50 دعوى قضائية تلاحق رئيس الحكومة والجيش وفصائل الحشد بسبب قمع التظاهرات

يستعد ناشطون في بغداد وعدد من المحافظات لاستئناف الاحتجاجات في الجمعة التي تلي زيارة اربعينية الامام الحسين، فيما لايزال آلاف المتظاهرين محتجزين للاسبوع الثالث من بداية انطلاق الاحتجاجات.

بالمقابل وعدت السلطات القضائية باطلاق سراح جميع المتظاهرين غير المتورطين باعمال عنف، الا ان اجراءات التحقيق بطيئة جدا، حيث يعمل محقق واحد في بعض مراكز الشرطة على ملفات نحو 400 معتقل. معظم المتظاهرين المعتقلين، بحسب حقوقيين، هم من المراهقين وتحديدا من مواليد نهاية التسعينيات وبداية الـ2000، الغالبية بينهم تعرضوا الى التعذيب، بينما بدأ بعض ذوي المحتجزين برفع دعاوى ضد الحكومة. وتقول نقابة المحامين ان هناك عشرات الدعاوى حتى الآن، ضد فصائل مسلحة وقيادات عسكرية كبيرة ومن بينها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، فيما اكدت ان عمليات الاعتقال مستمرة حتى يوم امس.

واعلنت الحكومة قبل ايام عن تشكيل لجنة تحقيق عليا لمحاسبة المتسببين في أعمال العنف التي لحقت بالمتظاهرين أثناء الاحتجاجات الأخيرة.

وأصدر مكتب عبد المهدي السبت الماضي بيانا جاء فيه أنه “استجابة لخطبة المرجعية الدينية العليا ليوم أمس الجمعة واستكمالا للتحقيقات الجارية، قامت الحكومة بتشكيل لجنة تحقيقية عليا تضم الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب ومفوضية حقوق الانسان”.

وأضاف أن هذه اللجنة ستعمل على “إحالة المتسببين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، وملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة مهما كانت انتماءاتهم ومواقعهم”.

وكان المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، قد حمّل الحكومة العراقية “مسؤولية مقتل العشرات من المحتجين في البلاد، داعيا السلطات إلى تحديد عناصر الأمن “غير المنضبطة”.

وقال ممثل للسيستاني خلال خطبة الجمعة الاخيرة في كربلاء إن “المرجعية الدينية تطالب بقوة الحكومة والجهاز القضائي بإجراء تحقيق يتسم بالمصداقية، ثم الكشف أمام الرأي العام عن العناصر التي أمرت أو باشرت بإطلاق النار على المتظاهرين”.

وفي غضون ذلك انتقدت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي مقربة من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اعضاء اللجنة الحكومية والتي تضم 9 جهات وزارية وحقوقية برئاسة وزير التخطيط نوري الدليمي.

وقال صالح محمد العراقي على “فيسبوك”: “حقِقوا مع الجلاد.. فالجَلَّاد لا يكون مُحَقِقَا”.

إحصائيات الضحايا

استنادا لنقابة المحامين، ان عدد المتظاهرين الذين مازالوا محتجزين “اكثر من 6 آلاف معتقل”، اغلبهم في بغداد.

وقال عمار الساعدي، وهو متطوع للدفاع عن المعتقلين في اتصال مع (المدى) امس، ان “مجلس القضاء الاعلى وعد بالافراج عن كل المتظاهرين بعد ضغط من النقابة”.

واكد الساعدي ان “اجراءات التحقيق بطيئة جدا بسبب قلة المحققين”، مبينا انه في مركز شرطة السعدون “يوجد محقق واحد مقابل 370 معتقلا”.

وقال مجلس القضاء، اول من امس، ان عدد المعتقلين هم 21 معتقلا فقط موزعين على 3 محافظات.

وتشير نقابة المحامين الى ان عمليات الاعتقال مستمرة بعد ثلاثة اسابيع من انطلاق الاحتجاجات. ويقول الساعدي: “يوم امس تم اعتقال 5 ناشطين من منطقة الاعظمية”، فيما اكد ان القتلى “اكثر من 200 شهيد و7 آلاف جريح”.

