محلل سياسي سوري : اتفاقُ “قسد” ودمشق مُرضٍ للجميع وسيتغير شكل التعاطي مع الأقليات

محلل سياسي سوري لرووداو: اتفاقُ “قسد” ودمشق مُرضٍ للجميع وسيتغير شكل التعاطي مع الأقليات

أوميد عبدالكريم إبراهيم

أكد المحلل السياسي السوري، كمال الجفا، اليوم الأربعاء، أن الاتفاق المبرم بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية، بخطوطه العريضة، مُرضٍ للجميع،  مشيراً إلى أنه بعد هذه التجربة المريرة التي مرت بها البلاد، سيكون هناك شكل جديد للتعاطي مع حقوق الأقليات والمكونات في سوريا، مثل اللغة، التعليم، المجالس والإدارات المحلية، ولن يتم المساس بها، كما لن يكون هناك أي صِدامٍ مستقبلي في هذا السياق.

وقال الجفا، لشبكة رووداو الإعلامية: “نحن الآن أمام مرحلة جديدة كان الكل يتمناها، ولا يتوقعها، لأننا كنا أمام خيارات صعبة. عندما بدأت عمليات الاجتياح التركي لأراضي شمال شرق سوريا، بدأنا نتلمس تغريبة عفرينية جديدة للأسف، ولكن لم تمضِ 48 ساعة على هذا الاجتياح حتى تم توقيع أو إقرار الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية”.

وأضاف: “أعتقد أنه نصر استراتيجي كبير، لأنه لم تُطلق طلقة واحدة لتحقيق هذا النصر، كما أنه نصر السلام، فعندما تنتصر الشعوب دون هدر أي نقطة دم ودون حدوث تهجير، فإنه يكون نصراً كبيراً تتمناه شعوب المنطقة”.

وتابع قائلاً: “أتوقع أن الأمور تسير بخير، وأن الاتفاق يُطبق وسط سرعة انتشار للجيش السوري مع قوات سوريا الديمقراطية، حيث يحاولون السيطرة على أكبر قدر ممكن وبسرعة على مناطق شمال شرق سوريا، لسحب الذريعة من أمام إردوغان”.

مشيراً إلى أن “معظم قوات الجيش تنتشر في جبهة إدلب الممتدة على مساحة 275 كلم ضد جبهة النصرة، أما مساحة شمال شرق سوريا فتمتد على مساحة تفوق 22500 كلم، وتحتاج لأكثر من 100 ألف مقاتل لنشرهم بسرعة، فضلاً عن العتاد والذخيرة والآليات الثقيلة”.

وأردف الجفا: “أعتقد أن توقيع الاتفاق كان مفاجأة للجميع، وكان يجب التحضير لوجستياً لهذه الخطوة قبل أشهر من التوقيع، ولكن كل السوريين، والحكومة السورية، وحتى قبل 48 ساعة من التوقيع، ما كانوا يتوقعون توقيع هذا الاتفاق، لا سيما وأن تلك المنطقة صحراوية واسعة”.

واستطرد قائلاً: “أُطمئن أهلنا وإخوتنا أن القوات الروسية الضامنة، لن تسمح للقوات التركية الغازية والميليشيات التابعة لها بالتقدم داخل المسافة المتفق عليها حسب الاتفاق الأولي بين تركيا وروسيا، حيث سُمح للقوات التركية بالدخول لمسافة 10 إلى 14 كلم، فيما كانت تركيا تطالب بالتوغل لمسافة 35 كلم، ورفضت كافة الدول ذلك”.

ومضى المحلل السياسي السوري بالقول: “أنا أعول حتى الآن على المجتمع الدولي، لأن هناك معارضة أوروبية وأمريكية، وحتى تفهماً عربياً على ضرورة عدم تمدد القوات التركية، وكما نعلم فقد طالب ترمب القوات التركية بوقف العملية التركية على شمال شرق سوريا فوراً”.

منوهاً إلى أنه “طالما تم توقيع الاتفاق، فأعتقد أن بقية التفاصيل سيتم حلها تدريجياً بالتفاهم، ولا توجد أي مشكلة لدى الحكومة السورية بالنسبة لجميع مكونات سوريا، ومن بينها الإخوة الكورد، ولكن كان هناك خلاف حول الخيارات، والمقصود منها التواجد تحت الحماية الأمريكية، ولكن بعد أن ذهب الأمريكيون أصبحنا أقرب إلى التفاهم حتى بخصوص المطالب الكوردية، وأقصد اللغة والتعليم والمجالس والإدارات المحلية، حيث أعتقد أنه لن يتم المساس بها، ولن يكون هناك أي صِدام مستقبلي بهذا الخصوص، فهذه تعتبر أمور شكلية مقارنةً بالإنجاز الذي تحقق من خلال إجلاء الاحتلال الأمريكي”.

كما لفت الجفا إلى أن “العنوان العريض هو الاتفاق مع الحكومة السورية، في حين لم يتم الخوض في التفاصيل بعد، ولكن العنوان العريض هو الاتفاق مع الحكومة السورية ولجم العدوان التركي، والعدوان الإخواني المطعم بصبغة تركمانية”.

