إنّها ثورة الحق في العِراق وخسأ من لم يفهم ورسموا بدمائهم الطاهرة خارطة الاحرار والمستقبل

جسار صالح المفتي

عندما يُدرك المُواطن العِراقيّ المسحوق أن دخل بلاده من العوائد النفطيّة يزيد عن ستّة مِليارات دولار شَهريًّا، ورُغم ذلك لا يجِد لقمة العيش، ويشاهد الانهيار شامِلًا في جميع مؤسّسات الدولة، والخدمات العامّة من تعليمٍ وطبابة ومواصلات وماء وكهرباء في أسوأ أحوالها، بل أسوَأ من أكثر بُلدان العالم فقرًا، فلماذا لا يثور هذا المُواطن بعد أن طفَح كيله، وبات على حافّة الموت جُوعًا وقهرًا؟
لا تقولوا لنا إنّها مُؤامرة أمريكيّة ردًّا على فَتح معبر البوكمال مع سورية، أو سيطرة النّفوذ الإيراني، في مُحاولةٍ لحرف الأنظار عن السّبب الرئيسيّ الذي كان هو عود الثّقاب الذي أشعل هذه الانتفاضة الشعبيّة المُباركة، ألا وهو الفساد، وعلى مُستوى الحُكومة ورجال الدين وقادة الأحزاب، وكُل أعضاء النّخبة الحاكمة في البِلاد، وخاصّةً أولئك الذين جاءوا على ظُهور الدبّابات الأمريكيّة وسهّلوا له مهامه في تدمير العِراق واغتيال عُلماءه، ونهب ثرَواته.أكثر من تريليون دولار جرى سرقتها من قبل الفاسدين من ثروات العِراق وماله العام، من قبل من ادّعوا أنّهم حرّروا العِراق، وأعادوا إليه الحريّات الديمقراطيّة، وخلّصوا البِلاد من شُرور الديكتاتوريّة، حتى أصبح العِراق يحتل المرتبة الثالثة كأكثر بلاد العالم فَسادًا.هؤلاء ومن ضمنهم كُل الذين تحمّلوا مسؤوليّة الحُكم في العِراق مُنذ عام 2003 وحتّى هذه اللّحظة، مِثل السيّد عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء الحالي، هم الذين أوصلوا البِلاد إلى هذا الوضع المُزري، وبدعمٍ من العمائم الطائفيّة، بألوانها البيضاء والسوداء والبنفسجيّة، ومن كُل الطوائف دون استثناء.
العِراق العربيّ العظيم أصبح بلا هُويّة وطنيّة جامعة مُوحّدة، وإنّما فُسيفساء من الانتماءات الطائفيّة المُتناحرة، حيث الولاء المُطلق للطّوائف وليس للوطن، الأمر الذي ألغى كُل مفاهيم السيادة والكرامة الوطنيّة وفتح الباب على مِصراعيه أمام النّفوذ الخارجيّ، وخاصّةً الأمريكيّ والإيرانيّ.
آلاف المِليارات من الدولارات دخَلت الميزانيّة العِراقيّة، ورغم ذلك لم تقُم هذه الحُكومات الفاسدة بإقامة مُستشفى جيّد، أو مدارس، أو جامعات، أو جُسور، أو مصانع، أو وحتى جيش وطنيّ قويّ، لأنّ كُل ما يهمّها هو النّهب والسّرقة وتوزيع الغنائم على الأبناء والأقارب ورَهطٍ من المُنافقين.تعالوا إلى لندن، وباريس، وبيروت، ودبي وشاهدوا الشركات والقصور الفارهة، والسيارات الفخمة التي يملكها أبناء وأقارب النخبة السياسيّة الحاكمة، بينما الشعب العِراقي في أغلبيّته، والشيعيّة على وجه الخُصوص، يُعاني من شُحِّ المياه، ونقص الكهرباء، وانعدام فُرص العمل من جرّاء البِطالة، والشُّح الشّديد في الأدوية، واستِفحال الوفيّات من جرّاء سوء أوضاع المُستشفيات.أبناء النّخبة الحاكمة ومُعظم رجال الدين لا يعرِفون مثل آبائهم، أوضاع المُستشفيات في العِراق، ولا يشعرون بمُعاناة الفُقراء المَسحوقين، لأنّهم بكُل بساطةٍ يتعالجون في الخارج، ويتعلّمون في مدارس لندن وباريس وجامعاتها، ولا يركبون المُواصلات العامّة، ويملكون مولّدات كهربائيّة خاصّة، تُغنيهم عن كهرباء الدولة المَقطوعة مُعظم الأوقات.
