عادل عبد المهدي.. كما عرفته

ليث شبر

أن أكتب هذا المقال في هذا الوقت المزدحم بالتأويلات والضجيج السياسي وسوء الظن المتفشي في المجتمع وخاصة بعد مقالي السابق الذي دعوت فيه السيد عبد المهدي للاستقالة بعد الأحداث الدامية وإراقة الدماء فإنما هو لوضع الأمور في نصابها الصحيح وإعطاء شهادة حقيقية في زمن أصبحت فيه الحقائق غير مرغوب فيها..

طيلة السنوات التي عملت فيها مع السيد عبد المهدي سواء حينما كنت رئيس التحرير لصحيفة العدالة التابعة له في ٢٠٠٤ أو حينما كنت مستشارا له بعد ٢٠٠٧ في رئاسة الجمهورية أو حينما استقال من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية أو وزيرا للنفط وكانت اللقاءات متواصلة طيلة هذه الفترة..

كل الذين عملوا مع السيد عبد المهدي يعرفون عنه أخلاقه العالية وتواضعه النادر وعلمه الجم وصدقه ونزاهته وزهده في المناصب والمال يسمع للصغير والكبير ويحسن الظن بالجميع ولن تشعر ابدا وانت جالس معه سواء تعرفه سابقا او لا بأنه يتحدث اليك من منصبه بل تشعر بأنه قريب منك صادق فيما يقول سواء أكنت تتفق معه أو تختلف..

في العمل كان مجدا وكثير الأفكار والرؤى يبدأ يومه في السادسة صباحا وينهيه قبل منتصف الليل وهو دوما متوقد الذهن وتشعر من دون شك بخبرته السياسية وعمق نظريته في ادارة الدولة وادارة الأزمات ولكنه مع كل ذلك يستمع لكل الآراء بإنصات ويستشير من حوله بكل شفافية واخلاص..

عرفته صادقا نزيها مخلصا لوطنه وشعبه زاهدا في المنصب وكان يكرر قوله لمن يقاتلون على المناصب ويلهثون وراءها بأن قيمة النضال اذا كانت تكمن في المناصب فتعسا لها.. ومواقفه في الاستقالة معروفة ولكنها لدينا معروفة أكثر لأننا نعرف أسبابها ونعرف الضغوطات الكبيرة التي تمارس عليه للعدول عنها..
كان يقول لي.. ضع استقالتك دائما في جيبك وهي وصية أبيه السيد عبد المهدي الشخصية الوطنية المعروفة..

أكتب هذه الكلمات ليس مدحا أو تملقا ولكن احقاقا لحق وصولة على الباطل الذي تمارسه مجموعة من القوى السياسية المنافقة والتي لم تفتأ يوما منذ ٢٠٠٣ حتى هذه اللحظة من ممارسة مكرها ونفاقها السياسي لتبني ممالكها وامبراطورياتها على حساب دماء الشهداء وفوق معاناة هذا الشعب الذي طالما ابتلي بقادة لاينظرون سوى الى مصالحهم الشخصية والفئوية..

لذلك أكرر دعوتي له للاستقالة لأنه لم يستطع خلال هذه السنة أن يكبح جماح الأحزاب الحاكمة في اللعب على حبال الوطن وعواطفهم وعقائدهم.. ولم يستطع أن يقنع الناس على الرغم مما فيه من صفات كثيرة حسنة لاتتوفر في أغلب سياسيينا أن يقنعهم بأنه في صفهم وليس في صف هذه القوى السياسية التي تهدف الى ابتلاع كل شيء.. ولم يستطع أن يقنعهم بأن قراره الوطني أقوى من التدخل الخارجي..
لذلك يوما بعد يوم اضحى التفاؤل بمقدمه بعد سنة نقمة وفقدان ثقة لا تنفع معها قرارات جديدة او حزم اصلاح اولى وثانية وثالثة..

وإن بقي في منصبه لتعهد كتبه على نفسه أو لاستشارة ممن حوله فإن هذه القوى السياسية ستبتزه أكثر وفي النهاية ستقدمه كبش فداء لتراكمات فشلها وفسادها وسوئها وحينها سيختفي هذا التاريخ من الفضائل ليحل بدله نهاية سوداء وخاتمة لاتستحقها..

ولات حين مندم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here