مؤكداً أن “كل قادة ما يسمى بـ(الجيش الحر) ليسوا أحراراً بأي شكل من الأشكال، بل هم من التركمان الذين لديهم أحقاد تاريخية على كل مكونات الشعب السوري، وعلى الشعب الكوردي حقيقةً، لذلك أعتقد أن الحكومة السورية لن تزعج الإخوة الكورد، ولن تقدم على أي شيء من شأنه تقويض هذا الاتفاق من الداخل، لأن الاتفاق بخطوطه العريضة مُرضٍ للجميع”.

وشدد المحلل السياسي السوري على أنه “ما دام الهدف الاستراتيجي هو ردع العدوان التركي، الإخواني والتركماني على الأراضي السورية، فلا أتوقع أن يكون هناك خلاف على بعض التفاصيل، خاصةً وأن تعديل الدستور وانتخابات الإدارة المحلية، تُمكن الكورد من الدخول في الانتخابات وتحقيق النجاح، وللكورد تجربة جيدة في هذا السياق بمحافظة حلب، حيث كانوا يحصلون على مقاعد بمجلس ريف حلب، وهذا يعني أنهم ناخبون جيدون ويؤمنون بالديمقراطية، ولديهم مطالب بإحقاق بعض الحقوق، وأعتقد أنه بعد هذه التجربة المريرة، لن تسمح الدولة السورية لأي أجهزة بضرب هذا الاتفاق الذي سيحمي كل مكونات الشعب السوري”.

ومضى الجفا بالقول إن “روسيا تسعى لإنهاء الحرب في سوريا، وهي تقف على مسافة واحدة من كل مكونات الشعب السوري، فقبل الاتفاقات الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية، كانت هناك تفاهمات روسية أزعجت الحكومة السورية بخصوص البقاء على الإدارات الذاتية، وبعد ذلك حصل التفاف من جانب قوات سوريا الديمقراطية والقوات الأمريكية”.

لافتاً إلى أن “روسيا تتفهم الوضع، وتريد إخراج القوات التركية من سوريا. هناك اتفاق (أضنة) الذي يسمح لتركيا بالتقدم لمسافة 5 كيلومترات داخل الأراضي السورية، ولكن في حال انتشار القوات السورية على كافة المناطق الحدودية، لن تكون هناك ذريعة لإردوغان لمهاجمة الأراضية السورية أو الدخول إليها”.

وزادَ المحلل السياسي السوري أنه “بعد هذه التجربة المريرة، أعتقد أنه سيكون هناك شكل جديد للتعاطي مع حقوق الأقليات والمكونات التي تعيش على كامل الأرض السورية، كما أن روسيا تسعى لحماية سوريا بكافة مكوناتها وللحفاظ على وحدة أراضيها”.

واختتم حديثه قائلاً: “هناك تغير في المزاج الدولي تجاه تركيا، فلأول مرة نرى اتفاقات وتفاهمات بين أوروبا وأمريكا والدول العربية، حيث هناك موقف سعودي – إماراتي إيجابي ومتجدد حول ما يحدث في شمال شرق سوريا، كما أنها على علاقة جيدة بالأحزاب الكوردية وقوات سوريا الديمقراطية، وسبق أن زارت وفود سعودية المنطقة ودعمت مكوناتها، وعليه نحن أمام رأي عام جديد ومجتمع دولي يرفض الاعتداءات والتمدد التركي والهيمنة التركية على المنطقة، وهو ما يعتبر منحى جديد تسعى إليه كافة دول العالم بضرورة أن يعم الأمن والاستقرار في سوريا. لقد مرت 8 سنوات من الحرب وسفك الدماء، وهذه الشعوب تريد أن تعيش. لا أحد يريد أن يقاتل، سواء السني، الكوردي، العلوي أو الآشوري، فكل مكونات الشعب السوري تريد العيش بسلام مع الحفاظ على حقوقها وإرثها التاريخي، ولا أحد يعارض ذلك، وعليه نحن أمام مرحلة جديدة ستصب في مصلحة كل مكونات الشعب السوري”.

وأثار الهجوم التركي على المقاتلين الكورد في كوردستان سوريا، والذي بدأ الأسبوع الماضي، إدانات دولية واسعة، واتخذت دول غربية عدّة بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا، خطوة مماثلة، كما دفع الإدارة الذاتية الكوردية إلى التوجه نحو دمشق، خصوصاً بعد أن خذلتها الولايات المتحدة الأمريكية بسحب قواتها من مناطق كوردستان سوريا، وترك الكورد بمفردهم في مواجهة هجوم القوات التركية والفصائل السورية المسلحة الموالية لها.

وبدأت العملية العسكرية التركية المدعومة من فصائل سورية مسلحة موالية لأنقرة، يوم الأربعاء 9/10/2019 باستهداف مناطق متفرقة من كوردستان سوريا، خصوصاً مدينتي “سري كانييه” و”كري سبي”، وتسببت بمقتل وإصابة عشرات المدنيين، بينهم أطفال ونساء، فضلاً عن نزوح مئات آلاف المدنيين باتجاه مدن ومناطق أخرى في كوردستان سوريا، وأثار الهجوم التركي استياءً واستنكاراً دولياً في ظل خشية دول عدة من عودة تنظيم داعش، وحدوث أزمة إنسانية جديدة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here