علاء التميمي، من ضابط شرطة يشي بالمعارضين قبل عام 2003 الى دبلوماسي رفيع في الجامعة العربية

بقلم: قدوري عبيد
———

التلون تبعاً للظروف السياسية وتغيير الولاءات حالة موجودة في تاريخنا بمختلف مراحله ولا يمكن إنكارها، ولكن لهذه الحالة درجات متفاوتة، فنجدها شديدة في البعض ويتخذها اسلوباً لحياته، وموجودة بنسبة متوسطة وقليلة لدى آخرين، ولأننا في عصر السرعة فلن اسهب طويلاً في المقدمة وسأدخل في مضمون هذا المقال مباشرة.
نعرض اليوم لحالة شخص لديه قدرة عجيبة على التلون خلال فترة ما قبل الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 وما بعدها، لقد تفوّق هذا النموذج على الحرباء في سرعة تغيير جلده ومحاولة طمس ماضيه المثير للجدل، وتمكن من حرق الأشواط مستعيناً باحترافه الكبير للكذب، وهو نموذج أُثيرت حوله الكثير من علامات الاستفهام لوجود متناقضات صارخة في شخصيته عرفها كل من اقترب منه ولعل ابرزها اتخاذه من الطائفية “المزدوجة” وسيلة للتكسب والعيش.

لقد تم تعيين (علاء حسين مطلق التميمي) بوظيفة دبلوماسي في وزارة الخارجية العراقية بلمح البصر، ونُقل الى مندوببة العراق الدائمة لدى جامعة الدول العربية بسرعة الضوء متجاوزاً كل الضوابط في نقل موظفي وزارة الخارجية الى البعثات قبل أن ينتهي به الأمر موظفاً في جامعة الدول العربية بدرجة “مستشار” ومدير لإدارة الشؤون القانونية فيها!
ويذكر معظم ضباط الأمن السابقين الذين عملوا في البصرة قبل عام 2003 بأن علاء التميمي كان ضابط شرطة في ناحية “طلحة” التابعة لقضاء القرنة، وكان يتباهى بخرقه لصفوف تنظيمات الأحزاب الحاكمة اليوم في العراق والوشاية بعناصرهم الى الأجهزة الأمنية قبل أن يُطرد من سلك الشرطة “لأسباب أخلاقية” حسب المعلومات الواردة في تقرير اللجنة الوطنية لإجتثاث البعث “المسائلة والعدالة حالياً” في محافظة البصرة (لدى كاتب المقال صورة التقرير، وكتب رسمية اخرى تؤيد ذلك).

تُشير وثيقة دراسية الى أن (علاء حسين مطلق حسب) خريج تخصص القانون من كلية شط العرب الأهلية الجامعة في محافظة البصرة للعام الدراسي 1999/1998، وفي عام 2005 ظهر علاء التميمي في القاهرة طالباً يدرس الدراسات العليا في القانون بمعهد البحوث والدراسات العربية، وتظاهر خلال فترة دراسته بأنه درويش متصوف “كسنزاني” وأطلق شعره ولبس لبس الدراويش وأخذ يضرب الدف بشقته في شارع الهرم، في محاولة منه لكسب ود المجتمع المحيط به من الطلبة العراقيين الدارسين وليُفهمهم بأنه من طائفة معينة ينتمي لها معظم هؤلاء الطلبة (أتحفظ وأترفع عن ذكر التسميات الطائفية).

