انسحاب الولايات المتحدة من سوريا غير صورة الشرق الاوسط الى الاسوأ

بقلم: عاموس هرئيل

هآرتس 15/10/2019

(المضمون: سلوك ترامب يجب أن يقلق اسرائيل بالاساس في السياق الاوسع للصراع ضد ايران. في هذه الاثناء تبدد قضية نوعاما يسسخار صورة نتنياهو كصاحب تأثير كبير على رؤساء الدول العظمى – المصدر).

المحادثة الهاتفية بين ترامب ورجب طيب اردوغان في يوم الاحد الماضي تبين أنها كارثية في نتائجها. الضوء الاخضر الذي اعطاء الرئيس الامريكي لنظيره التركي حتى لو أنه حاول التنصل من معناه لاحقا أثار سلسلة من الصدمات التي غيرت تماما الوضع في شمال سوريا وأثرت على الصورة الاستراتيجية في كل الشرق الاوسط.

فيما يلي ميزان مؤقت جزئي للايام الاخيرة: الولايات المتحدة خانت الاكراد، حلفاؤها الذين كانوا ضروريين في هزيمة داعش وأخلت جنودها من المنطقة الكردية في سوريا، كما تعهد ترامب امام اردوغان؛ تركيا اخترقت الى عمق 30 كم في الاراضي السورية وأدت الى هرب جماعي لعشرات آلاف المواطنين من المنطقة، المئات قتلوا بعمليات القصف التركية وفي عدد من الحالات (قتل سياسية كردية، اعدام أسرى امام الكاميرات) نفذ الاتراك وشركاءهم من مليشيات سوريا جرائم حرب واضحة؛ مئات رجال داعش إن لم يكن آلاف هربوا من معسكرات اعتقال كانت تحت سيطرة الاكراد؛ ومن خلال يأسهم توجه زعماء الاكراد لنظام الاسد وطلبوا أن يسيطر على اجزاء من مناطقهم، على افتراض أنه حتى النظام السوري القاتل هو افضل لهم مما ينتظرهم تحت الحذاء التركي.

هذا فصل في المأساة الطويلة والمتواصلة التي تسمى الحرب الاهلية السورية، التي يربح منها اللاعبون الاكثر اشكالية. ليس فقط اردوغان الذي تخلى عن المتمردين السنة في منتصف الحرب، حيث لاءم مواقفه مع روسيا وتصالح مع نظام الاسد؛ ايضا داعش يمكنه الآن أن يرفع رأسه وقريبا من المعقول أن يتم لمس تداعيات هرب رجاله من السجن، في عمليات في المنطقة وربما

ايضا في سوريا. الى جانبهم يربح ايضا المحور الذي يؤيد بشار الاسد الذي تقوده ايران. اولا، النظام يوسع الآن مناطق نفوذه في شرق سوريا؛ ثانيا، الايرانيون سيكونون راضين جدا عن التقارير عن قرار آخر لترامب، عدم الاكتفاء بالانسحاب من المنطقة الكردية، بل ايضا اخراج معظم الجنود الامريكيين المنتشرين في مناطق اخرى في شرق سوريا.

السياسة الخارجية لترامب، تقريبا منذ يومه الاول في الحكم، كانت متهورة، ليس فيها فهم عميق، وغالبا كانت تشوبها اعتبارات اجنبية. التغيير هذه المرة الاخطر هو أن التداعيات القاسية لها تحدث حاليا وضررها واضح جدا خلال فترة قصيرة. من هنا جاءت محاولات السيناتورات واعضاء مجلس النواب من الحزب الجمهوري الى المبادرة باتخاذ موجة عقوبات ضد تركيا بعد بضعة ايام من سماح الرئيس لانقرة بشن هذه العملية.

والآن، الغضب المقدس الذي يتملك الآن شخصيات كبيرة سابقة في ادارة اوباما ازاء النتائج، هناك درجة من النفاق.الفشل الامريكي في سوريا بدأ في عهد الرئيس الديمقراطي الذي قرر عدم اتخاذ أي عملية عندما قام نظام الاسد بذبح المدنيين، حتى تم الاثبات بأن الامر تم بواسطة سلاح كيميائي، وذلك في تناقض تام مع الخطوط الحمراء التي وضعها براك اوباما بشكل علني. وبشأن سوريا فان اخفاقات ترامب لا تشذ عن اخفاقات اوباما باستثناء حقيقة أن الرئيس الحالي يعمل بصورة فظة ويفعل ذلك وهو يقف على خشبة القفز.

