الأديان منذ الأزل هي تصورات ومعتقدات نسبية , ولهذا تطورت وتعددت , لكنها وبلا إستثناء ترى أنها تمتلك الحقيقة المطلقة , وأن دينها هو الدين وغيرها لا دين , رغم أن جميعها تعبيرات عن الغيب الذي لا يمكن إدراكه , وتتوهم المطلق الذي يعجز المخلوق النسبي عن الإمساك بوعيه ومعرفته.
وبسبب هذا الموقف مضت البشرية في حروب وتصارعات متواصلة ولن تنتهي , إلا إذا أدركت الأديان بأنها ذات قدرات نسبية , ولا يمكنها أن تكون مطلقة الدراية وتمتلك جوهر الحقيقة .
وما يتفرع من كل دين يمارس ذات السلوك , فيترجم وهْمَه في أنه الذي وجد الحقيقة ويمثل الدين الأصوب والأصدق.
ويبدو أن التطورات المعرفية والعلمية في القرن الحادي والعشرين , ستضع الأديان على المحك , وستتوصل إلى حقائق مذهلة ربما ستزعزع جوهر العديد من الأديان , مما يعني أن الأديان ستنكمش وتحاول التمترس والإنغلاق.
لكن تيارات التواصل الإليكتروني العابر للقارات والحدود ستنتصر عليها , وستدفع الناس للتعامل الإنساني وإحترام حق الحياة , والتفاعل الواعي الذي سيضع المسميات الإعتقادية بأنواعها في آخر قائمة الخيارات والتفاعلات ما بين البشر الذي يصنع الحياة.
فلن تبقى قيمة للمسميات الدينية والإعتقادية والمذهبية والطائفية , وما شئت من تصنيفات التدمير البشري , إنها ستذهب في غياهب النسيان , وأنها في محنة التصارع على البقاء , وما هي إلا ستلفظ أنفاسها الأخيرة , وسيكون القرن الحادي والعشرون مقبرتها , ولن ينجو من أهوال إشراقاته وأنواره إلا التي ستؤمن بالعقل والعلم والبحث , وترى الحقائق نسبية وذات أعمار تتناسب عكسيا وسرعة تيار الفيض المعرفي والعلمي.
فلا مطلق فوق أرض تدور , فإثبات دوران الأرض قد زعزع المطلق الذي كانت الأديان تتوهمه , لأنها كانت تحسب أن الأرض مركز الكون وأنها ثابتة , بمعنى أن التغيير لا وجود له , وأن العقائد الدينية لا تقبل النظر والتفاعل مع إرادة الدوران.
فما دامت الأرض تدور فلا مطلق فيها , وإنما كل شيئ محكوم بنسبية قابضة على مصيره , فالأرض ليست وعاءً للمطلقات الإعتقادية , ولهذا تتقاتل فيها المطلقات!!
وعليه فأن الإنسان لا بد له من التفاعل مع هذا العصر المتدفق بالمستجدات والعطاءات الإبداعية الأصيلة , وأن يكون مشاركا فيه لا عالة عليه , وأن يحترم العقل الآخر والرأي الذي عند أي إنسان.
فهل أدركنا حقيقة الدين والإيمان؟!!
د-صادق السامرائي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط