القضية الكوردستانية أصبحت قضية عالمية، تفرض حضورها

مهدي كاكه يي

الهجوم التركي الجاري على إقليم غرب كوردستان، يُظهر أنّ القضية الكوردستانية قد تجاوزت حدود كوردستان وحدود منطقة الشرق الأوسط وأصبحت قضية عالمية، تحظى بإهتمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي وإهتمام الرأي العام لشعوب الدول الكبرى وحكوماتها. لأول مرة في التاريخ، تكسر القضية الكوردستانية حدود الدول الكبرى وتصبح من العوامل التي تُقرر مصير حُكّام وأحزاب هذه الدول. هذا التطور التاريخي للدور الذي يلعبه شعب كوردستان في السياسة العالمية والذي حققه بنضاله وتضحياته والشجاعة الفائقة للمرأة الكوردستانية وللرجُل الكوردستاني في محاربة الإرهاب، حيث عمّت أصداء هذه الشجاعة مختلف بقاع العالم وأصبحت المرأة الكوردستانية رمزاً للنضال والإقدام والبسالة والشجاعة وتحظى بإعجاب وإحترام وتقدير شعوب العالم.

الآن لِنستعرض مواقف حكومات العالم ومنظماتها من الغزو التركي لإقليم غرب كوردستان لنرى الإهتمام والتأييد العالمي الكبير لشعوب وحكومات العالم لشعب كوردستان ووقوفها ضد الغزو التركي.

في البداية يجب التأكيد بأنّ الرئيس الأمريكي (دونالد ترامپ) أعطى الضوء الأخضر للهجوم التركي على الأراضي الكوردستانية، إلا أنه الآن يتعرض الرئيس ترامپ لضغوطات هائلة من الكونگرس الأمريكي، بأعضائه الجمهوريين والديمقراطيين على السواء ومن مؤيدين مُهمّين له، حيث أعلن النواب الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي أنهم سيطرحون قرار عقوبات على تركيا رداً على هجومها على قوات سوريا الديمقراطية. لقد أصدرتْ النائبة الجمهورية (ليز چيني) بياناً، قالت فيه: (يجب أن يواجه الرئيس (رجب

طيب أردوغان) ونظامه عواقب وخيمة بسبب الهجوم بلا رحمة على حلفائنا). كما أنّه صرّح مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية بأنّ الولايات المتحدة ستفرض إجراءاً عقابياً على تركيا إذا تورطت في أي تحركات “غير إنسانية وغير متناسبة” ضد المدنيين خلال توغلها في إقليم غرب كوردستان. الضغوطات الهائلة التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي، إضطرته الى تكليفه دبلوماسيّين أميركيّين للتوسّط في وقف لإطلاق النار بين أنقرة والكوردستانيين، ولهذا السبب أيضاً، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ هناك ثلاث خيارات أمام واشنطن للتصدّي للغزو التركي وهي التوسّط من أجل التوصل لِإتفاق بين تركيا وإقليم غرب كوردستان، أو توجيه ضربة مالية قوية لِتركيا، أو إرسال آلاف الجنود للمنطقة لِإيقاف الإحتلال التركي.

من جانبٍ آخر، أعلن السيناتور الديمقراطي، (كريس ڤان هولن)، أن أعضاء الكونگرس ينجزون حالياً العمل على مشروع قانون يفرض عقوبات قوية على تركيا، بسبب غزوها الجديد ضد الكورد، وقال السيناتور الأمريكي (ڤان هولن)، في سلسلة تغريدات نشرها بموقع “تويتر”، بعد الهجوم التركي “لا بد من أن تدفع تركيا ثمناً كبيراً لمهاجمة شركائنا الكورد السوريين”. تابع هولن “لن يدعم السيناتورات من كلا الجانبَين التخلي عن الجماعة الإقليمية الوحيدة التي تتحمل المسؤولية الأساسية عن تركيع داعش. وأشار (ڤان هولن) إلى أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامپ، “يحب أن يدّعي أنه هزم داعش”، مضيفا “حققت قواتنا بالشراكة مع الكورد السوريين تقدماً عظيماً، لكن ما زال هناك عمل كبير يجب القيام به. داعش يحتفل بخيانة ترامپ”. وأكد السيناتور الأمريكي أنه “يجري الآن وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون العقوبات من الحزبَين”. السيناتور الجمهوري (ليندسي گراهام) أعلن أن الكونغرس سيجعل الرئيس التركي (رجب طيب اردوغان) “يدفع غاليا جداً” ثمن هجومه على القوات الكوردية المتحالفة مع بلاده.

