يقولون إن الأمريكيين ثاروا ضد الاحتلال البريطاني من أجل التحرير بنفس المنطق أليس للكوردستانيين الحق أن يثوروا ضد محتليهم؟

محمد مندلاوي

بالأمس نقلت وسائل الإعلام العالمية عدة أقوال مقززة وغير مسئولة عن الشعب الكوردي الجريح كان قد صرح بها سمسار العقارات الذي أصبح على حين غفلة من أهل السياسة في أمريكا سيد البيت الأبيض؟. لكن بسبب فضاضة ذلك التصريح وقسوة كلماتها التي لم تنهضم عندي كمواطن كوردستاني بسيط، لأنها كانت كلمات مجافية للواقع، وافتقرت إلى الدليل المقنع وشيئاً من الكياسة السياسية. من هذه الكلمات..”إن الكورد ليسوا ملائكة” بلا أدنى شك يا سيد الرئيس “ترامب” أن الكورد ليسوا ملائكة بل أرحم وأحن منها في عالمنا الواقعي على الأرض، وليس في عالم الميتافيزيقيا؟. وإلا كيف بشعب أصيل ونبيل في غربي كوردستان يقدم 11000 قتيل و24000 جريح من أجل أن يحمي شعوب غريبة عنه من أيدي الإرهابيين القتلة، الذين يحللون قتل كل مَن ليس على دين الحق بدم بارد، ليس لشيء سوى أنهم على غير دينهم؟. وهكذا قوات الـ”پێشمەرگە= Al-Peshmarge” الكوردية في جنوب كوردستان، التي قدمت أكثر مِن 1500 قتيل و7000 جريح،أنها قدمت كل هذه التضحيات الجسيمة من أجل أن لا تصل أيدي الإرهاب إلى الغرب (الكافر) وتدمر حضارته. كما أسلفت، أليس هؤلاء البشر أرحم من الملائكة يا سيادة الرئيس؟ لنفترض جدلاً، إذا وجدت الملائكة على الأرض، هل قامت بما قام به الشعب الكوردي المناضل من أجل الذود عن حياة وممتلكات الآخرين؟؟. توجد في التاريخ الإسلامي قصة الملكان “هاروت وماروت” الذين أنزلهما الله إلى الأرض واشترط عليهما أن لا يشربا الخمر، ولا يزنيا، ولا يقتلا، لكنهما بعد نزولهما إلى الأرض شربا الخمر، وزنيا، وقتلا؟ بينما ثوار الكورد تجد الفتيات والفتيان يحملون السلاح جنباً إلى جنب للدفاع عن الأرض والعِرض دون أن يرفع أحدهم عينه على الآخر أو يمد يده نحوها بنية سيئة كما فعل الملكان هاروت وماروت بزُهرة التي مثلت لهما امرأة؟. وفي سياق حديثه.. اعتبر الرئيس دونالد ترامب: إن حزب العمال الكردستاني يشكل تهديداً إرهابياً أكبر من تهديد تنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف الرئيس (ترامب) في مؤتمره الصحفي الذي عقده في البيت الأبيض: إن حزب العمال الكردستاني، الذي هو جزء من الأكراد كما تعلمون، هو على الأرجح أسوأ في الإرهاب ويشكل خطراً إرهابياً أكبر بأوجه عديدة، من داعش. وفي مكان آخر قال الرئيس “ترامب” كلاماً شبيه بنكتة:إن الأكراد لم يساعدوا الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية وإنزال

النورماندي. يا للعجب، كأن الشعب الكوردي كان سيد نفسه وله دولته القومية ولم تقم بمساعدة أمريكا في الحرب ضد ألمانيا!! إلا يعرف الرئيس أن الشعب الكوردي في ذلك التاريخ وقبله وإلى الآن واقع تحت نير الاحتلال العربي، التركي، الفارسي البغيض؟؟ لماذا لم ينظر الرئيس إلى الجانب الآخر في تلك الحرب حيث لم يقم الشعب الكوردي بمساعدة هتلر بأي شكل من الأشكال؟؟ هنا نتساءل، إذا المشاركة أو عدم المشاركة في تلك الحرب العالمية هي مقياس عند الرئيس “ترامب” هناك شعوب ودول كانت مع هتلر قلباً وقالباً لكنها اليوم هي عزيزة على قلب الرئيس وقبله على قلوب كل رؤساء البيت الأبيض. مثال تركيا الطورانية، ألم توقع معاهدة صداقة مع ألمانيا النازية في عهد هتلر؟.ألم تسمح تركيا إبان الحرب العالمية الثانية للسفن والبارجات الحربية الألمانية من عبور مضايقها المائية؟. ألم يذهب في سنوات الحرب المذكورة نصف صادرات تركيا إلى ألمانيا النازية الخ؟. حتى العرب، ألم يقفوا مع هتلر في الحرب؟. ألم يزر رشيد عالي الكيلاني رئيس وزراء العراق هتلر بنفسه ووضع يده بيده؟ ألم يزر مفتي القدس محمد أمين الحسيني هتلر في ألمانيا وعقد معه اجتماعات عديدة واتفقا على التعاون بينهما. “صورهم موجودة على النت” ألم يقابل الشباب العربي هتلر في ألمانيا إعجاباً به؟. ألم يشكل الشباب العربي في الكيانات العربية منظمات مسلحة.. على غرار النموذج الألماني النازي؟. لماذا يسكت الرئيس عن هؤلاء العرب والأتراك الذين وقفوا مع هتلر ضد العالم؟ ألم يقل المثل: شبيه الشيء منجذب إليه.. .هؤلاء الأتراك والعرب يشبهون هتلر والجرائم التي يقومون بها إلى اليوم شبيهة بجرائم هتلر ضد العالم، وخير دليل على ما نقول ما قام به هذه الأيام رئيس جمهورية الأتراك المدعو أردوغان في غربي كوردستان.

