تنظيف انفسنا من الدرن الداخلي، وتنظيف اجوائنا من الدرن الخارجي؟، هل علمنا من أجل بناء دولة مستقلة، وحكومة رشيدة تحارب الفساد وتنقذ البلاد والعباد؟، هل تمكنا من تقديم بعض الفاسدين إلى المحاكمات؟، أم ازداد الفاسدون فساداً، وتخلّص المذنبون من المتابعات والعقوبات، ومنحت المكافآت في ظل الاحتلال الامريكي وتحركات سفيرهم في هذه البلاد لدعم القوى والجهات المرتبطة به؛ من خلال اعطائهم أموال الناس، وسلب الخيرات من الفقراء لتوضع تحت تصرف هؤلاء؟!.

هل كانت ذكرى عاشوراء ملهمةً ومحرّكة لنا؟، هل نحن على نهج محمدٍ وأهل بيته الطيبين الطاهرين، والصحابة الأخيار المنتجبين؟، أم نحن في طريق آخر لا يرتبط هذا الطريق بطريق الرسالة التي شاءها الله لعباده والتي فيها النجاة والخلاص؟!.

هذه تساؤلات يجب ان تطرح في كل وقت وفي كل زمان، وبين الانسان ونفسه، وبين الانسان واخوته ومجتمعه، لكي نكون جادين في معرفة الحق والثبات عليه، ولكي ننتقل من أوضاعنا المأساوية إلى أوضاع أخرى يمكن أن تشكّل بداية لتحقيق الأماني لهذه الأمة.

وأوضح سماحته (دام ظله) ان العبرة من احياء عاشوراء ان تكون لنا بالحسين وبرسول الله واهل بيته اسوة، ورسول الله (ص) هو الاسوة العظمى (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب:21)، والحسين (ع) سار على نهج جده وأبيه، واتبع هذا المنهج ليكمل المسيرة؛ فيكون لنا اسوة في رفض الظلم ورفض الانحراف عن الدين ورفض التسلط الجاهلي، فكيف إذا كان التسلط صليبياً ماسونياً كافراً، يعبث بمقدراتنا وبثقافاتنا وبأفكارنا وبشبابنا وبوجودنا؟!.

الذي حصل في كربلاء يوم العاشر من المحرم كارثة مأساوية كان يجب ان يخطط لتجنبها، وهنالك نصائح وارشادات قدمت سابقاً وتقدم الآن لكي لا تحصل مثل هذه الكوارث، فنحن لا نريد ان يساء إلى الشعائر الحسينية بحدوث أحداث من هذا القبيل، والعبرة ان الكثير من الناس يعلمون ان هذه الاحداث جرت في الماضي، فكان يجب ان يتجنب حصولها في مثل هذه الاوضاع، لأن أية شعيرة، أو أي عمل صالح يجب ان لا يؤدي إلى ازهاق ارواح الناس، فكيف بما يفسح المجال لتوجيه الانتقادات وتوجيه الاساءات إلى شعائرنا المقدسة.

وفي الشأن السياسي قال سماحته (دام ظله) : نلاحظ هذا التصعيد الذي يجري في المنطقة، فإن رئيس وزراء الكيان الصهيوني –العدو الألد لهذه الأمة- يحاول ان يستفيد من هذا التصعيد للحصول على اصوات الصهاينة المتعصبين في داخل كيانه الزائف والزائل بإذن الله تعالى، وآخر ما صرّح به هو انه سيضم غور الاردن إلى الكيان الصهيوني إذا فاز بالانتخابات، هذا كله للتهييج والتهريج، ولكن أين اصوات الامة؟!، نعم، حصل رد فعل أكثر مما كان يجري في الماضي، ولكن هنالك مشروع للأمة وهنالك مشروع لأعداء الامة، والمطلوب هو المشروع الذي يشمل الامة كلها.

وأكد سماحته (دام ظله) على ان اجتماع الشعب العراقي أمرٌ ضروري لتخليص العراق من الاحتلال، ولا يكون هذا الاجتماع طائفياً، وانما اجتماعٌ وطني عام، وكل خطوة تسير في هذا الطريق، -اي في الالتفاف حول الراية الإسلامية والاجماع الوطني– ستكون السبيل لنخرج من هذه المحنة التي نعيشها، أما التقلب والولاءات التي تجري بإسم الطائفية أحياناً، وبإسم المصالح الخاصة الضيقة أحياناً اخرى، فهي تشكّل حالة من حالات الازمة التي رأيناها بأشكالها المتعددة.

