إلى أين مسير الثورة المصرية الثانية ؟!

وعادت الثورة المصرية ، للانطلاق مرة ثانية ، وبزخم جيد ، بعد أن دعا لها ، وحرض عليها ، شخص يُدعى ( محمد علي ) .. يُقال أنه فنان ومقاول !!!

وبالرغم من عدم شهرة هذا الفتى ، وعدم صلاحه ، وعدم التزامه بالدين الحق ..

إلا أنه قد يؤيد الله به دينه ، وينفع به عباده ، ويكون سببا في تحريرهم من العبودية للعبيد !!!

كما جاء في حديث البخاري :

( وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ) .

وفي رواية أخرى :

( إِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِأَقْوَامٍ لَا خَلَاقَ لَهُمْ ) .

ولكن الأهم :

لماذا انشغل الناس بهوشة أو طوشة ، أو ثورة المصريين !!

وفرحوا ، وصفقوا ، وزغردوا لها !!!

مستبشرين ، متفائلين ، حالمين ، متوهمين !!!

صارخين بأعلى أصواتهم !!!

عادت الثورة .. عادت الثورة ، إلى أرض الكنانة !!!

ودون أن يكلفوا أنفسهم ، مجرد طرح سؤال بديهي ، استراتيجي هام جداً ..

( لماذا غادر السيسي مصر ، وهو يعلم بنية الشعب للتظاهر ، وعلما بأنه أمر قطعان الجيش ، بأسلحتها الكاملة ، للنزول إلى الشوارع ) ؟؟؟!!!

يا حسرة على الناس المساكين ، المكلومين ، المتوجعين ، العاطفيين ، الحيارى ، الضائعين !!

لا يسمحون لعقولهم أن تعمل ، أو تفكر في هذا الضجيج الصاخب ، والفوضى العارمة ، والصراخ العشوائي ، والهياج العاطفي ، والهيجان الهستيري !!!

فتضيع الأحلام ، وتتجمد الأفكار ، وتتحجر العقول ، وتغيب الرؤى ، وتتلاشى الحكمة ، وينعدم التحليل السياسي الاجتماعي !!!

وينساق الناس السكارى ، الحالمون ، وراء قرع الأجراس ، لا يدرون ، لماذا تُقرع ، ولا يهتدون إلى أين المسير ، ولا يعرفون إلى أين المصير ؟؟؟!!!

وهنا يتجلى في هذا الصخب الهستيري ، والفرح الطفولي ، والزخم العاطفي ، والهرج والمرج !!!

دور المفكرين ، والعقلاء ، والحكماء !!

ليجيبوا على هذا السؤال الاستراتيجي الكبير !!!

( لماذا غادر السيسي إلى أمريكا ، بعد أن أعطى أوامره للجيش ، للنزول إلى الشارع ، وهو يعلم بتحضيرات الشعب للخروج بالمظاهرات ، والاعتصام في ميدان التحرير ، وسواه ، كما أنه رد على الفنان محمد علي ) ؟؟؟!!!

ثمة احتمالان لا ثالث لهما :

الاحتمال الأول : أنه رتب الوضع بشكل جيد ، مع قادة الجيش ، وطلب منهم ، السماح بخروج المظاهرات ، وغض الطرف عنها شيئا ما ، وإرخاء الحبل للمتظاهرين ، ليفشوا خلقهم ، وينفسوا عما في داخلهم ، ويُخرجوا كل مكنونات صدورهم المحتقنة ، ويفرحوا ، ويهيصوا ، إلى أن يعود من أمريكا ..

ثم يبدأ معهم مرحلة الحسم ، والحزم ، بالسحق ، والحرق ، والمحق ، كما فعل سابقا ، بميدان رابعة قبل ست سنوات !!!

ويقضي قضاء مبرما ، على شيء اسمه ثورة !!!

والشعب المصري – مع كل أسف – ليس لديه النفس الطويل ، ولا القدرة على الصبر ، ولا تحمل الصعاب ، كما هو لدى أهل الشام !!!

لذلك .. سيُقتل من يُقتل ، ويُحرق من يُحرق ، ويُسحل من يُسحل ، في جميع الميادين ، وباقي الشعب سيرجعون القهقرى إلى بيوتهم .

الاحتمال الثاني : الهروب من المشهد ، والخوف من القبض عليه ، إذا نجحت الثورة ، واستطاع الأحرار أن يفرضوا أمرهم على الواقع بالقوة .

