إلغاء المفتشين.. مطالبات لتفعيل الادعاء العام ودعوات لحلول حقيقية

بعد أن دشن مجلس النواب العراقي فصله التشريعي الثاني بالتصويت على صيغة قرار من حيث المبدأ على إلغاء مكاتب المفتشين العمومين، تعالت الأصوات الرافضة لهذا القرار آنيًا أو المطالبة بإيجاد بديل بأسرع وقت ممكن.

وصوّت مجلس النواب أمس السبت، 9 آذار/مارس 2019، على جملة من القرارات في جلسة خصصها لمكافحة الفساد عُقدت بحضور رئيسي الجمهورية والوزراء فضلاً عن رؤساء مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية.

وضمّت مخرجات الجلسة، التصويت على صيغة قرار لدعم السلطة القضائية، بالإضافة إلى إبداء المجلس استعداده لإجراء تعديلات على أي قانون يسهم بمكافحة الفساد وخاصة القرارات الصادرة من مجلس قيادة الثورة المنحل.

يأتي هذا فيما صعدت مفوضية حقوق الإنسان من مطالبها الداعية إلى تفعيل دور المدعي العام؛ خشية أن يترك قرار المجلس فراغاً داخل المؤسسات الحكومية في مجال الرقابة المالية والإدارية ومكافحة الفساد.

وقالت المفوضية في بيان ، إنه «من الضروري تفعيل وظيفة المدعي العام بالتزامن مع إلغاء مكاتب المفتشين؛ لعدم ترك فراغ داخل الوزارات والهيئات المستقلة في مجال الرقابة المالية والإدارية ومكافحة الفساد».

وطالبت المفوضية بتفعيل البند الرابع عشر من المادة الخامسة من قانون جهاز الادعاء العام والذي ينص على أن يؤسس مكتب للادعاء العام المالي والإداري يرأسه مدعي عام لا تقل خدمته عن ١٠ سنوات في الوزارات والهيئات المستقلة يمارس اختصاصه طبقاً لأحكام الفقرة 12 من هذه المادة.

وتنص الفقرة 12 على التحقيق في جرائم الفساد المالي والإداري وكافة الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 (المعدل) طبقا لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل والقوانين الجزائية المكملة له على أن تحال الدعوى خلال 24 ساعة من تاريخ توقيف المتهم إلى قاضي التحقيق.

الحل بالإجراءات الحقيقية وليس الإلغاء

وفي السياق الممتعض من إلغاء مكاتب المفتشين العموميين، رأى النائب عن كتلة ‹الحكمة›، محمود ملا طلال أن قرار مجلس النواب ليس حلاً لمشكلة الفساد.

وقال الملا طلال في بيان طالعته (باسنيوز) إنه مع أي «إجراء من شأنه دعم جهود محاربة الفساد لكن إلغاء مكاتب المفتشين سيحدث خللا في الوقت الحاضر ووجودها أفضل من إلغاؤها».

وأضاف طلال، أن «إجراء عملية اصلاح منظومة وآلية عمل المفتشين وإجراء تغييرات ببعضهم ممن فشل في أداء مهامه يكون الحل الأفضل».

وتابع طلال، أن «تعاون الحكومة والبرلمان في محاربة الفساد يعد بارقة أمل للقضاء على هذه الآفة وبلوغ مرحلة جديدة خالية من الفاسدين والمفسدين الذين عاثوا في البلد الخراب».

من جانب ثانٍ، شدد المحامِ ميثم الخلخالي أن مكافحة الفساد يجب أن تنطوي على إجراءات حقيقية مشددة؛ لإزاحة الفساد المستشري في البلاد والذي ينخر في المؤسسات من سنوات عدة مضت.

وأكد في حديثه أن «تنفيذ المحاسبة على الفاسدين غير موجود على أرض الواقع، إذ أن هؤلاء الفاسدين تحميهم أحزابهم وكتلهم السياسية»، وفق قوله، منتقدًا المؤسسات المختصة بمحاربة الفساد «الكثيرة والمتداخلة».

موقف مضاد للمفتشين

على الجانب المقابل، اتهمت النائبة عن ائتلاف ‹دولة القانون› عالية نصيف المفتشين العامين بالضلوع في الفساد ومشاركة الفاسدين.

وقالت نصيف في بيان أرسلت نسخة منه لـ (باسنيوز)، إن «الخمسة عشرة سنة الماضية يفترض أنها كانت كافية لتقييم منظومة المفتش العام، فهل يتناسب ما قدمته من منجز مع الأموال المخصصة لها»، معتبرة أن «أغلب المفتشين العامين شركاء بالفساد والاستحواذ على عقارات الدولة».

وتساءلت نصيف عن القانون الذي «يسمح بتدوير مفتش لكي يعاد احتساب مدته لخمس سنوات مرة أخرى، أو يسمح بتعيين 14 مفتش بالاستناد إلى قانون بول بريمر».

وخاطبت نصيف رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في بيانها، وقالت إن «عبدالمهدي وعد بالتكامل مع الجهة الرقابية، فأين هي وعوده في أخطر المفات»، منتقدة «وثوق عبدالمهدي بمفتش فاسد ومنتفع وهو الذي تغاضى خلال فترة وجيزة عن أكبر عملية فساد حصلت في وزارته مقابل حصوله على امتيازات بتأثيث بيته الذي خصص له في المنطقة الخضراء».

ورأت أن «ما يحصل في العراق من فساد هائل يتطلب جهازاً رقابياً حقيقيًا، وقد اتفقنا على بناء جهاز إداري رصين، في حين بهذه البداية المعتمدة على منظومة فاشلة فاسدة لن تستطيع بناء جهاز إداري»، مناشدة رئيس الوزراء والسلطة التشريعية بـ «اتخاذ موقف جاد وتقييم هذا الملف الخطير».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here