تدخل الجيش اصبح ضرورة قصوى

عندما يسقط العشرات من الضحايا و الالاف من الجرحى في اطلاق نار ليس بالعشوائي انما هو في تصويب واضح محدد بشكل دقيق و عندما تهاجم قوات مسلحة ( مجهولة الهوية ) مكاتب وسائل الأعلام و تبدأ بتحطيم ممتلكات و اثاث تلك القنوات التلفزيونية و تروع العاملين فيها لمجرد انها نقلت الحقيقة من الشارع الغاضب مباشرة و عبرت عن مطالب و معاناة المتظاهرين السلميين المشروعة و عندما تعتقل قوات مدججة بالسلاح ( مجهولة الهوية ) ايضآ الصحفيين و المدونيين المعارضين و تنقلهم الى جهات غير معروفة و تهدد البعض الآخر بالتصفية الجسدية من خلال رسائل و اتصالات الكترونية ما اضطر العديد منهم الى الهرب خارج العراق فيما اختفى البعض الآخر عن الأنظار .

هذه القوات ( المجهولة الهوية ) هي من يحكم العراق الآن و ما الحكومة الحالية ( عادل عبد المهدي ) الا اطار ديكوري و تجميلي لوجه الميليشيات المتسلطة و حين استشعرت تلك الميليشيات المهيمنة على الساحة السياسية العراقية الخطر الحقيقي الداهم من تلك المظاهرات و من تلك الشعارات و التي يمس البعض منها ( ولي الأمر ) و مطالبته بترك العراق لأهله و الكف عن التدخل في شؤونه حينها كشرت تلك الميليشيات عن انيابها المسمومة و نزعت عنها القناع المصطنع و ظهر وجهها الكالح القبيح و هي تصوب نار حقدها الدفين نحو صدور و رؤوس فتية و شبان خرجوا في مظاهرات و تجمعات سلمية تطالب بالعدالة و الكرامة و رغيف الخبز .

كل الأحداث و الوقائع تشير الى وقوع العراق تحت سيطرة و سطوة الميليشيات الدينية المسلحة الموالية لأيران و ما اجهزة الدولة العراقية الأمنية من الجيش و الشرطة و كذلك قوات الحشد الشعبي ما هي الا واجهات لا حول لها و لا شأن اذا ما تعلق الأمر بتلك الفصائل المسلحة الخارجة على القانون لا بل ان الكثير من ضباط الجيش و الشرطة و بالأخص ( الدمج ) منهم هم اعضاء و ربما قياديين في تلك الفصائل المسلحة ايضآ و التي تعلن و بكل صراحة و وقاحة ان ولائها المطلق هو للولي الديني في ايران و ليس للوطنية او الوطن أي معنى في قاموس هذه الجماعات المسلحة و على ذلك فأن ممارساتها في العراق و بالأخص حين قمعت و بشكل وحشي و هستيري المظاهرات السلمية انما كانت تنفيذآ لأوامر قادتها .

لم تكن تلك المظاهرات كغيرها من التجمعات الجماهيرية و ان طرحت شعارات المطالب المشروعة ذاتها انما كان هناك مطلب آخر مهم استشعرت منه المجاميع المسلحة الخارجة على القانون الخطر المحدق بمشروعها الرامي الى جعل العراق تابعآ لأيران و خاضعآ لحكومة ( الولي الفقيه ) عبر تلك الهتافات التي رددتها الجماهير المنتفضة داعية الى الأستقلال الناجز من خلال اسقاط الحكومة الضعيفة القائمة و التي لم تستطع الدفاع عن مواطنيها في وجه تلك الميليشيات و كذلك لم تتمكن من لجم تلك المجاميع المسلحة العميلة التي اطلقت النار على المتظاهرين بعد ان نعتهم و وصفتهم بالعملاء و المندسين و زوار السفارات الأجنبية .

لقد عاثت الفصائل المسلحة الخارجة على القانون و المسماة على غير حقيقتها بفصائل ( المقاومة ) الكثير من الخراب و الفساد في العراق و لم تصبح و كما يدعي البعض على انها دولة داخل دولة بل ان مؤسسات الدولة العراقية العريقة اصبحت كلها تحت هيمنة هذه الفصائل و قادتها الذين يتلقون التعليمات و التوجيهات و حتى الأوامر من الخارج و هم أي الذين يصدرون الأوامر و التوجيهات لتلك المجاميع المسلحة لا يهمهم مصلحة العراق بلدآ و شعبآ لا من قريب و لا من بعيد و على هذا فأن الشعب العراقي و مصالحه و مستقبله لن يكون من اولويات هذه الميلشيات المسلحة و التي تعمل على جعل العراق و ابناءه في الخنادق المتقدمة في صراعات الأخرين و نزاعات الآخرين و معاركهم و حروبهم و التي ليس للعراق و شعبه فيها أي ناقة او مصلحة .

اذا كان البديل عن الفوضى العارمة التي تضرب اركان البلاد العراقية و عن احتلال المجاميع المسلحة الخارجة على القانون و التي لها انتماءات خارجية و هي بمثابة مخلب القط الأيراني في العراق ان يكون البديل هو في تدخل الجيش العراقي عبر أحد من قياداته الوطنية ذو التأريخ المهني المحترم و المتزن في الأمساك بزمام المبادرة و اعادة الأمور الى نصابها من خلال اقالة الحكومة و حل مجلس النواب و منع المظاهر المسلحة خارج المؤسسة الرسمية للدولة العراقية و دعوة الميليشيات و المجاميع المسلحة الغير قانونية الى تسليم اسلحتها فورآ و بدون قيد او شرط تحت بند العقوبات الصارمة التي سوف تطبق بحق المخالفين منهم و منع ألأحزاب ذات الأتجاه الديني من الأشتراك في الحياة السياسية و التي هي اساس البلاء و الخراب الذي اصاب البلاد و مزق وحدتها و اذا كان الحديد لا يفل الا بالحديد فهذه مسؤولية الضباط الوطنيين العراقيين و ما اكثرهم .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here