من جهةٍ أخرى، في حالة نادرة، وجّهت شخصيات بارزة في حركة الإنجيليين، إنتقادات إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامپ بسبب قراره إعطاء الضوء الأخضر للهجوم التركي

على غرب كوردستان، حيث دعا القس والمُبشّر الإنجيلي البارز (فرانكلين گراهام) الذي يعدّ صديقاً للرئيس الأمريكي على حسابه في “تويتر” مؤيديه إلى الصلاة معه من أجل أرواح الذين سيتأثرون بِقرار البيت الأبيض سحب قوات الولايات المتحدة من غرب كوردستان، مشيراً إلى أن القرار الذي إستدعى القلق العميق لدى الحزبَين الديمقراطي والجمهوري على حد سواء، يعني في الواقع التخلي عن الشعب الكوردي. كما أنّه من جانبه، حذّر الداعية والإعلامي الإنجيلي (بات روبرتسون) الذي كان حتى الآونة الأخيرة من أشدّ مؤيدي الرئيس الأمريكي، من أن ترامپ قد يخسر “التفويض من السماء” إذا لم يتدخل لوقف الهجوم التركي في غرب كوردستان، واصفاً الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) بأنه “ديكتاتور وسفّاح”. أعرب روبرتسون أيضاً عن إستغرابه البالغ إزاء قرار البيت الأبيض خيانة هذه القوى الديمقراطية في غرب كوردستان، موجّهاً إنتقادات شديدة اللهجة إلى ترامپ بالقول: “الرئيس الذي سمح بتجزئة الصحفي السعودي (جمال خاشقجي) دون أي عقاب يُذكر، سيسمح الآن للأتراك بِذبح المسيحيين والكورد”

من جانبه، ذهب الإعلامي الإنجيلي البارز (إريك إريكسون) إلى أبعد من ذلك، إذ توجّه على حسابه في “تويتر” إلى رئيسة مجلس النواب الديمقراطي (نانسي بيلوسي) بِدعوة تسريع تحقيق العزل الجاري بِحق ترامپ، قائلاً: “ربما لا يزال لدينا وقت لإنقاذ بعض الكورد”. تُشكّل هذه الإنتقادات خطراً كبيراً على حملة ترامپ الإنتخابية الثانية التي تُجرى في الولايات المتحدة في العام القادم، حيث أنّ دعم الإنجيليين لِ(ترامپ) كان من بين أهم أسباب الفوز الذي حققه في الإنتخابات الرئاسية السابقة. كل المؤشرات تشير الى أنه لو لم يقُم الرئيس الأمريكي بإيقاف العدوان التركي، فأنه سيخسر كرسي الرئاسة في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية التي تُجرى في العام القادم.

أوروپياً، بناءاً على طلب كل من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وبلجيكا و پولندا، إنعقد مجلس الأمن الدولي لبحث العدوان التركي، إلا أنّ روسيا أفشلت قيام المجلس بإتخاذ قرارات لِردع العدوان التركي. من جهة أخرى، تقول وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون الإتحاد

الأوروپي (أميلي دومونشالان)، أنّ قمة الإتحاد الذي سينعقد في الأسبوع القادم، ستناقش فرض عقوبات على تركيا بسبب محاولتها غزو غرب كوردستان. كما أعلنت كلّ من ألمانيا وهولندا والسويد والنرويج وفنلندا، حظر بيع الأسلحة لتركيا نتيجة العدوان التركي على غرب كوردستان.

كما أنّ إسرائيل أدانت الغزو التركي لإقليم غرب كوردستان، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) في تغريدة له بموقع تويتر “تُدين إسرائيل بشدة الإجتياح العسكري التركي للمحافظات الكوردية في سوريا، وتُحذّر من قيام تركيا ووكلائها بتطهير عرقي بِحقّ الكورد”، وأضاف نتنياهو قائلاً: “ستبذل إسرائيل كل جهد ممكن لتقديم المعونات الإنسانية إلى الشعب الكوردي الباسل”.

هذا الإستنكار العالمي الواسع للعدوان التركي والإهتمام الكبير من قِبل الرأي العام العالمي والأوساط السياسية العالمية بِشعب كوردستان، يُؤكّدان أن القضية الكوردستانية أصبحت قضية دولية وأنه مهما كانت نتائج الغزو التركي لِإقليم غرب كوردستان، فأنّ دولة كوردستان قادمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here