الشعب العراقي الكريم الشّهم مَطعونٌ في كرامته، وعزّة نفسه، وكبريائه وانتمائه، وسيادته الوطنيّة، وأوضاعه تسير من سيء إلى أسوأ، وعندما ينفجر احتقانه غضبًا، يأتي هُناك من يُشكّك في ثورته المَشروعة هذه، وتخوينها، خاصّةً من قبل أولئك الذين يُقيمون في قُصور المِنطقة، الخضراء الآمنة، ويحتَمون بالسّفارة الأمريكيّة.من يُشارك في هذه المُظاهرات المشروعة ليسوا البعثيين، ولا أنصار النظام السابق، وإنّما المخدوعون والمهمّشون والجائعون من كُل الطوائف العِراقيّة، وأهل الجنوب خُصوصًا الذين تاجر تجّار الديمقراطيّة الأمريكيّة بمُعاناتهم، وحصَدوا المِليارات في حِساباتهم في الخارج.من يُريد أن يتصدّى للمُؤامرة الأمريكيّة الإسرائيليّة عليه أن يكون وطنيًّا عِراقيًّا أوّلًا، وأن يُحارب الفساد، واستعادة الثروات المنهوبة، وتقديم الفاسدين ونسلهم الأكثر فسادًا إلى محاكم عادلة نزيهة لينالوا العِقاب الذي يستحقّونه.ثورة الشعب العِراقي هذه مشروعة، ولا نُبالغ إذا قُلنا إنّها تأخّرت، وإغلاق الباب في وجه مُحاولات استغلالها وتوظيفها في خدمة المشاريع الأمريكيّة الإسرائيليّة لا يتم إلا بالتّجاوب مع مطالبها في الحياة الكريمة، والخدمات الجيّدة، والوظائف المُلائمة للشّباب، وفي الخِتام نقول إنّ الفساد والوطنيّة لا يلتقيان، مهما حاول المُنافقون خلطهما.حمى الله العِراق العظيم، وشعبه الوطنيّ الشريف، من أولئك الذين يدّعون أنّهم مُمثّليه، ونُخبته، فهؤلاء هُم الأعداء الحقيقيين، والسّبب الحقيقي لمُعاناته.

أيها العراقيون الشرفاءلا تبيعوا دينكم بدنياكم , ولا دماء فلذات أكبادكم بدراهم معدودة , ويجب أن تعوا وتعلموا علم اليقين أن الوقوف في طوابير طويلة من الصباح إلى المساء عبارة عن فرية وحيلة وتقية جديدة ابتدعوها في الوقت الضائع دهاقنة وأحبار الاحتلالين .. كي يتصدّقوا عليكم سراق وناهبي أموالكم وثرواتكم .. برمي فتات الفتات من خيراتكم المنهوبة , وما هي إلا ملهاة جديدة ودغدغة لمشاعركم وتأمين لقمة عيش مؤقته رخيصة بائسة تسدون به رمق وخواء بطونكم الجائعة, والضحك والاستخفاف بعقولكم .. بمبلغ تافه يدل على تفاهتهم وانحطاطهم وسقوطهم المدوي في وحل الخيانة والرذيلة والتبعية .. بمثل هكذا مبلغ مقدره ..( 150 ألف دينار أي 120 دولار أمريكي ) ؟