على هامش تظاهرات ضد نظام حكم السيسي : ذاكرة العرب القصيرة و مواسم ثورتهم كثيرة !!ّ

بقلم مهدي قاسم

إذا توجد ثمة حسنة واحدة و مميزة تُسجل لصالح الرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي ، فإنها ربما ستكمن في دوره الفعّال في إنقاذ مصر من عواصف الفوضى و انهيارات التفكك التي كانت تهدد وحدة كيان مصر في عهد نظام الأخوانجية السابق ، مثلما كانت من تفكك و تشظ وحالات تداع في عصور المماليك الغابرة ، بل دفعها إلى أسوأ من ذلك
، إذ أنهم كانوا يخططون نحو إزالة الأهرامات تلك الهوية الحضارية الخالدة و العظيمة لمصر عبر آلاف سنين غابرة و قادمة أيضا ، بحجة إنها تتنافى مع القيم الإسلامية !!، فضلا عن خططهم المضمرة ، تحقيقا خطوة بعد أخرى ، و الهادفة إلى فرض مزيد من قيود و عمليات تضييق
على الحركات الثقافية والفنية و سائر الأمور الإبداعية وكذلك التضييق في مجالات حرية الرأي و التعبير ، و ربما إن هذه الإجراءات و الخطط قد لا تعدو شيئا مهما بالمقارنة مع الخطط الجهنمية الأخرى و الساعية إلى اشتعال فتيل الاحتراب الأهلي بين المكوّنات و الأقليات
المصرية ، ولا سيما بين السلفيين والتكفيريين من طرف و بين الأقباط و كذلك بعض الفئات ” المتشيعة ” و العلمانية من طرف آخر .

بتعبير أدق و أوضح و أكثر تفصيلا : أن الجنرال السيسي
ومن خلال انقلابه العسكري ذاك ــ على علته و كخيار أخير لا مهرب من الاستعانة به ــ قد أنقذ مصر من مصير مزر و رهيب ، كان من الممكن أن يكون أشبه بالمصير الكارثي والمزري الحالي لكل من العراق و سوريا و ليبيا و اليمن ، أي بدون ذلك الانقلاب ومع استمرارية وجود حكم
الأخوان المسلمين كانت مصر ستُرزح مضطربة ، و شبه مفككة كدولة و نظام ، بين عواصف فوضى منفلتة ، مع مصادمات دموية في إطار من احتراب أهلي مرعب ، إضافة إلى عمليات نهب منظمة لثروات البلاد ، بحيث كان سيكون صعبا جدا إعادة الأمور إلى نصابها في مستقبل منظور أو قريب
.

وهو الأمر الجلل الذي ينساه بعض المصريين و العرب المخدوعين
بدعايات الإخوان الانتقامية و المغرِضة و التي تروّجها ماكنة الدعاية الغوبلزية لفضائية الجزيرة و غيرها من فضائيات مماثلة التي تُدارمن قبل الأخوان المسلمين هنا و هناك ..

و من هنا عنوان المقالة ــ أعلاه ــ عن قصر و ضعف ذاكرة
بعض كثير من العرب الذين يتناسون ما حل بالشعب العراقي و السوري و الليبي و اليمني من كوارث وويلات ومصائب مع مئات آلاف من الضحايا وتدمير أعمدة و أركان الدولة ومرافقها وبناها التحتية وتعطيل معاملها و مصانعها ومنشآتها الحيوية الأخرى و نهب و سرقة ثرواتها ، علاوة
على معاناة وعذابات كبيرة وفظيعة لهذه الشعوب التي لا زالت ترى نفسها تتخبط في أنفاق مسدودة..

بطبيعة الحال نحن نعلم إن نظام حكم السيسي ليس بذلك النظام
المثالي و القائم على أساس العدل والمساواة التي يحلم بها المرء عادة ، غير إن تجارب ثورات ماُتُسمى ب” الربيع العربي ” قد أثبتت بأدلة قاطعة إن أي تغيير يأتي سيكون أسوأ بكثير من السيئ القائم حاليا .

ناهيك عن إن القيام بثورة شعبية ، بين كل ستة أشهر أو
سنة ، و بشكل متكرر ، بقصد تغيير نظام حكم ما ، لهو أخطر بكثير مما يتصور البعض ، لأن القيام بثورة ليست عبارة عن قيام بنزهات مسائية ممتعة على ضفاف نهر أو في حدائق غناء ثم العودة إلى البيت مرحا وبمزاج رائق ووردي فائق !!..

فيا للعرب من غريبي الأطوار حقا : ينامون قرونا بدون ثورة
، وإذ بهم يقومون فجأة بسلسلة ثورات بين سنة وأخرى وأخرى ، وإلى ما لا نهاية ، كأنهم إزاء لعبة أو هواية مسلية اكتشفوها فجأة !!..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here