لاسرائيل لا توجد رغبة أو قدرة حقيقية على التدخل لصالح الاكراد في سوريا، رغم اظهار التعاطف معهم في القدس عشية العيد. من وجهة النظر الاسرائيلية، التداعيات العملية لتخلي امريكا عن الاكراد قليلة. السؤال الحاسم بالنسبة للقدس هو بقاء القوات الامريكية في قاعدة طنب في جنوب سوريا الذي له أهمية معينة على “الممر البري” الذي يربط ايران والعراق مع سوريا ولبنان. حتى الآن تأتي تقارير تفيد بأن الامريكيين ما زالوا هناك. إن انسحاب امريكي يشمل ايضا طنب سيقلق جدا اسرائيل.

على المدى الابعد، الاثبات الواضح حول الطريقة الفوضوية التي يتصرف بها الرئيس الامريكي الذي يلتزم فقط بمصالحه، هي أمر مقلق. على هذه الخلفية تقريبا من الممتع مشاهدة

حفنة من مؤيدي ترامب آخذة في التقلص في وسائل الاعلام المحلية، التي اضطرت الى تنفيذ مناورات منطقية بارعة من اجل تبرير، بطريقة ما، الافعال الاخيرة لمحب اسرائيل من البيت الابيض.

إن سلوك ترامب هو أمر له علاقة ومقلق بشكل خاص في السياق الاوسع للصراع الاقليمي ضد ايران. الازمة في الخليج بعيدة عن الانتهاء لأن طهران ما زالت لم تحصل على ما تريد – رفع العقوبات الاقتصادية الشديدة عليها، مقابل استئناف المفاوضات مع واشنطن حول الاتفاق النووي. الشروخ في التحالف السني الذي وقف الى جانب الولايات المتحدة آخذة في الاتساع حيث أن السعودية وأيضا اتحاد الامارات تتلمس طريقها بخصوص امكانية التوصل الى تفاهمات مع ايران. يمكن الرهان على أن رئيس الحكومة نتنياهو قد فهم كل ذلك منذ زمن، حتى ولو أن هذه الامور قيلت في خطاباته الاخيرة بصورة رموز بشأن حاجة اسرائيل الى الاعتماد على نفسها فقط.

مع اصدقاء مثل هؤلاء

البشرى السيئة لنتنياهو لا تتلخص فقط بما يجري في واشنطن. حملة “نتنياهو، دوري آخر”، وفي صوره مع زعماء العالم التي رافقتنا في الانتخابات الاخيرة، لن يعود كما يبدو اذا ذهبت الدولة الى حملة انتخابات ثالثة. الاعلانات التي فيها صورته المبتسمة مع ترامب، وكذلك الرئيس الروسي فلادمير بوتين، يثبت أنه بالضبط ليس صديقا.

مؤخرا تم الكشف عن السياق الواسع لقضية نوعاما يسسخار، الفتاة الاسرائيلية التي اعتقلت في مطار موسكو وبحوزتها كمية بسيطة من المخدرات الخفيفة، بعد ذلك تبين أن الروس يحتجزون يسسخار التي حكم عليها في الاسبوع الماضي بسبع سنوات ونصف سجن، كرهينة في محاولة للضغط من اجل اطلاق سراح القرصان الروسي. القرصان اليكس بوركوف اعتقل هنا في 2015 بناء على طلب من امريكا التي أرادت تسليمه لها بتهمة التورط في جرائم سايبر. الضغط الذي تطلقه موسكو يمكن أن يدلل على أن هذا الرجل يملك معلومات عن نشاطات السايبر الروسية التي وصلت ذروتها في التدخل في الانتخابات الرئاسية الامريكية في 2016.

نتنياهو حاول اقناع بوتين عدة مرات لاطلاق سراح يسسخار، لكن حتى الآن فشل في ذلك. ربما أنه سينجح فيما بعد. عشية العيد طلب من الرئيس رؤوبين ريفلين التدخل في مخاطبة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here