,في حين من يقتلونكم بدم بارد من عناصر الشركات الأمنية الأجنبية وعددهم بالآلاف ..” كشركة بلاك ووتر الصهيونية ” + عناصر الحرس الثوري الإيراني والاطلاعات والباسيج وقادتهم .. هؤلاء مجتمعين يتقاضون عن كل يوم يقتلون منكم فيه المئات ويصيبون الآلاف برصاصهم العشوائي والطائش والغادر يقبضون مقابله ( 1000 دولار ) يومياً , وما هذه الحلول الترقيعية الآنية بحد ذاتها .. إلا امتهان وانتهاك صارخ ومستمر ومتواصل لكرامتكم وآدميتكم وعراقيتكم وعروبتكم , وعار ما بعده عار إن رضيتم وقبلتم به لا قدر الله , الهدف الاول والأخير من وراءه إسكاتكم وامتصاص غضبكم العارم والمتفاقم , وإذلال ما بعده إذلال لكم حاشاكم من أن تقبلوا به وتسكتوا على حقوقكم المشروعة التي تغتصبها هذه الشلة والعصابة الإجرامية المارقة والمركبة عينك .. عينك .. والتي سرقت ترليون فاصل 200 مليار .. أي 1200 مليار دولار بشكل رسمي خلال 15 عشر عاماً , ومثلها بشكل خفي لا يعلم طرقه الملتوية وخفاياه وخباياه واسراره إلا الله سبحانه وتعالى , والراسخين في علم وعلوم المشروع الإيراني الأمريكي الصهيوني المركب ,إن الوقوف مع أبنائكم وأخوانكم وحرائركم الآن في ساحات وميادين الثورة المباركة والمظفرة في جميع أرجاء العراق , ومواصلة المسيرة والثورة السلمية في ساحات الأنفة والعزة والكبرياء والشموخ العراقي , الذي أذهل العالم ورفع أسم العراق وشعبه المقاوم البطل بين الشعوب والأمم .. لهو أشرف وأنبل من أن ترضوا برمي الفضلات والفتات وبأنصاف الحلول , أو أن يضحكوا عليكم شذاذ الآفاق هؤلاء , وحرامية ولصوص القرن الواحد والعشرين القابعين في معقل وماخور المزبلة الغبراء , وحظيرة خنازير المحفلين الماسوني – الصفوي الصهيوني الفارسي وسط بغداد…أيها الصناديد والأشبال الميامين ويا أسود الرافدين .. لا تسمحوا لهم بأن يلتقطوا أنفاسهم أبداً , لأنهم إن استطاعوا إخماد ثورتكم الغراء بالحديد والنار اليوم , فغداً سيلاحقونكم وسيبطشون بكم الواحد تلو الآخر كما حدث في السابق في البصرة والنجف والأنبار والموصل وغيرها , وكما تعهد مجرم وجزار وسفاح الحرب عندما توعد ثوار ” ثورة تشرين الشبابية الخالدة “.. كما هو مجرم الحرب الطائفية التي تدور رحاها منذ 17 عشر عاماً ” فالح الفياض ” ورهطه وزبانيته الأشرار وأسياده الفرس والروس والأمريكان الذين يدعمون مشروعهم التخريبي التدميري لنهب العراق وتركيعه , فهؤلاء الخونة والجواسيس والعملاء مجتمعين سيحاكمون عاجلاً أم آجلاً على هذه الجرائم الوحشية والسادية التي ترتكب بحق شباب أبرياء عزل بعمر الزهور , ذنبهم الوحيد أنهم طالبوا بحقوقهم وبسيادة واستقلال وتحريرعراقهم من قبضة ملالي قم وطهران القتلة , تلك الجرائم التي يتوارى عنها خجلاً حتى أحفاد القردة والخنازير من الصهاينة الذين يحتلون فلسطين منذ 72 عام أو النازيون أو الصليبيون عبر التاريخ .
