قراءة في كتاب الحرب النفسية في القرن الحادي والعشرين

د. أكرم فرج الربيعي
يطرح كتاب الحرب النفسية في القرن الحادي والعشرين لمؤلفه الاستاذ الدكتور عبد الرزاق الدليمي تساؤلا جوهريا مفاده : هل تغيرت اساليب الحرب النفسية في القرن الحادي والعشرين عما كانت عليه في القرن الماضي ؟

ويحاول هذا الكتاب تقديم تغطية شاملة للإجابة عن هذا السؤال عبر ستة فصول رئيسة تضمنها ، اذ ناقش هذا الكتاب في فصله الاول الدعاية والشائعات والرأي العام وما يرتبط بها من مصطلحات اخرى تصب في مصب الحرب النفسية ذاتها عبر 48 محورا معرجا على تطبيقات عملية تتعلق بمنطق الدعاية الاسرائيلية ومؤسساتها واجهزتها الاعلامية والاساليب المستعملة في اعلامها فضلا عن تطبيقات الدعاية الامريكية واشكالها واساليبها وتحديدا التطبيقات في دعاية الحرب النفسية ، ومن التجارب الاخرى التي تناولها هذا الفصل للإعلام الحربي ، التجربة الالمانية وبعض تجارب الدعاية من الحرب العالمية الثانية ، والتسميم السياسي ووسائل التضليل الاعلامي كأحد ادوات الحرب النفسية لينطلق من هذه المحاور في تحديد الاساليب الحديثة للحرب النفسية في القرن الحادي والعشرين .

وقد احتاج المؤلف في تحديد هذه الاساليب الحديثة في الحرب النفسية الى تسليط الضوء على وسائل التلاعب النفسي في فصله الثاني عبر 31 محورا كان من ابرزها حرب المعلومات ومبادئ واساليب حديثة في التلاعب النفسي من حيث تحديد المتلاعب والترهيب والكذب والانكار والمنطق في علم التفكير وغيرها ، ولم يخل هذا الفصل من عرض تجارب مهمة في الحرب النفسية والتلاعب النفسي منها توظيف ادوات الدول الكبرى الخارجية في الحرب النفسية ، وتوظيف السياسة الخارجية الفرنسية وادوات السياسة الخارجية للمملكة المتحدة كأداة في الحرب النفسية ، ومسرح المحيط الهادي ، وحرب فيتنام والحربين العالميتين الاولى والثانية والعمليات الاخيرة كساحة جديدة للحرب .

فيما خصص الفصل الثالث للحرب الباردة واساليب توظيفها في الحرب النفسية عبر 37 محورا ، فقد تناول في هذا الفصل تجارب مهمة في الحرب النفسية ووسائلها واساليبها من ابرزها : عقيدة الدمار المتبادل المؤكد ( MAD ) ، ومؤتمر بوتسدام وهزيمة اليابان ، وبدايات الكتلة الشرقية ، وحصار برلين والجسر الجوي ، ومشروع مارشال وانقلاب تشيكوسلوفاكيا ، وبدايات حلف الناتو واذاعة اوروبا الحرة والحرب الاهلية الصينية وسيانو ،والحرب الكورية وغيرها .

وكان الفصل الرابع من هذا الكتاب هو الاكثر قربا في الاجابة عن التساؤل الرئيسي الذي يدور عليه موضوعه في تحديد الاساليب الحديثة في الحرب النفسية ، وهي الحرب النفسية في الفضاء الالكتروني عبر 49 محورا رئيسياً ، فقد ركز هذا الفصل على ماهية حرب الفضاء الالكتروني وحرب المستقبل وعسكرة الفضاء الالكتروني وغيرها ، مسلطا الضوء على تجارب حديثة استخدمت فيها اساليب جديدة او محدثة في الحرب النفسية منها : الحرب النفسية في حرب الخليج الثانية 1991 ، والحرب النفسية في حرب افغانستان 2001 ، واستخدام الحرب النفسية في احتلال العراق عام 2003 ( حرب الخليج الثانية ) ومجالات الحرب النفسية في العراق والمناخ الاعلامي الدولي وغيرها .

اما الفصل الخامس فقد ربط بين الحرب النفسية والانشطة الاستخبارية عبر 21 محورا رئيسياً ، كان من ابرزها : التجسس بالأقمار الصناعية مشروع F.I.A، والتجسس الفرويدي ، والتجسس بالزرع ، والحشرة الالكترونية بر وميس ( البرغوث الالكتروني ) وطرق وتعقب وتسجيل المكالمات بواسطة قاموس الكلمات ، وغيرها ، ولم يخل هذا الفصل من تناول اجهزة مخابراتية ، اذ خصص مساحة معينة لتناول وكالة الاستخبارات المركزية من حيث تاريخ الوكالة ورؤساء السي آي اي ،والموقع والميزانية واسلوب العمل والعمليات الخارجية ونشأة ادارة المخابرات المركزية الامريكية واجهزة الامن الامريكية ومجلس الامن القومي الامريكي وجهاز المباحث الفدرالية ( FBI) واساليب ووسائل تجسس وكالة الاستخبارات المركزية CIA .

اما الفصل السادس وهو الفصل الاخير في هذا الكتاب فقد حدد بدرجة كبيرة الاجابة عن السؤال الرئيسي لموضوع هذا الكتاب والخاص بتحديد الاساليب الحديثة في الحرب النفسية فتناول الحرب النفسية الان من خلال 50 محورا من ابرزها توظيف الاعلام نفسيا ، والتلاعب بالعواطف واكتشاف ظاهرة الجماهير من حيث الخصائص والعواطف ووسائل الاقناع ومحركوها وذوبان شخصية الفرد وسرعة الانفعال ، والحرب النفسية وسيكولوجية الجماهير ، والحرب النفسية للدول الاخرى ( المانيا ، المملكة المتحدة ، الولايات المتحدة الامريكية ) ، وحرب المعلومات والحرب النفسية في وسائل الاعلام الجديدة ومستويات هذه الحرب ، والدعاية والشائعة والاعداد لها وانواعها وعوامل نقلها ومسرح المحيط الهادي .

ان هذا الكتاب الصادر من دار الابتكار للنشر والتوزيع في عمان ، يقع في 441 صفحة ، معتمدا على مصادر اجنبية مهمة في استقاء معلوماته وعرضها وتحليلها ، ليحدد الاساليب الجديدة للحرب النفسية في القرن الحادي والعشرين منطلقا من تناول وعرض تجارب سابقة في هذه الحرب واساليبها الكلاسيكية وما طرأ عليها من تغيير في ظل التطورات التكنولوجية الهائلة في ميدان الاتصال والتي وظفت في الحرب النفسية الان ، ولذلك فأن هذا الكتاب وبما يحويه من معلومات يكون جديرا بالقراءة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here