سفر روحاني إلى نيويورك

في البدء كان لي تحفظ وعدم رغبة ، أن يسافر رئيس إيران إلى أمريكا ، خاصةً بعد الممانعة والمماطلة في أخذ الفيزا له ولبعض أفراد حاشيته ، ولم أدر لماذا كل هذا الإصرار من رؤساء إيران للسفر إلى أمريكا ؟ ، طبعا جميعهم سافروا ووقفوا في دار الأمم المتحدة ، ولكن هذه المرة كان الأمر مختلف ، كانت هناك عداوة وحنق وتأليب من جانب الرئيس الأمريكي ، ومع ذلك أصرت إيران على حضور إجتماعات الأمم ، ومع إنها لم تكن راغبة في التباحث واللقاء المباشر مع الرئيس الأمريكي ، وإنها كانت في ذلك تمشي على أستحياء .

ومع إن العالم يعرف خطاب إيران ومطالبها ، فقلت إذن لماذا لم يمثل إيران مندوبها في الأمم المتحدة وهو يكفي ؟ ، طالما أن ليس هناك جديد يقال أو قديم يذكر ، وقد شاهدنا وشاهد العالم معنا هذه المرة كيف ان غالبية رؤساء الوفود تركوا القاعة التي كان يترنم بها روحاني !!!! ، فتركوه وحيداً يرفع وينصب ، وقد ذكرني هذا بنكته عراقية قديمة تقول : – ( ذات يوم أجتمع مطربوا العالم في دار الأوبرا بباريس ، فلما وصل الدور إلى مطرب ريفي عربي وقبل أن يقول مواله ، خرج الحضور جميعا و تركوه وحده في القاعة ، ولم يبق معه سوى حارس البناء ، فقال له : هذا الأخير – هذه مفاتيح الأوبرا أغلق البوابه من فضلك بعد أن تنتهي – ) ، هذه النكته تنطبق على حال سيادة الرئيس الإيراني الذي لم يبق في القاعة غير وفد إيران .

أنا من حرصي وحبي وإحترامي أقول هذا الكلام ، ولم أرغب أن يكون حاضرا هذه المرة بالذات ، بل وفي كل مرة فالأمم المتحدة لا تحل ولا تربط في المسائل الكبيرة والإستراتيجية ، هي قاعة يفضفض فيها البعض كلمات لم يستمع لهم فيها أحد ، وهذا ليس حسناً لدولة تقول ان لدي قضية تبدأ من هناك وتنتهي هنا في طول البلاد وعرضها ، الأمم المتحدة مهرجان للتهريج والإستماع لكلام الرئيس الأمريكي وتجديد البيعة له ولحكومته من التابعين والموالين ، ولا يستقيم حضوركم مع شعارات – الموت لأمريكا – فكيف يستقيم هذا مع ذاك ؟ .

عتبي على السيد علي الخامنئي كيف له أن يسمح بهذا التهريج الذي يقوده وزير الخارجية ؟ ، كيف له ان يسمح بان تهان كرامة إيران وشعاراتها عن العدالة والإستقلال والحرية ؟ ، في عالمنا العربي والإسلامي رؤساء وملوك أبداً لم ولن يذهبوا لا إلى أمريكا ولا إلى الأمم المتحدة ، هؤلاء الرجال عندي موضع إحترام وتقدير منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .

فالكرامة أغلى من رغيف الخبز وحين تتعلق بكرامة أمة فالتضحية بالغالي والرخيص واجبة ، هذه الميوعة والإلتواء والتخاريف نحن معشر الناس البسطاء لا نعرفها ، نحن نحترم الحكومة والدولة التي تحترم نفسها تحت كل الظروف ، لهذا سجلنا إعتراضنا على سفر الرئيس روحاني إلى هناك ، وسجلنا خوفنا من هذه المواقف والصور التي بعثرت ذلك الكلام الذي نسمعه ، حبذا لو يُعاد صياغة الخطاب وإفساح المجال لرجال يكون فعلهم عين قولهم ، حتى نصدق شهادة الشهداء ونصدق صراخ المستصرخين ، وحتى لا نقع في توهان الضمير والرأي والكلمة ..

راغب الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here