هل لسقوط أكثر من 104 شهيد وأكثر من 6000 مصاب و جريح (كما معلن رسميا) جراء انتفاضة تشرين استحقاقات ودلالات تبين الغاية من جدوى انطلاقها؟ أي هل استحق الامر كل ذلك؟ أم ان عفويتها مثلما يقول البعض قد أدت للتضحية بدماء عزيزة لا جدوى منها؟.. أقول : يقر الجميع بولادة غضب شعبي غير مسبوق ضد الحكومة والاحزاب الدينية وحتى المراجع الصنمية التي كانت تعبد! مما أدى هذا الغضب الى الكفر والاستهزاء واستصغار كل هذه الثوابت التي كانت بالامس خطوط حمراء تحركها ايران الفارسية وهذا برأي أهم ما أفرزته الانتفاضة الباسلة . سقط جدار الخوف و سقطت الطائفية .. .. سقط جدار الخطوط الحمراء و سقط الولاء الاجوف للمرجعية و للفرس – ولد الولاء للوطن من جديد و أعيد خلق الاخوة بين العراقيين ,نشوء جيل يفهم واقعه ويعرف ما يريد و سقوط الاتباع الاعمى الطائفي.. هناك من يقول ان الصراع كان شيعي-شيعي وانا لا أؤيد ذلك بل كان صراعا بين شعب وطني وبين عملاء يكرهون الوطن ويعملون ضده ممن نفوسهم انانية لا يهمها الا مصلحتها. وهناك من يقول ان محافظات السنة تركتهم لوحدهم كما تركوهم لوحدهم في الانتفاضة الاولى ضد حكومات الملالي بل اقول ان ما جرى هو انتفاضة ثانية مكملة للانتفاضة الاولى التي جرت في (مدن السنة) لقد تغلبت الحكمة في المحافظات السنية ولم تنتفض بمحافظاتها الان لانها تعلم ان المجرمين سيجدون مبررا اخر من اجل تدمير ماتبقى, لذلك فحكمتهم دفعتهم للنزوح الى بغداد فرادا من أجل مشاركة اخوانهم الثائرين في انتفاضتهم والشهداء والجرحى منهم يثبتون ذلك حتى أنهم لم يرفعوا طلبات تمسهم مثل الغاء قانون الارهاب واطلاق سراح الاسرى والمختطفين وبناء مدنهم التي دمرها جيش الولي الفقيه, فلقد كان الهدف هو الوصول الى قاسم مشترك للغضب ولذلك فلم يرفع الا العلم العراقي وتم انزال أي راية طائفية أو تعطي أي شكل من اشكال تبني هذه الانتفاضة ولقد نجح الشباب بارك الله فيهم. وفعلا كان ذلك قمة في التعاون والتفاهم.
لقد جرب الشباب لمدة زادت عن نصف اعمارهم وهم يقدسون ايران الفارسية وممثليها من مرجعيات ورؤساء احزاب وفعاليات وهم يخدعونهم وينومونهم بادعائهم محبة ال البيت حتى تحول الامر الى شيء لا يطاق ( وصلت حدها ) فغالبية الشباب مضطهد يعيش حالة الفقر لا يجد وظيفة ولا خدمات طبية ولا بنية تحتية من ماء وكهرباء ولا حياة كريمة فوصلوا الى درجة الكفر بكل هذه القيم وجربوا ان يعيشوا حياة الكرامة الوطنية وادارة أمورهم بانفسهم فاكتشفوا حلاوة الامر ولم ترهبهم حالات الشهادة والاصابة ليس لانهم لا يملكون ما يفقدوه بل لانهم اكتشفوا كرامة انفسهم والتضحية من أجل الوطن وهكذا التقت نفوس جميع من شارك بهذه الانتفاضة وتعانقت مع بعضها البعض حتى من غير سابق معرفة. فالهدف واحد والطريق واحد نحو الحرية وبناء الشخصية العراقية المميزة . لقد أكتشف الشباب حكمة ان لي دين ولك دين فاتبع دينك واتبع ديني واحترمني وأحترمك لا أريد أن أغير معتقدك ولن أسمح لك أن تغير معتقدي فلكل واحد منا عقل وقناعات فلا فائدة من الصراع فيما بيننا لهذا السبب . فالله واحدا أحد والغالبية العظمى تعبده فلماذا التناحر اذن؟!! .. لقد أكتشف الشباب أن حب الوطن هو الشيء الذي يجب أن يجمعنا وهو من يجب ان نقدم الغالي والنفيس له لا ان أضحي بعيشي وسعادتي من أجل فارسي يكرهني مهما كان مقياس محبتي او بغضي له ..
اذن تحول الامر الى فسطاسين – حكومة اصبحت عجوزة صفتهم عملاء وأتـْـباع اذلاء عبيد لايران يقاتلون من اجلها – وجيـــــــــــــل جديد جرى استنساخه في كل محافظات القطر, جيلا غاضبا ومصرا على ان يقــــود بلده ويبنيـــــه بنفسه وهذا كاف ليعطي هؤلاء الأحبة كل هؤلاء الشهداء الذين هم أكرم منا لانهم قدموا للعراق اجسادهم وارواحهم يعبر عليها الجيل الجديد الى بر الامان نعم لقد حققت الانتفاضة أهدافها حين أجبرت الحكومة على تقديم تنازلات لهم وتقديم وعود حتى ان كانت كاذبة فلقد عرفوا طريق الحرية وتحقيق ما يريدون لقد ترك باب انتفاضة اخرى مكملة مفتوحا سينطلق بأي وقت ان لم ينتهي الفساد والسرقات وعدم احترام القانون واذا استمرت الاعتقالات والاضطهاد .نعم لقد حققت الانتفاضة أهدافها بل وأكثر مما كان متوقعا والحمد لله

• المظاهرات كلها عموما سلمية وبعيدة عن التشنج، رغم وجود كل مسببات الغضب!