وتابع قائلاً: مجرد الوصف والشكوى لا يخرجنا من المحنة، وهذا أمر بديهي، وإنما العمل هو الذي يعين ويساعد على الخروج من هذه المحن، وإذا كان الجميع يقولون: نحن مكرهون على البقاء في هذه الاجواء وقد فشلنا وتجرعنا السم بممارستها، فعليهم مواجهة هذه الحالة والخروج من هذا الجو الذي فرضه عليهم المحتلون ومخططاتهم.

ولفت إلى ان مشروع الامة ليس ايرانياً، ولا تركياً، ولا سعودياً، ولا خليجياً، ولا يمثل أية جهة منفردة؛ مشروع الامة ليس مستغلاً من قبل جهة أو طائفة أو فئة محددة، بل ان مشروع الامة يمثل الامة كلها، وهذه الدول التي ذكرناها وكل دول العالم الإسلامي شريكة في مشروع الامة؛ بشرط ان تكون جزءً من المشروع ولا تكون هي مهيمنة او مستغلة لهذا المشروع، ومشروع الامة واضح يتجلى في امور عديدة وعظيمة.

وأضاف: وأول تجليات مشروع الأمة هو الوحدة؛ فمن يريد ان يقيم للامة مشروعها يجب ان يباشر عمله الصحيح من أجل المشروع الصادق لهذه الامة وليس المزيف والكاذب؛ لإزالة الفواصل وتخفيف الإحتقانات؛ والخطوة الأولى في ذلك هي إيقاف المعارك والحروب التي تجري في اليمن وسوريا، وانهاء الفتن في دول العالم العربي والإسلامي.

وتابع قائلا: وحدة وطنية إسلامية عامة، وهي ايضاً دعوة للوحدة بين الاقطار؛ كفانا تفرقاً واختلافاً وصراعاً؛ فدول دول الخليج تختلف مع دول أخرى، ثم تختلف فيما بينها، والعراق أدخل في حروب فيراد له ان يستمر في داخل هذه الحروب، وتركيا ادخلت في ازمة الوضع الداخلي وفي ازمات بلاد الشام، وما زالت تقع في اخطاء كبيرة بسبب الدور الأمريكي السيء الذي يريد احياء مناطق في شرق الفرات تضم ما يعرفون بالإرهابين وغيرهم من القوى الناتئة التي تدعو إلى التقسيم، فنحن في هذا الطريق ايها الاخوة المؤمنون يجب ان ندعو إلى وحدة داخلية، ووحدة مجتمعية، ووحدة وطنية، ووحدة سياسية بين دولنا المختلفة.

واعتبر سماحته ان محاولات ايجاد مناطق آمنة مع الامريكان في أي مكان كان؛ يهدف إلى تمزيق الأمة وتحطيمها، لأن الأمريكان لا يريدون خيراً لهذه الأمة.

وأشار إلى ان التكامل بين الدول سينفع الجميع، وعلى الجميع ان يسعى لتحقيق هذا الأمر في المنطقة؛ لان الزمان هذا هو زمان التكتلات الكبرى، ولا تستطيع أية دولة ان تعيش منفردة، صغيرة كانت او كبيرة، فكيف بالدول الجزيرية الصغيرة المتقطعة هنا وهناك في الخليج وفي غير الخليج؛ العراق مع عظمه وكبره يجب ان يتكامل مع دول الجوار الاخرى، ويسعى لإيجاد محور في المنطقة يقوم بخدمة أبناء الامة ويدافع عن رسالتها وعقيدتها.

ودعا سماحته (دام ظله) إلى ايقاف ازمات الاستبداد والانحراف عن الاسلام، سواء كان هذا في الحجاز او في البحرين او غيرها، التي ارتبطت بالمشروع الصهيوني بسبب ضعفها وتخاذلها.

كما ودعا سماحته (دام ظله) إلى ايقاف المشاريع الطائفية في كل مكان، لأن ذكرى الحسين (ع) توحدنا ولا تفرقنا، وهي ليست لطائفة دون أخرى، ولا لجماعة دون جماعة، وهذا هو الاسلوب الحقيقي الذي يجمع الامة يوحدها، وهذا اساس الاتباع الحقيقي لكتاب الله وسنة رسوله (ص).

وختم سماحته قائلاً: حين يكون للأمة مشروعها فإنها ستكون قادرة على تحقيق شروط نهضتها، وحين يتحكم العلماء والفقهاء والمثقفون وأهل الاختصاص الواعون في كل شأن بفواصل مسيرتنا؛ سنكون قادرين على السير في الطريق الصحيح، ونكون مؤهلين لمواجهة المتطلبات في المراحل القادمة، اما اذا بقينا مشتتين، يعمل بنا أهل الفتنة، وتفرقنا الاهواء والضلالات، وتسيّرنا البدع والخرافات، فلا أمل من مواجهة صحيحة مع متطلبات المرحلة القادمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here