ضعف وانعدام الثقة بالسلطات وتأثيره على المجتمع

الفـريق الطيــار الركن المتقاعد

عباس الساعــدي

في ظل سيادة القانون تفرض السلطات ألعامه هيمنتها على كافة مفاصل الدولة بهدف فرض سيطرتها لتامين الأمن والمتطلبات والخدمات التي تخص المواطن ،وهذا ما نلاحظه في الدول المستقرة امنيا وسياسيا واقتصاديا،ونقصد بالسلطات ألعامة ؛ ألتشريعية،التنفيذية ، القضائية.

عكس ذلك، أي في حالة ضعف سيادة القانون والذي هو ناتج عن ضعف إحدى السلطات العامه تظهر جليا الفوضى وما تصاحبها من نقمات يشعر بها المواطن كونها تمس حاجاته ومتطلباته الأمنية والمعيشية .

إن ضعف السلطات قد تكون أسبابه؛الوضع ألامني كالحروب مثلا، سواء كانت داخلية او خارجية أو عدم الاستقرار السياسي أو التدخلات الخارجية المعادية للنهوض والتطور ولا ننسى تأثير العامل الاقتصادي.

مهما كانت أسباب الضعف ، ما هو تأثيرها على المجتمع ؟ وأين هيبة الدولة من ذلك ؟ وهل يفقد المواطن ثقته في دولته و حكومته ؟ هناك الكثير والتي تحصى في مقالا واحد الظواهر والتأثيرات ، لذا سوف اذكر أهمها تأثيرا في مجتمعنا.

1.ظاهرة حمل السلاح :تعتبر أولى علامات الفوضى والتسيب في المجتمعات التي يرتفع صوتها على صوت القانون ،وليس شرطا أن ينطبق هذا الأمر على كل المجتمعات ،حيث إن هناك كثير من الدول تسمح لمواطنيها بحمل السلاح ،لكن تحت شروط معينه،إما في حالة إن يصبح التهديد بالسلاح حالة طبيعية يستخدمها الإفراد في حل مشاكلهم مع بعضهم والثأر من الآخر فهذا يتطابق مع قانون الغابة ، إلى أن وصلت الحالة إلى الأسلحة ألمتوسطه .

أين دور السلطة من هذه الظاهرة السلبية التي تعتبر احد كوارث الأمن والاستقرار في المجتمع،وأين دور العشائر التي ترفض تدني الأمن بمناطقهم ، وأين دور منظمات المجتمع المدني ،التي لابد ان تقاوم هذه الظواهر التي تساعد على الجريمة والفوضى والإرهاب.

2.انحلال ثقة المواطن بمؤسسات الدولة : ومنها المصارف الحكومية ، حيث تعاني معظم المصارف الحكومية والأهلية من قلة استئمان المواطنين على أموالهم في المصارف ، وما له من تأثير اقتصادي وسياسي على الدولة برمتها ، نتيجته ضعف الوفاء بالمستحقات المالية للمودعين،حيث أصبحت الحالة جدا طبيعية ان يؤمن المواطن على أمواله في بيته وعدم ادخارها او أيتمانها بالمصارف،لذا نتساءل ما هو الجهد الذي تحتاجه الحكومة و مؤسساتها المصرفية لإعادة الثقة للمواطن كي يدخر أمواله في المصارف .

3.استفحال وباء الفساد : في مؤسسات الدولة نتيجة عدم الالتزام بالقوانين والأنظمة ، لتحقيق أهداف ربحية مشبوهة تضر بالصالح العام ، واهم أسباب الفساد من وجهت نظري كمواطن ؛ ضعف الرقابة والعقوبات على المؤسسات نتيجة ضعف المسؤولية الإدارية ، حيث أصبحت الرشوة والوساطة ظاهرة طبيعية في المؤسسات الخدمية للدولة،بالإضافة إلى سرقة المال العـام ، و وضع المسئول الغير مناسب في المنصب الغير مناسب.

أما آثار الفساد بصورة عامة تكمن في ضعف وتدهور الاقتصاد الوطني ،حيث أصبحت المنشاة والمصانع الحكومية شبة معطله عن الإنتاج ، واستفحال الاستيراد الأجنبي ،وضعف الإنتاج

المحلي،وكثرة البطالة بين الشباب وارتفاع نسبتها،وانعدام الثقة بين الحكومة والمواطن ، وهذا ما اثر سلبا على القيم الاجتماعية والأخلاقية.