• وجود من يعمل على تشويه المظاهرات والإساءة للمتظاهرين بممارسة العنف والتخريب ليعطي الذريعة للحكم والقوات الأمنية بضربها.
• سيادة الفساد في السلطات الثلاث للدولة العراقية ومؤسساتها، ولكن هذا لا ينفي وجود موظفين بمستويات مختلفة غير فاسدين، رغم قلتهم، والفاسدون يعتبرونهم مجانين أو سذج في أحسن النعوت!
• لا شك بوجود تناقضات وصراعات بين النخب الحاكمة المستبدة، ولكن كلها تصب في مجرى الصراع على السلطة والمال والجاه أو النفوذ الاجتماعي، وليس من اجل تحقيق مصالح الشعب والوطن.
• الدعوة الى فضح من يحاول الإساءة لأهداف المظاهرات والمتظاهرين من جهة، ولحق الشعب في التظاهر المكفول دستوريا من جهة أخرى.
• المطالبة بمحاكمة كبار الفاسدين والمفسدين والذين يتصدون لأي تغيير في طبيعة النظام الطائفي القائم، وهو يعني في جوهره ان هناك من هم غير فاسدين ويفترض التمييز بينهم وبين الفاسدين. وكبار الفاسدين كانوا أو ما زالوا يحتلون أعلى المناصب والمسؤوليات في الدولة وفي الأحزاب الحاكمة.
ولكن السؤال العادل هنا هو: هل ينبغي للكاتب ان يعيد ويصقل ظواهر سلبية محدودة ومدانة شعبيا ومن قبل القوى المدنية والديمقراطية العلمانية، أم يستوجب التركيز على ما هو أساسي في نضال الشعب العراقي وأهدافه العادلة والمشروعة والمهدورة في المرحلة الراهنة، والتي تتلخص في النضال للخلاص من النظام السياسي الطائفي المحاصصي الذي أذل ويذل الشعب يومياً، والذي تدافع عنه النخب الاسلامية السياسية الحاكمة والبعض الأخر، وضد الفساد، ومن اجل توفير الخدمات المتدهورة دوما.
لدي القناعة الشخصية، وهو ما تؤكده المظاهرات السلمية المستمرة والمتصاعدة، بأن علينا ان نتجنب ما يسعى حكام العراق الحاليون جرّنا إليه، وذلك بالحديث عن العنف والتخريب في المظاهرات لتشويه سمعتها، تماماً كما فعل حاكم العراق المستبد رئيس الوزراء السابق. رئيس الوزراء العراقي الحالي تحدث في خطابه الأخير عن “مظاهرات سلمية ومظاهرات مدسوسة” ثم يتحدث عن خط أحمر!!”. وقد انبرى إلى مناقشته وتخطئته بوضوح وصواب الدكتور علي الرفيعي، رئيس التيار الديمقراطي الاجتماعي في العراق، في رسالته المفتوحة الموجهة الى رئيس الوزراء حيدر العبادي، والتي أعدتُ نشرها في موقعي على الفيسبوك لأهميتها وصواب ما جاء فيها. كل المظاهرات الجارية سلمية وجادة وتطرح مطالب عادلة اولاً، وهي مطروحة منذ سنوات دون ان تحاول النخب الحاكمة الفاسدة الاستجابة الجزئية لها وكانت وعودها ومواعيد إنجازها كاذبة يصح عليها قول الشاعر:

مواعيد عرقوب لها مثلا … وما مواعيدها إلا الأباطيل

ثانياً، ثم كل المظاهرات الجارية في العراق جيدة وسلمية، واندساس البعض لا يغير من طبيعتها السلمية ومطالبها العادلة، ومن مهمات الحكومة كشف هذا البعض المندس والمُسيء للمظاهرات الشعبية الحاشدة والمتصاعدة، بسبب انعدام الثقة كلية بين الحاكم المستبد والفاسد والمحكوم، كما يقع على عاتق الحكومة مهمة حماية المتظاهرين ثالثا. لقد نسى رئيس الوزراء الحالي ومن سبقه بأنهم قد تجاوزا الخطوط الحمراء في مصالح الشعب أميالاً وأميال وداسوا على كرامة الإنسان وحقوقه وصلاحياته، وما أن انبرى للتظاهر حتى برز الخط الأحمر يتهدد المظاهرات السلمية، رغم تأييد رئيس الوزراء لها شكلياً، إذ لولا ذلك لما أعطيت الأوامر بضربها بالرصاص الحي واستشهاد الكثير من المواطنين.
