عندما تخدش الكرامة حياء السيوف

* د. نداء الكعبي
قوضوا طاقاتها، حجّموها، فقالوا عنها ضعيفة، فأشبعوها تعنيفا، ذلك ليس وليد ليلة وضحاها، بل كان عبر القرون؛ تلك هي مأساة المرأة، التي تحدثنا عنها كثيرا ، دون ان نبحث عن الحلول والعلاجات ، التي تمكنها من مقاومة هذا العنف ، والتصدي له مجتمعيا ، ولم نسلط الضوء على المحطات المضيئة والشامخة في تاريخها، ففي مثل هذه الايام قبل أربعة عشر قرنا تصدت ببسالة وشجاعة وشموخ سيدة الصبر الحوراء زينب، لكل انواع العنف والاضطهاد ومحاولات الاذلال التي تعرضت لها عقب معركة الطف.
كل المؤشرات والوقائع والمعطيات تفرض عليها الخضوع، فهي امرأة وسط رجال مدججين بسيوف لا زالت تقطر من دماء فجيعتها بأخيها الحسين (ع)، وهي الطرف الخاسر للأهل والعشير والحمى، كما انها غريبة عن الوطن واسيرة تقاد في البلدان، ولديها الثواكل المفجوعات بالأبناء والأخوة والأزواج.
كل ذلك بفرض على العقيلة زينب الخضوع والخنوع، والقبول بما يفرضه العدو العنجهي المتجبر، وهو يحاول التلذذ بانتصاراته الزائفة، فهل يا ترى استسلمت بطلة الطف وخضعت لمن كبّلها بالسلاسل، وحاول اذلالها عندما استعرضوهم كأسرى للخارجين على حكم الخليفة؟.
لقد قلبت زينب الطاولة عليهم، وسفهت انتصاراتهم، وقرّعتهم وأهانتهم و حولت الشهادة الى مفخرة وعزة ، والسبي الى قوة واذلال لمدعاته ، وهز ت كياناتهم ودحرتهم في عقر دارهم ، بخطبتها العصماء التي زعزعت اركان عرش يزيد الملعون ، وهزمته رغم جيوشه وقواته وسلطته فسجلت اسمى المفاخر في التأريخ.
الحوراء زينب خير من جسد نموذج المرأة القوية المنتصرة رغم الخذلان، فرسمت لنا طريق مقاومة العنف ومقارعته، فمن حقنا ان نعد هذا اليوم ، ” يوما للنصر و القوة والتمكين للمرأة العربية المسلمة” وليس يوما لمناهضة العنف عليها فحسب، لان العنف يقع على الضعيف ، وهي ابعد ما تكون عن الضعف فقد جسدت القوة بكل معانيها ومسمياتها، فهل نصل الى وقت لا تحتاج فيه المرأة العربية المسلمة الى يوم لمناهضة العنف عليها ، عندما تكون قوية كما ينبغي وتستمد قوتها من قدوتها السيدة زينب سلام الله عليها ..
نريد ان يكون مثل هذا اليوم ممثلا في كل قرية تعاني نساؤها من الضعف والتهميش ، كي تعرف نساءنا الدور القيادي الرائع للسيدة زينب سلام الله عليها، عندما اثبتت ان صوت الحق اعلى من صوت الباطل ، وان الدم انتصر على السيف.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here