فلسفة العلي الأعلى في الحكم

الكاتب / عزيز الخزرجي
حين وصل عليٌّ(ع)الكوفة بعد ثورة المسلمين على الخليفة الثالث, ثمّ قتله من قبل ثُوّار مصر ألذين إلتحقوا بثوار المدينة بسبب الفساد المالي و الأداري و الأقتصادي و السياسي الذي دبّ في أركان الأمبراطورية الأسلامية وقتها, و بعد ما مَلّ عليّ (ع) نفاق أهل مكة و المدينة الذين تشرّبت نفوسهم بآلجّهل و التعصب و النفاق حتى فقدوا بمرور الزمن تلك العاطفة العقائدية التي زقها رسول الأنسانية في نفوسهم بسبب سياسة و ثقافة الولاة ألغير الكفوئيين ألذين إستنزفوا تلك الطاقة الأيمانية بآلمناسبة للفتوحات التي ما خدمت الرسالة ولا البشرية فيما بعد, و كما نشهد تلك البلاد اليوم حيث أصبحت مراكز للمستكبرين و بؤر لفساد الحكومات بظواهر و منائر إسلامية!
قال الأمام عليّ(ع) بعد وصوله أرض العراق, و هو يؤشر على قميصه مُخاطباً الحضور في مسجد الكوفة و منوهاً بإشارته تلك للفساد المالي الذي عجّ رائحته المدن و الأمصار حتى سمع به البعيد و القريب بسبب مّن كان خليفة من قبله, حيث قال:

[يشهد الله أنّها القطيفة التي خرجتُ بها من أهلي في المدينة, وإن خرجتُ بغيرها منكم فأنا لكم خائن].
و طوال خلافته لم يشتري ثوباً جديداً ولم يأكل لقمة إضافيه ولم يستلم درهما أكثر من غيره في حصته من بيت المال ولم يسكن قصراً أو حتى بيتاً و إنما إتّخذ جانباً من مسجد الكوفة سكناً له, بل تساوى حقوقه مع حقوق أيّ فقير في الأمة سواءاً كان مسلما أو يهوديا أو مسيحياً, تلك السياسة العلوية العُليا خلقت له أعداءاً كُثر, حتى قال أحدهم حين سألوه لماذا تركت الكوفة إلى حيث الشام؟
أجاب: [هربتُ من عدل عليّ(ع)]! هكذا كان آلعليّ الأعلى في سياسته و حياته و أخلاقه الكونيّة, و لهذا وصفتهُ بآلعليّ الأعلى كحقّ طبيعي, لأنهُ حقّق مُراد مولاه وعَبَدَهُ حقّ عبادته بآلمعرفة فصار كمثلهُ يقول للشيئ كُنْ فيكون وهذا ما أكدته الأحاديث القدسية(1)!

فهل مسلمي العراق أو غيرهم اليوم في بلاد المسلمين من الذين يحكمون في دولهم قد فعلوا ما فعله إمامهم العظيم العلي الأعلى و الأعلى من الأعلى لأنه بشر إرتقى سلم الألوهية بينما الأله كان إلاهاً من الأزل, وعارُ على الذين يَدّعون حُبّهُ و مولاتهُ و نسبهُ ويعملون العكس, رغم إنّ الفيلسوف الصدر جسّد سيرته بروحه و عمله وموقفه, ونُعذّرغيرهم(كأنفسنا آلسّنة) لأقتدائهم بمن خلطوا الحرام و الحلال و حللوا الفساد باسم وغطاء الأسلام, ولهذا لم يرتاحوا للصّدر ألاعلى خوفاً على دكاكينهم فغدروا به كي لا يكون خميّنيا آخر!؟

ألمسلمون حتى “الشيعة ألشنيعة” منهم رغم إدّعائهم بآلأنتماء للعليّ الأعلى قد نهبوا الملايين و المليارات بلا ضمير و سكنوا شرقا و غرباً في قصورهم التي إشتروها بمال المسلمين, ليبدؤا صفحة عار جديدة و بلا حياء و خجل بآلكتابة عن بطولاتهم الكارتونية ألكاذبة!؟

فهل هؤلاء مسلمون .. ناهيك عن كونهم شيعة!؟
لأنّ ألشيعي الحقيقيّ بإختصار: هو ذلك آلكونيّ الذي وصفه الأمام الباقر في آلحديث ألمعروف عن جابر بن يزيد الجعفي(2) لا غير.
ألفيلسوف الكونيّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الله تعالى: [عبدي أطعني تكُنْ مثلي, تقول للشيئ كُنْ فيكون]. و هناك أحاديث أخرى لا مجال لذكرها و آلتوسع فيها.
(2) ورد عن ألكافي للشيخ الكليني في الجزء الثاني – الصفحة 74, مطبعة دار المعارف, ط3.:
[أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، وأحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعا عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
قال لي: يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع, أنْ يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلّا من إتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء.
قال جابر: فقلتُ – أي قال جابر نفسه للأمام(ع):
يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة، فقال: يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول: أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا؟
فلو قال: إني أحب رسول الله فرسول الله (صلى الله عليه وآله) خير من علي (عليه السلام) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عز وجل [وأكرمهم عليه] أتقاهم وأعملهم بطاعته، يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار, ولا على الله لاحد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع].

أ لا لعنة الله على كلّ من يدعيّ التشّيع وفي بطنه و بيته و لبياسه و أمواله حقّ معلوم للفقراء و المساكين و المواطنين معه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here