عملية ترقيع و مكيّجة وجه نظام المحاصصة القبيح لن يجدي نفعا !

بقلم مهدي قاسم
تحت ضغوط تظاهرات جماهيرية عارمة ومتواصلة ، مع ما رافقها
من سقوط عشرات من ضحايا الإرهاب الميليشاوي ( 104 ضحية بحسب أخر إحصائية ) بالذخيرة الحية ، فقررت حكومة عادل ” الزوية ” الكسيحة معلنة عن رزمة من قرارات تهدف بالأساس إلى امتصاص نقمة وغضب المتظاهرين ، بهدف التخفيف من حدة و وتيرة التظاهرات ، سيما بعدما أدركت إن
اللجوء إلى استخدام وسائل العنف و القتل الوحشية بحق المتظاهرين المسالمين لن تجدي نفعا ولا تغير من الوضع المنفلت شيئا غير الإفراط في استخدام العنف الوحشي إلى آخر مداه ، الأمر الذي سبب و سيسبب لها إحراجا سياسيا دوليا متزايدا و يضر بسمعتها ـــ التي هي أصلا
زفت على زفت بدون هذا ــ كلما سقطت أعداد جديدة من الضحايا بين صفوف المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة بالعمل الشريف والعيش الكريم ..

و مثلما أوضحنا مرارا و تكرارا في مقالات سابقة لنا بأن
الخلل الأساسي و العطب المزمن والعقبة الرئيسية والمباشرة للتقدم والتطور والازدهار في العراق موجود أصلا في أساس النظام السياسي الفاسد والفاشل و المشوه ذاته ، والقائم على التحاصص الطائفي بين عصابات اللصوص النهّابين و المرّفلة بعباءة سياسية فضفاضة وزائفة ،
وأردفتُ في حينها : طالما إن هذا النظام الهجين والفاسد المشوّه لا زال قائما و مُقادا من قبل نفس الطاقم أو ” الحرس القديم ” المنخور فاسدا من نفس لصوص ومجرمين سياسيين جشعين و خطيرين على صعيد تدمير ما تبقى من بقايا العراق وتجيير مصالحه الوطنية لأجندة دول الجوار
، فإن أية عملية ترقيعية أو مكيجة لتجميل وجه هذا النظام السياسي القبيح والبشع ـ ولو بحزمة قرارات قد تبدو مفيدة للوهلة الأولى ــ لن تقود إلى نتيجة مرجوة ولا تفتح مجالا لتحسين الأوضاع جذريا و حاسما ، بقدر ما يكون التفافا خبيثا على أهداف المتظاهرين بغية التقاط
الأنفاس و كسب مزيدا من الوقت لمواصلة أعمال النهب واللصوصية ومظاهر الفساد والفشل حتى الخراب الأخير، بعدما تخف حدة التظاهرات شيئا فشيئا لكي تُخمد نهائيا ، مثلما في السنوات الماضية ، على الأقل هذا ما يعوّلون عليه بالضبط وتماما ..

يعني بتعبير أوضح و أدق :

ـــ إن مَن كان فاسدا مع أموال وممتلكات الدولة و سارقا
لها بشكل متواصل و فاشلا في الوقت نفسه في إدارة شؤون البلاد إدارة ناجحة و بارعة طيلة 16 عاما و حتى الآن ، فلا يمكن أن يكون صالحا ونزيها و إصلاحيا بين ليلة وضحاها ..

هكذا بكل بساطة ووضوح ..

و هذه الحقيقة تشمل جميع الأحزاب الفاسدة والفاشلة التي
شاركت في الحكم ونهبت ثروات البلاد ولا زالت من خلال التحاصص وتقسيم المناصب والمغانم المفرّهدة ..

من هنا يجب الإصرار من قبل المتظاهرين على استقالة الحكومة
و محاكمة الضالعين في جرائم قتل المتظاهرين و كذلك المطالبة بالتغيير الجذري في بنية النظام السياسي المشوه الراهن ، إبتداء من إحداث تغييرات جوهرية في بنود الدستور على صعيد هيكلية النظام السياسي المحاصصتي و كذلك قانون الانتخابات ، و تفعيل نظام الأقاليم ، مع
تشريع قوانين وبنود من شأنها ترسيخ آليات مؤسسات دولة القانون ، واستقلال القضاء استقلالا كاملا ، بدون ضغوط أو تدخلات سياسية و فئوية ، بحيث أن إدارة مؤسسات الدولة العامة تأخذ مداها الروتيني الطبيعي ، بغض النظر عن انتهاء صلاحية هذه الحكومة أو تشكيل أخرى جديدة
و الإصرار على محاسبة ومقاضاة الساسة والمسؤولين الفاسدين و إستعادة المليارات المسروقة من ثروات الشعب و استثمارها لصالح المواطنين ..

أيها المتظاهرون الشجعان لا تتركوا أنفسكم لتلدغوا من
الجحر عشرات مرات ، حتى لا تذهب دماء ضحاياكم هباء منثورا !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here