مابين بتول وحسن والمجتمع والدولة الف حكاية وحكاية،

الدكتور هاتف الركابي
نسخة منه الى / رئيس الوزراء والامين العام ووزير العمل و محافظ ذي قار ( أبناء ذي قار )..

لم نكن نعلم ان أعمار الزهور قصيرة تذوي قبل الأوان…. ماتت بتول فبكتها الطفولة وتوقفت البلابل إجلالا لرحيلها عن التغريد وصمتت حمامة الايك عن الهديل وطار الغراب يمشط بعينه الباكية عن فسحة بعيدة ليواري سوءة الدولة بعد ان هبت منها روائح الموت الكريهة..
موت بتول ثبت حالة تهرء المنظومة القيمية في المجتمع العراقي ، فالذي أثار انتباهي الكتابات التي قام بها الناس والناشطين والاعلاميين والصحفيين وحتى بعض المسؤولين والمعممين ، بل ان الكثير منهم قد ركب الموجة ونسبوا مقالي لانفسهم .. وهذا يثبت أن مجتمعنا يجيد التقمص ويجيد البكاء واللطم عند فقد الشخص ولكنه غير قادر أن ينقذ حياة انسان أو يحترمه أثناء وجوده.. فلو كان تفاعلكم وكتاباتكم هذه عندما كانت على قيد الحياة لما ماتت بتول..علماً انه لم يتفاعل مع قضية بتول سوى الناشط الحقوقي صفاء الشمري..
( الله على هذا العالم ينهش بأجساد الموتى وهم ميتون ويشيح بنظره عنهم وهم احياء) .. والذي أثار انتباهي وانا أتصفح اليوم بعض الصحف ، وجدت إعلاناً ان مجلس محافظة ذي قار والمحافظ الدخيلي يجتمعون ويقررون رفع دعوى للمطالبة بحق بتول ..
ياللهول .. موقفكم هذا يذكرني بموقف الامام الحسين بين النواويس وكربلاء عندما طلب النصرة فلم ينصروه ، وعندما استشهد قاموا بالبكاء وطلب الثأر ..
أين كنتم عندما أنا ناشدتكم واستصرخت ضمائركم لمرات عديدة ..
والادهى من هذا ان المحافظ الدخيلي يقول انه اخذ توكيلا لاقامة الدعوى ، كلامك غير دقيق ياسيادة المحافظ لانه عند سؤالي والد بتول ؛ قال لي انك لم تكلف نفسك حتى ان تهاتف اهل المغدورة ، ولم تذهب لمجلس الفاتحة ولم تبعث احداً لهم ، لا أنت ولا مجلس المحافظة ولا حكومة الرفاعي ..
اليوم أنا أضعكم مرة اخرى أمام امتحان ثانٍ ؛ ، اليوم وأنا أسير في الحارثية جمعتني الصدفة بالصديق العتيق ( حسن فرحان محيسن) كان نحيلاً ، شاحباً ، مهموماً ، غريباً ، أخذ منه المرض فصولاً وفصولا .. وهو يتحدث ترقرقت منه دموع تحكي الف حكاية وحكاية..
حسن كان من العوائل التي ذاقت مرارة اليتم والقهر وتجاوزات وملاحقات البعثيين ، حتى اجبرته الظروف ان يغادر مدينته النصر حتى السقوط ٢٠٠٣ ، كان من الجيولوجيين الاوائل على جامعته ، لم تقبل الاحزاب المتنفذة التي جاءتنا بالديمقراطية ان تعين حسن الا ان يتحزب باحزابهم ، وبقي حتى عام ٢٠١١ فتعين على الملاك المؤقت في وزارة الموارد المائية فأخذوه الى البصرة ليعمل في مختبرات المياه في المناطق المحرمة التي تعرضت الى اشعاعات اليورانيوم المنضب ، فأصيب بمرض سرطاني ، ولم يجد اي معالجة حقيقية مما كان مضطراً للسفر الى الهند سنة ٢٠١٤ ، فوجدوا ان المرض منتشر في احدى الكليتين فرفعوا له الكلية ، وبعد عودته بدأ يعاني من الام اخرى ورجع للهند مرة ثانية سنة ٢٠١٥ فوجدوا المرض منتشر في الحالب ، فرفعوا له الحالب ، ثم عاد وعاد السيناريو مرة ثالثة ورابعة للهند سنة ٢٠١٦ ورفعوا له المرارة .. والان هو يعاني من الام شديده في كليته الثانية وبحاجة الى معالجة واجراء عملية ولكن ليس لديه الاموال للسفر مرة خامسة لانه اقترض اموال كبيرة ، والطبيب الموجود في مستشفى الامراض السرطانية في بغداد يقول له لاتوجد لدينا حتى سدية طبية حتى نعالجك .. ووزارة الصحة عاجزة عن مساعدته ومعالجته على حسابها خارج العراق، وفي عام ٢٠١٦ طردوه من الوظيفة ومعه مجموعة من الموظفين بحجة التقشف ايام العبادي ، ومنحوهم اجازة اجبارية ، وبقي بلا عمل ولا وظيفة ولا راتب يصارع الام الحياة والمرض..، وذهب الى وزارة العمل لكي يحصل على راتب اعانة اجتماعية ولكن الموظف طرده وقال له مازال في بيتك ثلاجة وفراش لايمكن ان نعطيك راتب إعانة..؟؟!!
ماهو رأي رئيس الحكومة والامين العام لمجلس الوزراء ووزير العمل والمحافظ الدخيلي ، هذا الرجل ابن مدينتكم الناصرية !! ماذا انتم فاعلون؟ وهو أب لبنتين وولد وأمرأته مريضة مرض مزمن ..
هل تجعلونه يموت كما ماتت بتول ..
القرار لكم ..

د. هاتف الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here