ربيع بيروت

يديعوت – بقلم سمدار بيري
انتبهوا الى فقرة واحدة في خطاب رئيس الوزراء اللبناني الطويل يوم أمس. “انا أقول للمتظاهرين انه يحتمل بالتأكيد الا تكون التعديلات التي اعرضها الان ترضيهم. ولكنها بالتأكيد ترضيني”،هكذا أعلن الحريري واضاف: “أنا لا اطلب منكم ان توقفوا المظاهرات. اجلسوا بينكم وبين أنفسكم وقرروا ما هو الصحيح لكم حقا”.

حتى بعد الخطاب رفض المتظاهرون مغادرة الميادين. فبعد كل شيء، فان الحريري أيضا يحتل مكانا عاليا الى جانب حسن نصرالله، امين عام حزب الله، في قائمة فاسدي لبنان. فالمتظاهرون في بيروت، في صور، في صيدا وفي طرابلس وفي محيطها لم يوفروا امس انتقاداتهم اللاذعة عن هذين الاثنين، اللذين بالكاد يتحدثا مع بعضهما البعض، وفقط عند الحاجة. المتظاهرون يريدون حكومة جديدة، بدون الحريري، بدون الوزراء وبدون البرلمان الذي اقر انتخابهم.

بقدر ما هو معروف، فان هذه هي المرة الاولى التي يأخذ فيها الحريري واعضاء حزب المستقبل بقيادته بالحسبان الجيل الشاب في لبنان. فجأة بات هاما ما يفعله عشرات الاف الطلاب الذين لا يتمكنون من ايجاد عمل، الازواج الشابة الذين لا يجدون سبيلا لنيل الرزق، العائلات الفقيرة بالافها والتي درج الحكم على تجاهلها. في مفاجأة تامة خرجوا الى ميادين بيروت، وانتشرت المظاهرات من مدينة الى مدينة، من الشمال وحتى حدود اسرائيل في الجنوب. وهم يستصعبون التصديق بان حكومة الحريري ستفي بتعهداتها.

كما ان هذه هي المرة الاولى التي يخرج فيها الشيعة الشبان ضد حزب الله. ومن خلفهم القى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط خطابات ملتهبة، وأسمى الامور باسمائها الحقيقية: الطائفية امام التجاهل. جمع المال الطائف لشريحة رقيقة في القمة امام الفقر المدقع. حان الوقت، كما اوضح جنبلاط، لان يقفز لبنان عن حاجز الطائفية، وان يكف عن ان يرى المارونيين اغلبية ساحقة فيختار حكومة تعيد لبنان الى عظمته في الشرق الاوسط. اليوم من المتوقع ان يضعف تيار المظاهرات، ولكن المتظاهرين لن يتركوا الميادين. وقد سبق لرئيس الوزراء أن قال كل ما كان لديه، وسيبدأ وزراؤه في العمل على الاصلاحات الجديدة. كما سيتوجه الحريري لطلب المساعدة من دول الخليج والمساعدات الاقتصادية من البنك الدولي ايضا. ومع ذلك، فان معظم الشبان يطلبون ان ينصرف، ان تجرى انتخابات، وهم يعرفون بالضبط لماذا.

كل من تحدثوا أمس اقسموا على أن الطائفية هي الحاجز الذي يمنع تقدم الشبان، وهو العامل الاول للنفور من القيادة. لقد كان لبنان دوما دولة تجار، ولكنه كان ايضا حجر جذب لاغنياء

الشرق الاوسط الذين اختفوا، وزاوية سياحية رائعة للزوار الغربيين. كل هذا لم يعد موجودا، بسبب التوتر بين حزب الله والمارونيين، فيما يجني نصرالله عشرات الملايين في جنوب امريكا، ويخوض حرب تهديدات مع اسرائيل. لقد مل اللبنانيون. فهم يؤمنون بان بوسعهم أن يعودوا ليكونوا اللؤلؤة الاقليمية. ولكن قبل كل شيء عليهم ان يحرصوا على تحسين شروط حياتهم والتخلص من العفن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here