بعد أن أنهى علاء دراسته العليا في عام 2010 غادر مصر مُدعياً انه سيُدرِّس في احدى الجامعات الخاصة بإقليم كردستان العراق، في حين أُثير آنذاك في أوساط زملائه الدارسين بمعهد البحوث بأنه أُبعد من مصر لأسباب أمنية بعد أن زاد نشاطه “الصوفي”، إلا أنه وبعد فترة ظهر في بغداد بقوة وتم تعيينه في وزارة الخارجية وتجاوز كل الأنظمة والقوانين ليُنقل بعدها وبفترة قصيرة جداً الى مندوبية العراق الدائمة لدى الجامعة العربية، ثم ما لبث ان عُيِّن في جامعة الدول العربية بدرجة “مستشار”، وأصبح يشغل منصب مدير إدارة الشؤون القانونية فيها بدعم من السفير وجيه حنفي، الأمين العام المساعد، رئيس مكتب الأمين العام د.نبيل العربي، وقد أُقيل حنفي بانتهاء فترة الأمين العام في منتصف عام 2016، يُذكر أن علاء التميمي رافق السفير حنفي الى بغداد في احدى المهام عام 2014، وتوطدت العلاقة بينهما بشكل اكبر بعد هذه المهمة!
لدرجة ان اصبح علاء نجم المرحلة آنذاك، والمهيمن على معظم اختصاصات الشأن القانوني بجامعة الدول العربية رغم حداثة ومحدودية تجربته في العمل الدبلوماسي عامة ومجال عمل المنظمات الدولية والاقليمية والعلاقات متعددة الاطراف بشكل خاص، ويعود الفضل في ذلك الى دعم السفير حنفي اللامحدود له، قبل أن يشكوه الدكتور محمد بن علي كومان (سعودي)، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الى الأمين العام للجامعة العربية (د. نبيل العربي حينها) من خلال الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى جامعة الدول العربية، نظراً لتعامله الغير لائق والفض خلال نقاش دار بينهما حول ملفات مشتركة بين الجامعة والمجلس وما اعتبره كومان تقصير الجامعة في التنسيق بين المؤسستين في ملفات مهمة، وقد تم حينها الالتفاف على مذكرة الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية وعدم التعامل معها بجدية وبالتالي عدم محاسبة علاء وتم حفظ (وإخفاء لاحقاً) أوليات هذا الموضوع، ليتم احياءه عند تسلم الأمين العام الجديد أحمد ابو الغيط حال استلامه مهامه في يوليو/ تموز 2016، الذي قام بتحجيم علاء ونقله الى إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية، وهي إدارة هامشية تتبع لقطاع الإعلام والاتصال بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

وبعد تولي علاء الإدارة الجديدة والتي لا يزال يعمل فيها، وفي محاولة منه للظهور أمام الأمين العام الجديد بمظهر الموظف الكفوء، قام قبل عام ونصف تقريباً بإعداد دراسة حول نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق، وبعد تدقيق مكتب الأمين العام تبين أن الدراسة مسروقة بالنص من مركزي دراسات عراقيّين ولم يبذل فيها علاء أي جهد يُذكر، وتم توجيه توبيخ غير مباشر له من مكتب الأمين العام عبر رئيس قطاع الإعلام والاتصال الذي يتبع له علاء ادارياً، كما بدا لاحقاً أن الدراسة سُرِبت الى السفير حبيب الصدر الذي كان حينها سفيراً للعراق بالقاهرة والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، وقام الاخير بإرسال التقرير الى وزارة الخارجية العراقية التي لا يزال علاء موظفاً ينتمي اليها حتى اللحظة، واعتُبر مضمون التقرير بمثابة تضليل مقصود ومُتعمد للأمين العام للجامعة حول طبيعة الوضع السياسي في العراق، وانه يحمل اساءة صريحة وواضحة للطبقة السياسية، وهذا يتناقض تماماً مع ما يتظاهر به علاء من ولاء كبير أمام أي مسؤول عراقي يفِد الى القاهرة وجامعة الدول العربية وفي مقدمتهم وزير الخارجية، وقد أُرسل له على إثر ذلك استقدام من وزارة الخارجية لمسائلته لكن على ما يبدو تم تسويف الموضوع وإخفاء مستنداته من قبل متعاونين معه في الوزارة.