هذه آلافه ما لم يتم معالجتها جديا وبكافة الطرق والوسائل القانونية التي نظمتها مؤسسات هيئة النزاهة ،ستبقى ؛الرشوة،المحسوبية ،البطالة ،الاستغلال الوظيفي،والسرقة للمال العام،تملا مفاصل الدولة.

4.الهجرة خارج البلد :قد تكــون نتيجة طبيعية هجــرة الأسر او الأشخاص خـارج بلدانهم عنــد تدهور الوضــع الأمني او الاقتصادي او السياسي بحثا عن الأمن والاستقرار والعمل،وهذا بدوره له آثاره السلبية للبلد منها؛ التأثير على عدد السكان ،هجرة الكفاءات،الشعور بالغربة وعدم الاستقرار،الابتعاد عن الأهل والأقارب.

تبقى هذه الأسر تنتظر حالة الاستقرار في البلد لتعود لبلدها ما لم اتخذت مسكنا ومعيشة ثابتة هناك وهذا خسارة كبيرة بحد ذاته للبلد.

5.ضعف الدولة أمام الدول المجاورة والإقليمية:مع نشوب الأزمات الأمنية ، وفقدان سيادة القانون ، وما ينتج من تفكك للوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلد ،يصبح البلد واهن السيادة أمام الدول الأخرى وخصوصا عند ارتباط بعض الجهات المحلية بأجندات دول أخرى ، يأتمرون بما يخدم مصالح هذه الدول،وإبقاء الحال على ما هو عليه ، او التباطؤ في النهوض بالواقع الأمني والسياسي والاقتصادي،هذا الوضع يبقى ساري ما دامت السلطة الاتحادية تتميز بالضعف ،وعدم اتخاذ إجراءات رادعه بما يخدم مصلحة البلد.

6.ضعف المشاركة في الانتخابات :عكست شعور المواطن بالملل وعدم الثقة بالحكومات المتعاقبة في توفير الخدمات والمتطلبات،وأكدت أكثر البحوث التي تناولت هذا الموضوع؛ان الوضع الاقتصادي للموطن له الأثر الأوفر في العزوف عن المشاركة في الانتخابات،إضافة الى تولد حالات الإحباط ؛بسبب ضعف تقديم الخدمات في معظم مؤسسات الدولة،ولا ننسى طبقة الشباب التي فقدت الأمل بالتوظيف والعمل وهم يحلمون بمستقبل يوفر لهم المعيشة والرفاهية ،واضعين شهاداتهم الجامعية بين أيديهم التي تؤهلهم للتوظيف ،وبذلك يقدم المواطنين بكافة شرائحهم الاجتماعية العزوف عن الانتخابات كرسالة عدم رضا،للنهوض بالواقع المتردي ،وتقديم الخدمات التي يفقدها المواطن يوما بعد يوم.

7.الجريمة والمخدرات:ظاهرة يزداد نمطها عند ضعف المراقبة الأمنية ، والرادع القانوني ، وانتشار الرشوة وضعف السيطرة على الحدود الدولية،ويلجا اليها الشباب نتيجة البطالة في مواجهة واقعهم المليء بالفراغ وفقدان الأمل بالمستقبل ، لذا يحتاج صناع القرار الى معالجات جادة لهذه الظاهرة الخطرة،تجمع كل القطاعات الحكومية والمؤسسات الاجتماعية والدينية ، وما لم يتم معالجتها سوف تؤثر سلبا بتنامي الأمراض الجسدية والروحية والأخلاقية.

الظواهر آنفا تضع السلطات العامة أمام تحدي كبير لفرض وسيادة القانون، ليتمكن المواطن العيش في سلام وتوفير له حياة كريمة ، وان يشعر المواطن بان حكومته تؤمن له الحماية ، وان يكون هما الأكبر رفع المستوى الاقتصادي والأمني،مما يجعله ان يعتز ببلدة و وطنيته ،وتزداد ثقته بمؤسسات الدولة في تقديم كل متطلبات حاجاته الخدمية،وبذلك تعالج حالة التسيب في استخدام السلاح ،والهجرة الى الخارج ، وتؤمن مشاركة المواطن في الانتخابات،ونحن في أمس الحاجة لها في إيصال صوت المواطن الى أصحاب القرار.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here