الاسواق العراقية بين غزو الجوار الاقليمي وسياسات الحكومات العراقية بعد 2003

بعدما كان مصدرا للخضروات الى دول العالم ومحيطه الاقليمي، أصبحت اسواق العراق المحلية تصريفا للخضر من دول الجوار، وتعتمد بشكل اساسي على تلبية حاجات المواطنين منها.

غزت دول مثل ايران والسعودية والاردن والكويت وتركيا وحتى مصر السوق العراقية من خلال شركاتها التي تورد انواع الخضر الى السوق المحلي وباتت منفذا لتصريف منتجاتها على حساب المنتج الوطني، سيما ان اسعار المنتجات المستوردة تعتبر نسبيا ارخص ثمنا من المنتوج المحلي.

ويعزو مواطنون ومراقبون هذا التحول الى غياب الدعم الحكومي الكافي للمزارع وللمنتوج الوطني ولاقتصاد البلد بشكل عام، فضلا عن فتح باب الاستيراد على مصراعيه لهذه المنتجات وانخفاض اسعارها قياسا بالمنتوج المحلي، اسهم في تراجع انتاج العراق من الفواكه والخضر.

يقول علي الموسوي وهو مدون على صفحات الفيس بوك، إن “السبب الرئيسي لتراجع الزراعة في البلد هو فسح المجال للاستيراد من دول الجوار للمنتجات الزراعية والتي بدورها اثرت على ديمومة الزراعة وحيويتها”.

ويضيف في حديث لوكالة نون الخبرية، أن “ضعف الدعم الحكومي للمزارعين، و غرق السوق المحلية بالمنتجات المستوردة، وارتفاع اسعار الفواكه والخضر المحلية قياسا بالمستورد، سبب تذبذبا بالأسعار، مما ادار الكفة لصالح البضائع الوافدة من دول الجوار”. مبينا “لعدم توحيد اسعار الفواكه والخضر المحلية والمستوردة من قبل الدولة على حد سواء”.

ويشير الموسوي “من المفترض ان تتدخل الدولة في قضية توحيد تسعيرة المنتجات الزراعية من الفواكه والخضر المحلية والمستوردة”. موضحا ان “بتوحيد الاسعار وفق ضوابط محددة يحتم على التجار الالتزام بها، مما يدفع الضرر عن المزارع العراقي”.

من المؤسف اننا في بلد يطلق عليه تسميات مثل بلد السواد والرافدين واسواقنا المحلية اجتاحها المستورد، هكذا كان رد حسن لطيف وهو موظف حكومي بحرقة بالغة وبحشرجة بانية على صوته خلال حديثه لوكالة نون الخبرية.
ويرى لطيف ان “الاستيراد يخضع لشروط التجار، والتاجر يستورد البضاعة التي تصب في مصلحتي، اي تجد البضاعة رديئة وذا سعر مرتفع”, على حد قوله.

ويقول لطيف ان “اغلب المزارعين تركوا اراضيهم وهجروا المهنة لعدم دعم القطاع الزراعي حيث تم تحويل الاراضي الشاسعة من المساحات الخضراء الى مناطق سكنية”.

اصحاب “بسطيات” الخضر والفواكه، يقولون ان “الاسعار تخضع لرغبة التجار، ويختلف السعر من مكان الى اخر مع العلم ان البضائع من نفس الدولة والشركة الموردة لها، هذا ما بينه محمد قاسم، فيما يقول صلاح حسن ان “المزارع المحلي لم يعد كما كان حيث نقص المياه وشراء مادة الكاز لتشغيل المولدات و”الماطورات” لسقي المزروعات فضلا عن شراء الاسمدة والمكافحة من الامراض والتي تحكمت في فرض اسعار مرتفعة نوع ما عن المستورد”.

المهتم بالشؤون الاقتصادية حازم نور يقول في حديث لوكالة نون الخبرية، ان “التسعيرة توضع من قبل الدولة لتحقيق التوازن ولحماية المستهلك، وعلى ان لا تكون على حساب دخل الفلاح، وللدولة دعم كبير يقدم له منذ زراعة المحصول الى حين حصاده، مما يعطيها مبرر لوضع التسعيرة على المحاصيل الزراعية”.

وبحسب نور، ان “على الدولة وقف استيراد المنتجات الزراعية، وان تعيد برامج الدعم للفلاح، وأقامتها لمشاريع استراتيجية لأحياء الاراضي الزراعية واعادة استصلاحها، وتوفير شبكة من المياه لسقي المزروعات، بالإضافة الى شبكة من المبازل، وبخلاف ذلك سيتمر التدهور في هذا القطاع الاقتصادي المهم والحيوي الذي يمس قوت الناس”.

 

عامر نوري – كربلاء

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here