النفط والفساد!!

النفط في البلاد ملك مشاع للكراسي , لعدم وجود قانون ينظم وارداته ويحصرها في وزارة المالية , التي من المفروض أن تكون المسؤولة عن الواردات الوطنية بأنواعها , وتحرص عليها في خزينة الدولة وبنوكها المركزية والحكومية , وأن يتحقق توزيع عادل ووطني للعائدات.

ومشكلة النفط العراقي أنه لا يخضع لقانون حازم ومراقبة نزيهة ذات معايير وضوابط ومقاييس صارمة , وإنما كلما تغير نظام الحكم صار الكرسي سيدا على النفط , وحسبه من غنائمه التي عليه أن يتصرف بها كيفما يشاء.

وبسبب هذه العشوائية وعدم الإنضباط والحرص المالي تفشى الفساد في أركان الأنظمة المتعاقية , فكلها تستحوذ على عائدات النفط ولا يعنيها من الأمر إلا كم ستغنم وتملك , ولهذا تجد الذين يأتون إلى السلطة يتحولون في ليلة وضحاها إلى أصحاب الملايين , ولا مَن يسائلهم عمّا ينهبونه من الواردات النفطية , بل ربما أن لبعضهم حسابات أجنبية تودع فيها أموال النفط.

وأن الكثير منهم ربما يتعاقد مع الشركات , فلا توجد جهة رسمية لوحدها مخولة بإبرام الصفقات النفطية , وفقا لآليات دولة ذات سيادة وحرص على الموارد الوطنية , ولهذا فأن الفساد هو المتحكم بالسلوك والداعي إلى تعزيز الفاسدين وتأهيلهم للأخذ المُشاع والجشع.

ولا يمكن القضاء على الفساد ما دام النفط بلا قانون معمول به , للتعامل مع الواردات بموجب نظام إقتصادي علمي معاصر , رغم تواجد العديد من الخبراء الإقتصاديين والعارفين بالنفط ومردوداته , وكيفيات توظيف العائدات لصالح الوطن والمواطنين.

وبسبب الفساد لم يتناول البرلمان منذ نشأته وحتى اليوم موضوع عائدات النفط بجدية وإخلاص ومسؤولية , وإنما الحبل على الغارب , ولكلٍ ما يستطيع أخذه بإبرام عقود وإتفاقات ومناقصات وغيرها من أساليب نهب الثروات , والإستئثار بالعائدات.

وقد يقول البعض بأن هناك قانون , لكنه وإن وجد فلا يُعمل به , لأنه يحتاج إلى رقابة مالية وتدقيقات حسابية , وسلسلة متداخلة من المراقبات والنشاطات الداعية إلى الحرص والنزاهة الوطنية , مما يعني أن الفساد سيكون محاصرا وكل ما يؤخذ مدونا , ومعلوم الغرض الذي صُرف لأجله , وهذا يتنافى مع جشع الكراسي وما يتصل بها من الحالات , التي ترى انها قد غنمت البلاد والعباد ومن حقها الشرعي أن تتصرف بغنائمها كما تشاء.

فأين قانون تنظيم وضبط واردات النفط , وهل سمعتم بتداوله ومناقشته ومراجعته في البرلمان؟!

إذا كانت هناك نية صافية وصادقة للقضاء على الفساد فيجب القبض على عنقه , ومنبعه , ولن تتحرر البلاد من الفساد , إذا بقي النفط بلا قانون صارم وجاد!!

فهل توجد غيرة وطنية أصيلة تحافظ على ثروات البلاد؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here