النظام العراقي الدكتاتوري الفاسد و القمعي

بقلم: البروفسور الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ. الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ…

يقاس نجاح الحكومات والبلدان التي يحكمونها بمقدار ما تحققه هذه الحكومات من تقدم في كافة المجالات التي تخدم الناس ليس فقط في بلدانها بل في البلدان الأخرى بشكل عام. ويشمل هذا التطور خاصة القطاعات الخدمية كالصحة والتعليم والمواصلات والكهرباء والماء والسكن والزراعة والتجارة والصناعات والقضاء على البطالة والرياضة والمعونات الاجتماعية والخدمات التكنلوجية وتشجيع البحث العلمي واستغلال الثروات الوطنية كالنفط لصالح الشعب والاقتصاد وغير ذلك. إضافة الى توفير الامن الوطني والغذائي والقومي والاجتماعي بما في ذلك توحيد البلاد على أسس وطنية غير مذهبية ولا دينية. وان مردود ذلك كله هو لتحسين وتنشيط الاقتصاد والحالة المعاشية للفرد والعائلة مما ينعكس ايجاباً على استقلالية الحكومة ونجاح سياستها الخارجية والداخلية وتطوير علاقاتها مع كافة الدول.

السؤال هو: هل نجحت الحكومات المتعاقبة بعد عام ٢٠٠٣ على تحقيق جزء ولو بسيط من التقدم في أي مجال؟ الجواب هو على العكس فقد عملت هذه الحكومات على تدهور كافة الأوضاع بشكل خطير بحيث جعل من المستحيل تصحيح معظم القطاعات وذلك لتغلغل الفساد ليس فقط في قمة الهرم بل في كافة اجزائه ناهيك عن تحول الفساد الى آفة او سرطان لا يفيد معها أي علاج الا الاستئصال. الأحزاب الحالية كلها دون استثناء ليست معنية بالوطن والمواطن بل ما يهمها هو مصالح قادتها واعضائها ناهيك عن عمالة العديد منها. ولقد اصبح واضحاً لماذا اختارت الأحزاب والكتل والدوائر المعنية عادل عبد المهدي ليكون رئيساً للوزراء فالمشهد اليوم خير دليل للإجابة على ذلك. بالتأكيد هذه الأحزاب ومن يقف خلفها لا تريد رئيس وزراء قوي وحازم ويحارب الفساد والمفسدين بل تريد رئيس وزراء ضعيف لا يحرك ساكناً حتى ولو اقترب منه.

لقد اصبح الضحك على ذقون الشعب و استغفاله هو ديدن هؤلاء وقد يكون السبب في ذلك هو سكوت الشعب على فسادهم بل واضطلاع العديد من أبنائه بتبني الفساد بصور متعددة كما نرى في ما يعرف (بالدكة العشائرية) التي يتقاتل فيها أبناء البلد الواحد لأسباب تافهة مع تفشي الجهل والرشوة والسكوت على الظلم والفساد وهلم جرى. ولقد اصبحنا نسمع ان من إنجازات هذه الحكومة هو رفع الصبات من بعض الشوارع او المباني ! فيا لها من مسخرة اصبح رفع صبة يعتبر انجازاً في القرن الواحد والعشرين بينما يبني الجار الشرقي مفاعلات نووية واصبح من رواد الفضاء ولعله سوف يرسل سفينة استكشاف للقمر قريباً. فيا لسخرية الدهر ان انجازات حكومة عادل عبد المهدي هو رفع الصبات الكونكريتيه؟!

هذه الحكومات المتعاقبة منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الان ماذا قدمت للقطاع الصحي مثلاً، هل قامت ببناء مستشفيات حكومية عامة ومتخصصة او معاهد علمية ام انها تسببت بتدمير المستشفيات في المدن التي احتلتها داعش بسبب فشلها الأمني وربما بتعمد؟ ناهيك عن ان المستشفيات التي تم بنائها في الثمانينات والسبعينات أصبحت متهالكة لاتفي بالغرض منها؟ العلل والأزمات بحاجة الى مجلدات ولاننتهي منها في كافة القطاعات والذين افسدوا وسرقوا وتسببوا بهذا الخراب هم قادة الأحزاب والكتل ومنهم من هرب بالاموال اما الشعب فله الويل والتقسيم والطائفية واللطم والبطالة ينشغل بها كلها.

