تساؤلات حول بعض الرواهن العراقية الدامية، اليوم

* رواء الجصاني

———————————————————————-

في تنازع بين موقف الصمت، البليغ، او المساهمة في ابداء رأي بشأن الاحداث الراهنة، تأتي هذه الخلاصات، في محاولة قد تسهم في الايضاح والتوضيح حول الاوضاع القائمة في البلاد العراقية منذ سنوات طويلة، والتي بلغت ذروتها هذه الايام.. وقبل كل هذا وذلك، ادعي بأن كل ما سيلي هو الخشية، بل الرهبة، من وقوع حربٍ اهلية شبيهة بالحال السورية والليبية واليمنية التي دمرت – وما زالت تدمر- العباد والبلاد منذ سنوات ..

وكما هو التقليد في كتابات نشرتها سابقا، سأعتمد هذه المرة ايضا اسلوبية التنقيط، للأختصار اولا، وبهدف المباشَرة – ثانياً- دون اسهاب وتنظير في وضعٍ ملتهب لا يتحمل المزايدة واستعراض القدرات، والتلاعب بالتعابير… واشير مستبقا في القول بأن العديد مما سيلي منشور في وسائل الاعلام وخاصة بعد تظاهرات 2015 وما بعدها .

1/ أزعم اولا بأن اية فعالية مهما بسطت تتطلب معرفة وحسابات الاجواء والظروف والاهداف المرجوة.. فكيف والامر هنا يتعلق باحتجاجات جماهيرية واسعة، ساخنة بل ودموية …

2/ وارتباطا بما تقدم لا بدّ وان يكون المخططون والمنظمون، والداعمون لمثل تلك الاحتجاجات الشعبية قد أخذوا بعين الاعتبار جميع الاحتمالات المتوقعة، و”الارباح” و”الخسائر” في ضوء ما بات معروفاً للجميع من اوضاع موجعة، لئيمة ومؤلمة.

3/ وبشأن التوقيت، وهو من ابرز الامور التي يجب حسبانها، ثمة تساؤل اذا ما كان الوضع اليوم مناسبا ام لا، في ضوء التوتر الاخطر – كما ازعم- المحيط بالعراق، واعني المواجهة القائمة بين واشنطن، وحلفائها، من جهة، وطهران وحلفائها، من جهة ثانية.. دعوا عنكم اسرائيل وسياساتها وممارساتها ومخططاتها.

4/ وثمّ ايضا :هل آن الاوان حقا، وبات ممكنا حلّ بعض الازمة العراقية، بهذا القدر او ذلك، بمعزل عن ظروف المنطقــة والعالم؟. هل يمكن قيام جزيرة خير وازدهار عراقية في بحر لج، ولجوج بالنيران من كل حدب وصوب؟ .

5/ كما أفترضُ ان الحال العراقية شهدت وتشهد المزيد من الانشطارات الافقية والعمودية، المجتمعية والسياسية والحزبية والمناطقية وغيرها، وهي عوامل لا يمكن تجاهلها في التأثير

باي حدث مهم، بأية حال من الاحوال، والتوقف عند تأثيراتها، حتى وان تعالت العاطفية والاماني، والتمنيات.

6/ ومن التساؤلات الضرورية الاخرى، على طريق اصلاح الحال العراقية، هي حساب الموازنات بين قوى واحزاب وشخصيات المواجهين والمحتجين، وبين اقرانهم في صفوف السلطة: احزابا وشخصيات وانصارا.. وما علينا في هذه الكتابة – الان على الاقل- التشريح والتقييم والتفاصيل الاخرى..

7/ والحاقا بالفقرة السابقة، اليس من الجدير معرفة الشخصيات او القوى التي تولت اطلاق التظاهرات، وادامتها وتوجيهها؟ وهل يمكن لعاقل ان يصدق بأنها جاءت عفوية، وحسب، بسبب ان السيل الزبى قد بلغ الزبى من التهميش والمعاناة الاقتصادية والاجتماعية وسواها..

8/ وبالمقابل هل يمكن لاي انسان، مخلص، موضوعي، حريص، ان يبخس حقوق الناس في التظاهر، وخاصة من الذين عانوا وما زالوا يعانون من الفقر والافقار، والعسف والتمييز بكل اشكاله، وبواقع لا يختلف اثنان على مرارته، بل وعلقمه .. ومؤكد هنا ان المقصود هو الاحتجاجات السلمية، بعيدا عن العنف، وخاصة الحكومي، غير المبرر والمدان، كما هو مدان التجاوز على المؤسسات العامة والخاصة، وغيرها ذلك، مما قد اوقع على التظاهرات مسؤولية ما ايضا..

9/ ووفقا للفقرة السابقة يصح القول بأعتقادي – وليس الاجتهاد- بان ثمة مديات واسعة، متباينة، في حجوم وقدرات جانبي السلطة من جهة، والمحتجين من جهة ثانية، وما هو متوفر لهما من دعم وامكانيات مالية وعسكرية وامنية وغير ذلك، من تأييد واستقطابات جماهيرية واعية او مغفلة، ومن المفترض ان يكون ذلك موضع اهتمام وحساب، بهدف تحجيم عدد الضحايا والمصابين بقدر ما هو ممكن..

10/ كما لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار ايضا مساحة الرقعة الجغرافية التي تحرك ويتحرك فيها المحتجون، واذا ما كانت تشمل البلاد كلها، جغرافيا، ام مناطق محددة منها، ولماذا؟ وهل ان تلك حالة صحية؟ وماهو تأثير ذلك على المسار المطلوب؟.

11/ ولعل مما لا يجوز عبوره في هذا المقام اهمية التحذير من محاولات ركوب الموجة، تحت لوبوسات مختلفة، والتزيّ بلبوسات المعارضين والمجربين، والحكماء وعداهم.. ولربما ساهم – ويساهم – ذلك بهدف او اخر، في المزيد من الضحايا ونزيف الدماء الغوالي..

12/ ويبقى السؤال الاهم: ما العمل اذاً أمام تزايد موجات التسلط والفساد والسرقات والخيبات والتدهور الاقتصادي الاجتماعي..؟. والاجابة الدقيقة، المشبعة، – ولا نقول الحاسمة – لن ولن تكون سهلة وبهذه العجالة. نعم لا حلّ، او بعض حلّ، الا بالاحتجاج السلمي، واعلاء صوت

المظلومين، والفقراء، وعوائلهم: اعلاميا وسياسيا وتوعية وغيرها من اساليب يفرضها الواقع،.. ونكرر بعيدا عن الغلو والعنف ولا ندري – مثلاً- مدى صواب الدعوة لاضراب عام، على تلك الطريق..

ختاما تبقى هذه التساؤلات والوقفات “استشارية” فنحن – مع كل ما ندعيه من وعي وتجربة وتاريخ- موجودون في الخارج. ولا يجادل اثنان موضوعيان بان “اهل مكة ادرى بشعابها” وهم الاجدر منا في التقييم الواقعي المعاش ميدانياً، بكل ألمه ومراراته..

————————————————-* رواء الجصاني 2019.10.4

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here