المفاوضات مع الأردنيين لم تنته بعد ولكن آثارها هنا منذ الآن

بقلم: نوعا شبيغل

هآرتس 20/10/2019

على حائط المحطة الإسرائيلية لقطار الغور في الباقورة بقي شعاران للرصاص، الأول مُحي جزئياً “نزهة الفصح للشباب العامل، مجموعة الزارع ومجموعة السنبلة ومجموعة حولتا”، هكذا كتب كما يبدو أحد المشاركين في النزهة التي جرت في 6/4/1942. في الشعار الآخر تم تخليد “النزهة الكبيرة للمدرسة”، دون الإشارة إلى اسم المدرسة، لكن من بين الموقعين على الشعار، يهويخن بيرنر وزيزي كوبر ويهودا رابينوفيتش، السنة 1941. عوفر يادين من “اشدوت يعقوب” الموحدة، الذي كان في السابق مدير الموقع السياحي في الباقورة، اعتاد على أن يرى هذه الكتابات كشهادة حتى قبل قيام الدولة، وحتى قبل أن يحلم أي أحد باتفاق السلام مع الأردن، وأن كان هناك شبيبة ومتنزهون.

قبل شهر تقريباً، في ظهيرة حارة، وقف جنديان أردنيان في موقع البوابة الغارقة في أعشاب نهاية الصيف التي لم تتم إزالتها، وعليها صور الملك عبد الله. الموقع على مدخل جيب الباقورة. وخلف الحاجز ثمة مناطق زراعية لكيبوتس “اشدوت يعقوب”، المتحد والموحد، التي لم تُزرع بالمحاصيل الشتوية.

منذ إعلان الأردن قبل سنة تقريباً عن الرغبة في تطبيق البند الموجود في ملحق اتفاق السلام، الذي ينص على أن تنتقل إليه السيادة الكاملة على الجيب بعد 25 سنة، يتم إجراء مفاوضات سياسية بين الطرفين، وحتى الآن بدون نتائج بارزة.

في موشاف الغمر بالعربة 35 مزارعاً يفلحون أراضي الجيب التي تقدر مساحتها 1100 دونم، ويزرعون فيها الفلفل في الأساس. وإذا أعيدت الأرض في الشهر المقبل سيخسرون الموسم. عندما نُشر قرار الأردن السنة الماضية، قال مركز الاقتصاد في الموشاف، ايتان لايفشيتس: “أول المتضررين هم الـ 35 مزارعاً الذين يفلحون أراضي الجيب”. ولكن في نهاية المطاف “سيكون هذا مثل حكم الإعدام على كل الموشاف”.

باستثناء الأراضي الزراعية التي ستنقل إلى الطرف الأردني، في العربة وفي الشمال، ستتضرر أيضاً السياحة في الباقورة، من محطة الكهرباء التاريخية التي أقامها بنحاس روتنبرغ، مروراً بسكة الحديد في الغور وحتى موقع التخليد الذي أقامته اورنا شمعوني لذكرى الفتيات السبع

اللواتي أطلق عليهن النار وقتلن على يد جندي أردني في 1997 (رغم أن موقع التخليد نفسه يمكن أن يبقى في المنطقة الإسرائيلية).

مساحة الباقورة تشمل 800 دونم من الأراضي الزراعية التي تقوم الكيبوتسات بفلاحتها في المنطقة منذ سبعين سنة. “آباؤنا حولوا هذه الأراضي من بور إلى أراض زراعية”، قال ايلي ايرز من “اشدوت يعقوب” الموحد، الذي كان في الوفد الدبلوماسي مع الأردنيين، وهو عضو في اللجنة الدائمة الإسرائيلية – الأردنية التي شكلت كجزء من اتفاق السلام. “نحن متعلقون جداً بالمكان. إضافة إلى الزراعة التي نمارسها منذ عشرات السنين، الموز والأفوكادو والزيتون والخضراوات ومحاصيل أخرى، وثمة سياحة هنا أيضاً. الكثيرون يأتون لرؤية محطة كهرباء روتنبرغ”.

