فنون العراق الجميلة، الفن العراقي وثيق الصلة بالشعر العربي

* د. رضا العطار

نشأت الالوان الموسيقية والالحان الغنائية في الاقطار العربية ضمن معطيات وامكانيات الظروف البيئية والاجتماعية وتاثرت بها واثرت بما حولها من اصناف الفنون الاخرى.
لقد كانت الموسيقى في العراق وفي الاقطار العربية الاخرى وثيقة الصلة بالشعر بانواعه – – – فلم يظهر النغم الا مرافقا للمعنى الشعري، ولم يجد الغناء له مكانا منذ العصر الجاهلي الا حيث برز الشعر الذي كان بحق ديوان العرب. لهذا غلب فن الغناء على غيره من فنون الموسيقى في الوطن العربي – – – فكانت الاغاني اداة التعبير الموسيقية الاولى التي اضفت على الشعر الملحن المزيد من عناصر الجذب ولقد مرت الاغنية العربية بمراحل تاريخية كثيرة بدأ من الحداء لدى البدو في العصر الجاهلي الى المقامات باعتبارها احدث الصيغ الغنائية التي ما تزال تؤثر في وجدان الشعب وتجد لها صدى في النفوس رغم ما طرأ على وسائل العيش وطرق الاتصال في المدينة والممارسات الفنية من تطور دفع بالموسيقى والغناء نحو ميادين في غاية الجدة والاهمية. ففي المدينة تنشأ الاشكال والصيغ الفنية وتنشأ وتتطور الادوات الموسيقية والصيغ اللحنية التي تستمر عبر الاجيال وتحافظ على عناصرها الفنية الاولى رغم المتغيرات فتسمى تلك الصيغ بالموسيقى (التقليدية)

ومن ابرز هذه الصيغ في القطر العراقي في مجال الغناء والتقاسيم الموسيقية الالية، هي المقامات العراقية – – – ولكلتا الصيغتين علاقات تعود جذورها الى قرون قليلة ماضية وتشتركان في العديد من الخصائص اهمها اعتمادها على الارتجال في الاداء ومرونتها في تقبل الاضافات والزخارف والايقاعات الانية اثناء الاداء وقدرتها على الصمود ازاء المتغيرات التي حدثت في الفنون الموسيقية وغيرها. ومن هنا سميت بالصيغ التقليدية بعد ان استطاعت ان تثبت نوعا من تقليد بات مصدرا من مصادر الممارسة المحلية في مجال اللحن والموسيقى.

والفنون التقليدية تنشأ وتدوم عادة في المدينة وتتصف بخصائص الفنون الاخرى فلا يمكن ممارسة هذه الفنون الا من خلال الدراسة والتلقين والمتابعة، لهذا كان ثمة – طرائق – لاداء فن المقام العراقي واساليب لاداء فن التقاسيم، وقد نشات تلك الطرائق ورسخت بفعل عوامل الاتصال بين بلدان المنطقة. وكان الدين اهم تلك العوامل التي اثرت في ظهور الالوان المقامية في العديد من البلدان الاسلامية كالعراق وايران وتركيا وادربيجان اضف الى ذلك عوامل الاتصال والسيطرة وما الى ذلك من عوامل ساعدت على تاثير الفنون ببعضها وهي ربما كانت سببا في اختفاء البعض الاخر من الفنون.

الا ان الفنون التي تظل تتعايش عبر الازمان رغم المتغيرات هي الفنون الاكثر اصالة وتستحق ان تكون تراث الشعب – – – وقد كانت المقامات العراقية والتقاسيم من هذه الفنون التي ما تزال تؤثر في وجدان الشعب فهي تراثه الاصيل ومنبع النشوة الفني الاول في تاريخه الحديث.
هذا ما يخص التراث النغمي في المدينة، وثمة تراث نغمي اخر لا يقل غنى وخصوبة عن الاول وهو التراث الشعبي او الفولكلوري الذي ينشا ويدوم في القرى والارياف والصحاري.

* مقتبس من كتاب حضارة العراق للباحث عادل الهاشمي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here