تركيا تكثف حملتها العسكرية في سوريا والدولة الإسلامية تهاجم الأكراد

كثفت تركيا ضرباتها الجوية وقصف المدفعية على مقاتلين أكراد في شمال شرق سوريا يوم الجمعة في تصعيد لهجوم أثار تحذيرات من كارثة إنسانية وأدى إلى انتقاد نواب جمهوريين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويقول الأكراد، الذين انتزعوا السيطرة على مساحات شاسعة من شمال شرق سوريا من يد تنظيم الدولة الإسلامية بدعم أمريكي، إن الهجوم التركي قد يسمح للتنظيم المتشدد بالعودة للظهور.

وفي أول هجوم كبير منذ بدء العملية العسكرية التركية، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية يوم الجمعة مسؤوليته عن هجوم بسيارة ملغومة في القامشلي، أكبر مدينة في المنطقة الخاضعة لسيطرة الأكراد، على الرغم من تعرضها لقصف تركي مكثف.

وقال الأكراد إن خمسة من مقاتلي الدولة الإسلامية فروا من سجن هناك كما أحرقت أجنبيات من التنظيم عددا من الخيام وهاجمن الحراس بالعصي والحجارة في مخيم يُحتجزن فيه.

وبدأ التوغل بعدما تحدث ترامب هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسحب القوات الأمريكية التي كانت تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية جنبا إلى جنب مع المقاتلين الأكراد. وفتح الهجوم جبهة جديدة للقتال في الحرب الأهلية السورية المستعرة منذ أكثر من ثمانية أعوام وأثار انتقادات عالمية شديدة.

ورفض أردوغان الانتقادات وقال إن الهجوم على المسلحين الأكراد لن يتوقف مهما كانت التصريحات الصادرة بشأنه من أي طرف.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد القتلى الذين سقطوا منذ بدء العملية العسكرية التركية تجاوز المئة. وقالت الأمم المتحدة إن مئة ألف فروا من منازلهم.

وفي واشنطن رفض ترامب الاتهامات بالتخلي عن الأكراد حلفاء الولايات المتحدة وقال إن من الممكن أن تتوسط واشنطن في الصراع.

وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين يوم الجمعة إن ترامب فوض مسؤولين أمريكيين بصياغة مسودة لعقوبات جديدة ”كبيرة للغاية“ على تركيا. وأوضح منوتشين أن الولايات المتحدة لا تطبق العقوبات في الوقت الراهن لكنها ستطبقها إذا اقتضت الضرورة.

وأضاف ”هذه عقوبات قوية جدا. نأمل ألّا نضطر لاستخدامها لكن بمقدورنا أن نصيب الاقتصاد التركي بالشلل إذا أردنا“.

وقال مارك إسبر وزير الدفاع الأمريكي في إفادة صحفية إن بلاده لم تتخل عن الأكراد وإن مسؤولين أمريكيين حثوا تركيا على وقف الهجوم، محذرا من أنه يمكن أن يلحق ”ضررا بالغا“ بالعلاقات الثنائية.

وقصفت طائرات حربية ومدفعية تركية يوم الجمعة، وهو ثالث يوم من العملية العسكرية، مناطق حول بلدة رأس العين السورية، وهي واحدة من بلدتين حدوديتين يتركز فيهما الهجوم.

وسمع صحفيون من رويترز في بلدة جيلان بينار التركية دوي إطلاق النار داخل رأس العين على الجانب الآخر من الحدود.

وعلى بعد مئات الكيلومترات إلى الشرق على الحدود انفجرت سيارة ملغومة خارج مطعم في القامشلي بينما تتعرض المدينة لقصف تركي عنيف. وقالت السلطات الكردية إن الانفجار أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة تسعة. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته وقال إنه استهدف مقاتلين أكرادا.

ودخلت قافلة تضم 20 مدرعة تقل مقاتلين من المعارضة السورية من جيلان بينار يوم الجمعة إلى الأراضي السورية. وأشار البعض بعلامة النصر بينما كبر البعض الآخر ولوحوا بأعلام المعارضة فيما تقدموا صوب رأس العين.

وعلى بعد نحو 120 كيلومترا غربا قال شاهد إن تركيا استأنفت القصف قرب بلدة تل أبيض. وقال مقاتلون أكراد إن تلك أكثر المعارك حدة هناك في ثلاثة أيام.

واندلعت اشتباكات خلال الليل على طول الحدود من عين ديوار على الحدود العراقية حتى عين العرب (كوباني) على بعد أكثر من 400 كيلومتر غربا. وقال مروان قامشلو المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية إن القتال يدور على طول الحدود.

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات التركية استولت على تسع قرى بالقرب من رأس العين وتل أبيض.

وذكر المرصد أن ما لا يقل عن 54 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية و42 من مقاتلي المعارضة السورية الذين تدعمهم تركيا قتلوا خلال الاشتباكات إضافة إلى 17 مدنيا.

وقالت تركيا إن اثنين من جنودها قتلا. كما أعلنت السلطات التركية يوم الجمعة مقتل شخصين وإصابة ثلاثة جراء قصف بقذائف المورتر في مدينة سروج الحدودية بينما قتل ثمانية وأصيب 35 في هجوم بقذائف المورتر والصواريخ على مدينة نصيبين الحدودية.

* استخدام اللاجئين كسلاح
تقول أنقرة إن الهدف من الهجوم هو هزيمة وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها عدوا نظرا لصلاتها بالمتمردين الأكراد في تركيا. وأوضحت أنها تسعى لإقامة ”منطقة آمنة“ داخل سوريا لإعادة توطين أكثر من 3.6 مليون لاجئ تستضيفهم.

وقال أردوغان إن الهجوم سيستمر ”لحين تراجع كل الإرهابيين جنوبا إلى ما بعد (الشريط) الحدودي البالغ 32 كيلومترا الذي ذكره السيد ترامب“.

وهدد أردوغان بإرسال اللاجئين إلى أوروبا ما لم تحصل أنقرة على دعم من الاتحاد الأوروبي وهو ما أثار ردا غاضبا من التكتل.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك يوم الجمعة على تويتر قائلا ”لن نقبل بأي حال أن يُستخدم اللاجئون كسلاح، ويُستغلوا لابتزازنا“. وقالت فرنسا إن مسألة فرض عقوبات على تركيا ستناقش في قمة للاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل.

وفي الولايات المتحدة تسبب قرار ترامب بالإحجام عن حماية الأكراد في إثارة انتقادات من جمهوريين.

وقال ترامب على تويتر يوم الخميس ”لدينا ثلاثة خيارات: إرسال آلاف الجنود والفوز عسكريا أو توجيه ضربة مالية قوية لتركيا وفرض عقوبات أو التوسط للتوصل لاتفاق بين تركيا والأكراد“.

وأضاف في وقت لاحق ”أتمنى أن نتمكن من التوسط“.
وتسبب رفض الدول الغربية للهجوم التركي في شقاق داخل حلف شمال الأطلسي الذي تنتمي له أنقرة. وقال ينس ستولتنبرج الأمين العام للحلف بعد محادثات مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في اسطنبول إنه يتوقع أن تتحلى تركيا بضبط النفس في سوريا بينما قال جاويش أوغلو إن أنقرة تتوقع ”تضامنا قويا“ من الحلف.

تغطية صحفية توم بيري – شارك في التغطية جون أيرش في باريس وإيما فارج في جنيف وأنتون كولوديازني في موسكو ويان شتروبفسكي في بروكسل ومراسلو رويترز في المنطقة – إعداد سلمى نجم للنشرة العربية – تحرير مصطفى صالح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here