خلال بداية خدمته بجامعة الدول العربية، ولغرض التقرب من السفير ضياء الدباس الذي ينتمي للمجلس الأعلى الاسلامي، لبس علاء ثوب طائفي جديد في محاولة منه للتقرب من السفير الدباس ومن الأغلبية الطائفية المهيمنة على الحكم في العراق (واكرر أيضاً بأني سوف لن اسمي الطوائف بأسمائها كوني فوق هذه الانتماءات) فبدأت كتاباته على صفحته في موقع التواصل “فيس بوك” طائفية حد النخاع وأخذ يكتب المقالات وينشر المنشورات التي يعتقد أنها تقربه من الطبقة السياسية الحاكمة في العراق، وقد انطلى على بعض السُذج والمغفلين الدور الطائفي الجديد لعلاء بعدما اجاده أيما إجادة، الا أن منشوراته في صفحته على “فيس بوك” دعت الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية الى الاحتجاج بمذكرة رسمية لدى د.نبيل العربي، الأمين العام للجامعة، بإعتبار علاء موظف دولي ولا ينبغي له أن يتبنى أو ينحاز لأي انتماء سياسي أو توجه آيديولوجي، حيث قام خلال منشوراته بتمجيد أشخاص غير عراقيين، كثيراً ما يهددون في تصريحاتهم أمن بعض الدول العربية الأعضاء بالجامعة وخاصة السعودية، وذلك عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” في حينه، والتي توجد فيها صوره ومنشوراته التي تدل على شخصه بشكل واضح تماماً، وطلبت السعودية التحقيق معه على اثر ذلك، وقد جرى التحقيق معه بالفعل لكن إنحياز رئيس مكتب الأمين العام للجامعة، وتبادل المصالح بينه وبين رئيس قطاع الشؤون الادارية والمالية، ادى الى تسويف الموضوع وعدم تقصير علاء وتم قبول إدعاءه بأن الصفحة ليست له، رغم أنه اعترف لاحقاً بطلب موجه لوزير الخارجية ابراهيم الجعفري وبتوقيعه أن الصفحة تعود له (لدى كاتب المقال صورة من هذا الطلب).

لقد إتخذ علاء من الورقة الطائفية وسيلة للتكسُّب والعيش، والحصول على ما يريد، وللأسف كان له ما اراد، حيث ظهر خلال فترة عمله بالمندوبية مزايداً في طقوسه الدينية، فحين يخلو الى أحد أو جمع من أعضاء بعض الأحزاب الحاكمة في العراق يغازلهم ببطولاته وبطولات أهله في طبخ القيمة و”التمن/ الرز” والهريسة التي تطبخ وتوزع عادة في المناسبات الدينية كذكرى استشهاد سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- في محرم وغيرها، فيما اذا التقى بأحد او جمع من المسؤولين من الطائفة الاخرى ينافسهم على الصف الاول في صلاة الجماعة بالمسجد!!

ويُرجع بعض من عرفو علاء سبب تمكنه من كل ما تم عرضه في أعلاه الى قدرته واجادته العجيبة للكذب، وهذا الأمر هو أهم سمات شخصيته التي مكنته من التحوُّل وحرق كل هذه الأشواط وقفزه على المناصب بهذه السرعة الغريبة، ومن ابسط نماذج كذبه مثلاً قيامه بتقديم نفسه على انه (استاذ مساعد دكتور) و (استاذ دكتور) رغم أنه ليس لديه خدمة في مجال التدريس الجامعي، وإن وجدت فهي قليلة جداً ولا تؤهله لحمل مثل هذه الالقاب، كما ادعى علاء في احد اجتماعات الأمين العام الحالي للجامعة بالموظفين أنه كان يشغل منصب رئيس الدائرة القانونية بوزارة الخارجية العراقية وهذه كذبة اخرى له من العيار الثقيل، حيث انه لابد لمن يتولى رئاسة هذه الدائرة ان يكون بدرجة سفير وتكون لديه خدمة طويلة في وزارة الخارجية وهذا ما لا يتوافر في علاء!!
يُرجع بعض المقربين من علاء سبب صعوده الصاروخي السريع الى تعرفه على عدنان الأسدي الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية سابقاً وعضو مجلس النواب عن دولة القانون حالياً خلال فترات وجوده القصيرة في القاهرة لدراسة الدبلوم والماجستير في نفس المعهد والاختصاص الذي درس فيه علاء وهو معهد البحوث والدراسات العربية- قسم البحوث والدراسات القانونية، ويرون أن الأخير هو من ساعد الأسدي في دراسته وبالتالي عيَّن علاء بالخارجية وقام بالتوسط لدى وزير الخارجية آنذاك هوشيار زيباري، لنقله الى مندوبية العراق الدائمة لدى جامعة الدول العربية خلافاً لضوابط النقل، ليمكث علاء في المندوبية فترة قليلة ثم ينتقل للعمل بجامعة الدول العربية، وبالتالي فإن الاسدي هو الذي مكّنه من حرق كل هذه الأشواط، وساعده في إخفاء ماضيه المثير للجدل ليتنقل بين المناصب بسرعة البرق، بحيث تم التغاضي عما ورد في تقرير اللجنة الوطنية لإجتثاث البعث في محافظة البصرة، والمُشار اليه في مقدمة هذا المقال، على خطورة ما ورد فيه من معلومات، وجميع المخاطبات الرسمية بهذا الشأن!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here