وحسب تحليلنا ، ورؤيتنا الاستراتيجية ، ومعرفتنا الوثيقة القوية ، بطبيعة المصريين ، ومعايشتنا لهم منذ ستين سنة ، من بداية الوحدة بين مصر وسورية عام 1958 ، وإلى اليوم ، ومعرفتنا بحكامهم الذين تتالوا على حكم مصر ، منذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا ..

فإننا نرجح حدوث الاحتمال الأول ، بنسبة تزيد عن 90% ، والاحتمال الأول بنسبة تقل عن 10% .

وقد يقول البعض : لماذا لا تضع احتمال قيام العسكر بانقلاب على السيسي ، واستغلال فرصة غيابه ، والاستيلاء على الحكم !!!

قد يحصل هذا ، وإن كانت نسبة حدوثه ضئيلة جدا ، ولكنه لن يكون لصالح الشعب ، وقد يكون أشد طغيانا واستبدادا من السيسي ، كما حصل في السودان ، جاء الانقلابيون أسوأ من البشير !!!

فها هي الأخبار الواردة من هناك ، تشير إلى تشديد الاجراءات ضد السوريين ، والتضييق عليهم !!!

علاوة على أنهم أصروا على المشاركة في الحكم ، ولا يُستبعد أن ينفردوا به بعد حين !!!

فالعسكر العرب ، لا أمان لهم ، ولا عهد ، ولاذمة !!!

والله أعلم ..

ولذلك نصيحتنا لأحبابنا المصريين ، وهم إخواننا ، وأعزاء على قلوبنا ..

أن يفعلوا ما يلي لتحقيق النصر :

المطالبة بإسقاط نظام السيسي ، بكل أركانه ، وأجهزة مخابراته ، وقضاته ، وإعلامييه ، وفنانيه ، وبلطجيته ، وكل الداعمين له ..
الإصرار على الاعتصام في الميادين العامة ، مهما كلف الأمر ، ومهما احتشدت من جيوش الظلام ، وحتى ولو سقطت السماء ، واهتزت الأرض !!!
التمسك بأرض الميادين ، وعدم مغادرتها ، ولو أطلق الرصاص عليهم من كل مكان ، فأن تموتوا أعزة كراماً في ساحة التحرير ، خير من أن تعيشوا بين المقابر ، أذلة ، صاغرين !!!
إذا أصر الجيش على قتلكم ، انتقلوا فورا إلى مرحلة حمل السلاح ، ومجابهة السلاح الغادر ، ودافعوا عن أنفسكم وأهليكم ، وأعراضكم ، كما فعل ولا يزال يفعل إخوانكم السوريون ..
ولا ترددوا هذه المقولة القبيحة .. التي كان يرددها أحدهم ، أيام اعتصام رابعة ( سلميتنا أقوى من الرصاص ) .. فصيرته هذه السلمية البلهاء وإخوانه ، إلى السجن والحكم عليهم جميعاً بالإعدام !!!
يجب عليكم الصمود ، والاستبسال ، والإصرار على إنجاح ثورتكم هذه المرة ، مهما كانت التضحيات ،
ويجب أن تدركوا ، وتعلموا جيدا ، أنكم ، إن لم تنجحوا هذه المرة ، فلن تنجحوا أبد الدهر ..
لا تقبلوا بمشاركة العسكر في الحكم ، إن حدثت مفاوضات بينكم وبينهم ، كما حصل في السودان !!
اعملوا سريعا .. على تشكيل هيئة من النخب الفكرية ، والسياسية ، والدينية الملتزمة حقيقة بالدين ، وليس المتاجرين به ، والممتلئين بالحركة ، والنشاط ، والحيوية ، ليديروا هذا الحراك الثوري ..
ولا تقعوا يا مصريون يا أبطال .. بنفس الخطأ الكارثي الذي وقعتم به في 25 يناير 2011 ، حينما رضيتم فقط برحيل مبارك !!!
يجب أن تطالبوا الآن ، برحيل نظام السيسي بكل رموزه ، وأركانه ، إذ أن رحيل السيسي لوحده ، لا يجعلكم أحرارا !!!

بل ربما يأتيكم من هو ألعن منه ، وأنحس .. وأقبح ، وأشد طغياناً ، واستبداداً ، وفساداً ..

الجمعة 28 المحرم 1441

27 أيلول 2019

موفق السباعي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here