واكد المحامي الساعدي ان الاعتقالات الجديدة بدأت تستهدف “الناشطين والاعلاميين”، فيما وصف تلك الاعتقالات بـ”الاختطاف” لانه يتم احتجاز المعتقلين في مواقع عسكرية وليس مراكز الشرطة.

ووفق النقابة ان “90% من المعتقلين تعرضوا الى انواع مختلفة من التعذيب”. واكد المحامي في وحدة حقوق الانسان في النقابة ان “معظم المعتقلين هم من مواليد 1997 و 1998 بالاضافة الى مواليد عام 2000″.

دعاوى قضائية ضد الحكومة

وكانت مقاطع فيديو نشرت على منصات التواصل الاجتماعي، اظهرت استخدام قوات امنية العنف ضد متظاهرين في مناطق مختلفة من البلاد، فيما نشر آخرون صورة لتعهد خطي يكتبه المحتجز بـ”عدم الاشتراك بتظاهرة اخرى” مقابل اطلاق سراحه.

وكشف المحامي الساعدي ان “50 دعوى قضائية” رفعت حتى الآن من قبل ذوي المعتقلين المتعرضين للعنف.

واكد الساعدي ان الدعوات وجهت ضد “القائد العام للقوات المسلحة وقوات مكافحة الشغب وفصائل مسلحة والجيش”.

وكانت محكمة في الديوانية قد أصدرت قبل ايام، أمراً بإلقاء القبض على عضو مجلس محافظة الديوانية حسين جاهد بديري، “لاعتدائه هو وحمايته على متظاهرين في المحافظة”.

ونشر ناشطون على “فيسبوك” امس، اسماء وعناوين 10 اشخاص تابعين لفصائل مسلحة– جميعهم في بغداد- زعموا انهم المسؤولين عن “قنص المتظاهرين”.

بالمقابل رصد الناشطون، صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي “تحرض” على بعض الصحفيين والناشطين، وتتهمهم بالعمالة الى جهات اجنبية.

وكانت اطراف سياسية ادعت قبل ايام، ان “شركات حماية” امريكية متورطة بقتل المتظاهرين والقوات الامنية على حد سواء.

عودة الاحتجاجات

ومن المتوقع، بحسب صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ان تستأنف حركة الاحتجاجات يوم الجمعة بعد المقبلة، في 25 تشرين الاول الحالي، مع انتهاء المهلة التي حددتها المرجعية لكشف التحقيقات بقتل المتظاهرين.

ويرجح ان تلتحق البصرة، التي لم تشترك بقوة في الاحتجاجات الاخيرة، مع ركب التظاهرات الجديدة. ويقول نائل الزامل وهو اكاديمي وناشط في البصرة في اتصال هاتفي مع (المدى) امس، ان “هناك دعوات في المدينة وتحشيد لتظاهرات يوم 25″، مؤكدا ان البصرة تأخرت عن التظاهرات الاخيرة بسبب “تسرب اماكن التجمعات الى السلطات والتي تقوم بدورها باحتلال الساحات وقمع الاحتجاج قبل انطلاقها”. ويؤكد الناشط البصري ان “الشدة التي قمعت بها التظاهرات وانقطاع الانترنيت بالاضافة الى يأس البصريين خفف من حجم التظاهرات في المدينة”.

وكانت البصرة قد خسرت العام الماضي 22 شخصا قتلوا في التظاهرات، فيما لم تظهر لجان التحقيق التي شكلتها الحكومة حينها اي نتائج عن تلك الحوادث.

ويقول الزامل ان “52 دعوى ضد ناشطين مفتوحة حتى الآن من تظاهرات العام الماضي مقدمة من فصائل مسلحة”، مبينا ان “احد الفصائل حدد سعر 25 مليون مقابل التنازل عن القضية الواحدة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here