عيدان غرينباو، رئيس المجلس الإقليمي لغور الأردن، قال للصحيفة بأن اتفاقاً حول الغمر كاد يظهر قبل بضعة أشهر، لذلك “أملنا أن يتم التوصل إلى اتفاقات مشابهة مع الأردن على جيب الباقورة، ولكن خاب أملنا ولم يحدث ذلك. وهذا الأمر يظهر بأنه إذا كانت هناك إرادة فيمكن إيجاد طريقة للتوصل إلى تفاهمات مع الأردن”. وأضاف: “نقترب من اليوم المحدد، ويخيب أملي بأن أكشف أن رئيس الحكومة نتنياهو ومن أداروا المفاوضات من قبله على جيب الباقورة قد فشلوا فشلاً ذريعاً. ورغم جميع أدوات الضغط التي كانت لديهم إلا أنهم لم ينجحوا في التوصل إلى النتيجة التي تتمثل في استمرار الاتفاق القائم أو عقد اتفاق جديد يمكن المزارعين من فلاحة الأراضي في جزيرة السلام”.

وأضاف أيضاً: “نؤمن ونأمل بأن شبكة العلاقات الجيدة التي لنا مع جيراننا من الشرق ستستمر، وأن الأشخاص من الطرفين المعنيين بتخريبها لن ينجحوا”. وحسب قوله: “لم نسمع في الجانب الإسرائيلي أي إجابات مرضية، لذا قررنا التوجه إلى ملك الأردن والطلب منه التدخل شخصياً والالتقاء معه في محاولة لإيجاد حلول تمكن من استمرار العمل في أراضي جزيرة السلام”. أرسلت الرسالة قبل أسبوع ونصف ولكننا لم نحصل على أي رد بعد.

افنير رون، مزارع من “اشدوت يعقوب” الموحد، حاول الحفاظ على التظاهر الزائف في الجولة التي جرت في المكان قبل شهر تقريباً. “لا توجد لنا هناك مناطق مدهشة، هذه زراعة أساسية. الزيتون هو الزراعة الأخيرة، ويجب علينا أن نزرع المحاصيل الشتوية. اعتمدنا في غور الأردن دائماً على الزراعة منذ قدوم الطلائعيين إلى المنطقة، وبعد ذلك دخلت الصناعة. ولكن الزراعة ظلت حاضرة دائماً”. ورغم الحزن، قال موضحاً، “لن نستلقي تحت إطارات التراكتور، بل سندافع عن حقنا في الحصول على أراض بديلة، ونحن مستعدون لهذا الاحتمال”.

آرزي قال في الجولة إن “الباقورة رمز”. وحسب أقواله، فإن إعادة الأراضي لن تغير الوضع القائم كثيراً، لأن محطة الكهرباء التاريخية الآن في أيدي الأردنيين. وشبكة السدود في أيدي

إسرائيل. ولكنه أضاف: “الآن يدخلون إلى كل هذه المواقع. وفي اللحظة التي ستغلق فيها هذه البوابة، فلن يكون هذا موجوداً”. وقد ذكر بأن “وزارة الدفاع بنت هنا جسراً بتكلفة 5 ملايين شيكل” قبل ثلاث سنوات.

حسب أقواله، فإن المعارضة الفلسطينية في الأردن ضغطت، والوعود التي لم تنفذها حكومة إسرائيل لإنشاء قناة البحرين وجسر على نهر الأردن ومنطقة صناعية منحت الدعم لهذا الضغط. وحسب قوله: “الأمور لا تسير حسب ما وُعد به الملك عبد الله. وفي عدد من الحالات يجد نفسه أمام قرارات لم يتم التشاور معه حولها. ومع كل ذلك، جاء رئيس الحكومة وسكب الزيت على النار بإعلانه ضم غور الأردن، وهذا أغضب الملك. ثم اعتقد أن هناك احتمالاً بأن الملك عبد الله يريد من إسرائيل أن تسيطر على الغور كي لا يسيطر عليها الفلسطينيون. ولكن الملك غاضب جداً، وهذا لا يخدم مصالحنا، ويضر بالمفاوضات التي تجري تحت الرادار”.

مدير موقع الباقورة، شاي هدار، قال بأن “وزارة السياحة أوقفت مشروع تطوير الموقع في منتصف الطريق، ويوقفون المرحلة الثانية منه، رغم أن كل استثمار وزارة السياحة ينحصر في الجانب الذي سيبقى تحت سيطرة إسرائيل، الأمر الذي سيسمح للسياح من البلاد ومن العالم بالاستمتاع من الفتح الكامل للطرف الإسرائيلي حتى سد البحيرة. وزارة السياحة أوقفت المشروع، وهي عملياً تحكم بالإعدام على الموقع، بما في ذلك موقع التخليد والمشروع الصهيوني الأول في دولة إسرائيل، وسنفقد إلى الأبد ذخراً مميزاً لدولة إسرائيل”.

ورداً على ذلك، جاء من وزارة السياحة: “لم ينته الفحص بعد، الموضوع معقد، ولا يوجد فقط في مكاتبنا”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here