واشنطن بوست: المحاصصة والفساد يحركان الشارع ضد الحكومات في العراق ولبنان

ترجمة / حامد أحمد

شهدت شوارع لبنان الخميس الماضي مظاهرات شعبية واسعة غير متوقعة عبر فيها الاهالي عن سخط وغضب عميق لازمات اقتصادية متراكمة وفساد مستشري في مؤسسات حكومية وسوء ادارة ومحسوبية

كان آخرها اقرار زيادة معدل الضرائب طالت حتى مكالمات تطبيق واتس أب للتواصل الاجتماعي التي من المفترض ان تكون مجانية .

مظاهرات لبنان، وكذلك مظاهرات العراق التي بدأت مطلع الشهر الجاري، تكشف عن فشل نظام المحاصصة الطائفية والعرقية في حكم البلد وكذلك تكشف عن توحد مطالب المحتجين في كلا البلدين لأجل التغيير والاحتجاج ضد اخفاقات حكومية متتالية واليأس من تردي الاوضاع الاقتصادية والفقر وتفشي الفساد بين مؤسسات القطاع العام .

فيما يتعلق بلبنان، فان قوة نظام المحاصصة الطائفية، هي نتاج عن مدى تناغم الهيكل المؤسساتي السياسي وجانب الاقتصاد السياسي في العمل سوية لتقديم بدائل تبدو غير منطقية ولا يمكن تصديقها. الفساد المستشري عبر القطاعين العام والخاص ساعد في تزويق اقتصاد سياسي لما بعد الحرب تسبب بوصول نفقات الدولة على حافة الانهيار. في عام 2018 بلغت تخصيصات مرتبات الموظفين الحكوميين ونفقات الفوائد الاخرى بحدود 46 مليار دولار اي ما يعاد 35% من مجموع نفقات الحكومة. وبينما تزداد منافع الاغنياء والمتنفذين في البلد، فان دخل 50% من سكان البلد يعادل ما يقارب من 0.1 % من دخل الاغنياء. في العراق فان الاحتجاجات جاءت لتعارض مسؤولي النظام السياسي الطائفي الذي حكم البلاد منذ الغزو الاميركي للعراق عام 2003، لقد توحد المحتجون ضد النخبة السياسية الحاكمة التي فشلت بتقديم خدمات اساسية .

النظام السياسي الطائفي في العراق ، على غرار النظام السياسي الطائفي في لبنان، وفر نظاما اداريا فاسدا يسمح للوصول الى موارد الدولة والاستحواذ على مؤسسات عامة مع تحشيد سياسي مستند على خطوط طائفية عرقية. عملية الوصول لموارد الدولة تهيمن عليها النخبة السياسية الطائفية. وبالتالي توسع حجم منتسبي القطاع العام في البلد من 850 الف موظف حكومي خلال العام 2004 الى ما يقارب بين 7 الى 9 مليون موظف خلال العام 2016، فضلا عن هدر ما يقارب من 25% من الاموال العامة في صفقات فساد. الاحزاب الطائفية المتنفذة في البلد تستخدم قنوات العقود الثانوية والمعابر الحدودية والموانئ وحتى حقول النفط والغاز لدعم شبكة نشاطهم المعتمدة على المحسوبية والطائفية . الاحتجاجات اللامركزية في العراق التي تميزت بعدم وجود من يقودها والتي اشعلتها متراكمات الفساد المالي والاداري وانتشار البطالة وانعدام الخدمات قد تحولت بشكل سريع الى دعوة لتغيير نظام الحكم. وفي الوقت الذي وقعت فيه المظاهرات في مناطق ذات غالبية شيعية فلم تتخللها اي شعارات طائفية او دعوة لتخندق طائفي سوى المطالبة بالقضاء على الفساد وتوفير فرص عمل .

مواجهة المظاهرات العراقية بالعنف من قبل النخبة الحاكمة كشفت ضعف النظام السياسي المبني على الطائفية بدلا من قوته . ولكن هل ان هذه الاحتجاجات التي اشعلتها حالات الفساد والبطالة وانعدام الخدمات والتي تدعو لوضع حد للنظام الطائفي ستحفز سياسيي البلدين العراق ولبنان للقيام باصلاحات فعلية؟

الشعب في كل من العراق ولبنان عبروا عن احتجاجاتهم ضد الفساد الاقتصادي والامتعاض من النظام السياسي الطائفي. انهم يبحثون عن مستقبل افضل يتخطى حدود التخندقات الطائفية والحزبية .

عن: واشنطن بوست

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here