اليس من المعيب والمخزي ان يبقى العراق بلا كهرباء يسد بها حاجته ويبقى منذ عام ٢٠٠٣ الى اليوم يستجدي الكهرباء من ايران ومن غيرها؟! اين الزراعة والمصانع التي ازدهرت في ما سبق؟ لماذا دمرت كافة القطاعات التعليمية والتربوية بعد ان كان العراق رائداً وسباقا فيها ليس في منطقة الشرق الأوسط وحسب بل في العالم؟ الى أي مدى وصل التدهور في قطاعات الطرق والمواصلات والاتصالات والتجارة وتوفير السكن والبطالة والفقر وهلم جرى؟!

النظام العراقي الحالي عبارة عن دكتاتوريات حزبية متفقه على تقاسم السلطة من اجل التسلط والهيمنة والاستكبار وسرقة المال العام لبناء إمبراطوريات مالية وثروات هائلة مع ترك الشعب يموت جوعاً وتجهيلاً ويغرق في الامية والطائفية والتناحر والاقتتال واللطم. كان النظام العراقي في عهد صدام حسين نظام دكتاتوري قمعي يقوده شخص واحد وبعد سقوط ذلك النظام عند الغزو الأمريكي البغيض بقي النظام يعتمد على نفس الأسس القمعية والدكتاتورية ولكن أضيفت لها دكتاتوريات متعددة اتفقت فيما بينها على تقاسم السلطة. ليس ذلك فقط بل ان جميع الحكومات المتعاقبة بعد عام الغزو الأمريكي للعراق هي غير مؤهلة ولا تمتلك الكفاءة ولا حتى الوطنية بل ان اراداتها مرهونة بالعمالة ومقترنة بالتمذهب الطائفي والعرقي سواء السني او الشيعي او العربي او الكردي وغيرها. هذه الأحزاب الدكتاتورية والعميلة والطائفية والفاشلة والفاسدة تسببت في اغراق ذلك البلد بالظلام الدامس والجهل والتجهيل والبطالة والحروب وفقدان الامن والسرقات وتفشي الفساد وانهيار المنظومات الاقتصادية والعلمية والتربوية والصحية والعسكرية والزراعية للبلد. وقد فشلت في إعادة بناء ولو مستشفى واحد كما وفشلت في السياسة الخارجية ايما فشل عظيم بحيث صار حتى دبلوماسيها في مشهد الإيرانية اهداف للاعتداء عليهم من قبل سلطات نظام خميني ناهيك عن الاعتداءات المتكررة على مواطني العراق هناك.

ان التظاهرات التي خرجت اليوم في مختلف المدن ومنها بغداد هي تعبير عن خيبة الامل و اليأس من هذه الأحزاب الدكتاتورية وفشلها في قيادة البلد نحو بر الأمان وإعادة البناء وعلى رأسها الحكومة الفاشلة التي يتربع على قمة فشلها عادل عبد المهدي. ولقد رأينا كيف تم قمع هذه المظاهرات من قبل عناصر النظام القمعية وذلك خير دليل على دكتاتورية المتربعين على عرش او عروش السلطة الفاسدة والفاشلة. وقد قلناها وقالها العديد من الشرفاء والوطنيون بأن وضع السلطة الحاكمة في العراق وتسببها في تلك المآسي التي لاتعد ولاتحصى ووضع العراق تحت الوصاية الإيرانية او الامريكية ما هي الا قنبلة موقوته بيد شعب مستباح عطال بطال يرى ثرواته نهباً وبلده يتم تدميره واهماله وتفخيخه بالطائفية والمذهبية ….. واذا ما فشلت او اسكتت التظاهرات هذه المرة فستعود لان الأسباب التي اخرجتها باقية بل وتتمدد …. واذا عادت فسوف لن تخمد حتى اسقاط النظام الفاسد في العراق واحلال نظام وطني لايفرق بين عراقي وعراقي ويكون همه إعادة بناء البلد لتحقيق العيش الرغيد الذي يتناسب وحجم الثروات الهائلة التي يمتلكها العراق.

اخيراً نحن نرى مدى الفشل الذي وصلت اليه حكومة عادل عبد المهدي العاجزة تماماً بل والبعيدة عن هموم الشعب وما يعانيه وكأنها حكومة نائمة وطال رقادها …. وعليه فمن المفروض بعادل عبد المهدي ان يستقيل او يثور هو ضد الفساد ويقود عملية الإصلاح وذلك عنه بعيد ….. وعليه ان يصارح الشعب بما هو حق واذا كان خائفاً فعليه ان يقول ذلك او يطلب اللجوء السياسي ويفتح ما لديه من اسرار ….

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here