ان التركيز على بعض التجاوزات الحاصلة من بعض العناصر هو ما تسعى إلى ترويجه النخب الحاكمة الفاسدة، لكي يتسنى لها توجيه الرصاص الحي الى صدور أو ظهور المتظاهرين، كما حصل في اكثر من مدينة جنوبية وفي وسط العراق وأدى الى استشهاد 18 مواطنا من إعمار شتى، بمن فيهم صبية وشبيبة وجرح اكثر من 100 مواطن على أيدي اجهزة الأمن القمعية. علينا ان نطالب بإلحاح وبلا كلل:
• إيقاف التصدي الهمجي للمتظاهرين السلميين فوراً، لأن الجماهير تمارس حقها الشرعي المكفول دستوريا وفي لوائح حقوق الإنسان الدولية.
• الاستجابة الفورية لمطالب الجماهير في رفض الطائفية ومحاصصاتها في الحكم والمجتمع ومحاربة الفاسدين الكبار واعوانهم ومحاكمتهم والتصدي للإرهاب الجاري في البلاد على أيدي داعش والميليشيات الطائفية المسلحة.
• إطلاق سراح معتقلي الانتفاضة الشعبية المتصاعدة وتعويض عائلاتهم ومعالجة الجرحى منهم وتعويضهم ومحاكمة من أعطى الأوامر باستخدام الرصاص الحي لضرب المتظاهرين.
إن من تابع اجتماع رؤساء الكتل السياسية المشاركة في الحكم بدعوة من رئيس الجمهورية والبيان الصادر عنه يدرك تماماً بأن:
• النخب الحاكمة لا تريد بأي حال الاستجابة الفعلية لجوهر المطالب الشعبية الأساسية التي تؤكد رفض الطائفية ومحاصصاتها كلية، ومحاكمة الفاسدين والمفسدين الكبار فورا، ومحاربة الإرهاب وتفكيك المليشيات الطائفية المسلحة ونزع سلاحها ومحاكمة من استخدم السلاح منهم في ضرب المتظاهرين، والاستجابة لمطالب الشعب في توفير الخدمات المتدهورة، ولاسيما الكهرباء والماء ومعالجة البطالة والفقر المتفاقمين، رغم زيادة واردات العراق من نفطه الخام المصدر، وإيقاف دفع الرواتب الهائلة والمخصصات لكبار موظفي الدولة والنواب وغيرهم ، والتي كشف عنها مؤخراً ومن جديد عادل عبد المهدي، التي يتسلمها هو أيضا، وتصل الى 12 مليون دولار أمريكي سنوياً عدا الرواتب والمخصصات الاخرى، … إلخ.
• إن الحديث عن المندسين القلة يخدم النخب الحاكمة وليس المظاهرات، لأنهم يريدون ذلك لتشويهها، رغم انهم يعرفون جيداً من هو هذا البعض المندس، إنه بالأساس من اتباع بعض القوى المشاركة في الحكم والمتصارعة على الدور الأول في الحكم، أو تلك العناصر القادمة من وراء الحدود او بتوجيه منها، أو بعض اللصوص والمافيات التي تريد نشر الفوضى وتوفير الأجواء للإجهاز على المتظاهرين وكسر شوكتهم وإرادتهم والالتفاف على المطالَب المشروعة الداعية للتغيير، إذ ان التغيير ليس في مصلحتها بأي حال بل في مصلحة الشعب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here