لكن يظهر أن السيد الرئيس “ترامب” ترأى له أن من قام بتفجير مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك ليست القاعدة بل حزب العمال الكوردستاني؟؟!! والآن أيضاً يرى العكس، كأنه ليس تنظيم داعش قام بقتل الأوربيين في عقر ديارهم بدم بارد، بل هو حزب العمال الكوردستاني؟؟!! حقاً أن كلام الرئيس “ترامب” عجيب وغريب و يدعوا إلى.. .يتضح أن سيد الرئيس (ترامب) ليس لديه معلومات عن البون الشاسع بين عقيدتي حزب العمال الكوردستاني وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إن حزب العمال أقصى ما يسعى إليه هو تأسيس دولة كوردية على كامل التراب الكوردستاني، وهذا لا يهدد الغرب ولا أمريكا، حيث توجد اليوم حدود 200 دولة في الأمم المتحدة ما الضير إذا زادت دولة كوردية؟. إما فيما يتعلق بالأسرار الحركية والتنظيمية لحزب العمال لا نعلم بها نحن المواطنون البسطاء أن كان هناك أموراُ سرية لدى تنظيم حزب العمال الكوردستاني الذي جعل الغرب يصفه تنظيماً إرهابياً، لكن عند متابعتنا للأحداث يظهر أنهم وضعوه في خانة الإرهاب من أجل الكيان التركي الطوراني الذي يقع على الجناح الجنوبي لحلف الناتو. بينما تنظيم الدولة الإسلامية (داعش= isis) أو أي تنظيم إسلامي آخر أن كان سنياً أو شيعياً هدفه الأول والأخير في الحياة أن تخضع لسلطته الدنيوية كل الكرة الأرضية وما عليها دون استثناء،لأن الشخص الإسلامي لا يستطيع الخروج عن النص المقدس، مثال الآية القرآنية رقم )19) في سورة آل عمران: إن الدين عند الله الإسلام..= The religion with Allah is Islam. ومن ثم التزامه بالحديث النبوي الصحيح الذي يقول بكل وضوح: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم بحق الإسلام وحسابهم على الله= I was ordered to fight people so that they can testify that there is no god but Allah and that Muhammad is the messenger of Allah.

ثم، هل فجر حزب العمال الكوردستاني عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة في الولايات المتحدة الأمريكية؟. حسب متابعتي لأخبار الأحزاب الكوردية في وسائل الإعلام المتعددة لم ولن يفعل مثل هذه الأعمال الإرهابية الجبانة لا حزب العمال الكوردستاني ولا أي حزب كوردي آخر قط. بل العكس، أن الولايات

المتحدة الأمريكية كدولة عظمى وحيدة في العالم هي التي قامت بطريقة.. لا تليق بها باختطاف زعيم حزب العمال الكوردستاني وسلمته مكبل اليدين ومعصوب العينين إلى جمهورية تركيا الطورانية التي حكمت عليه في محكمة صورية بالإعدام، لكن بضغط دولي على الكيان التركي خُفف الحكم إلى السجن المؤبد، السؤال هنا، لماذا ضغطت دول العالم على تركيا كي لا تعدمه إذا هو إرهابي؟؟ وهل تتوسط الدول للإرهابيين كي ينقذوهم من حبل المشنقة؟؟. لمن لا يعلم، أن مدة السجن المؤبد في الدول الأوروبية التي تسعى تركيا للانضمام إلى اتحادها هي 15 سنة لا غير، بينما مر على سجن الزعيم الكوردي (عبد الله أوجالان) 21 سنة لا يزال معتقل في سجن إنفرادي يقع في جزيرة إمرالي شديد الحراسة ولا يسمح لمحاميه ولا لأقرب الناس إليه أن تزوره!!. عزيزي القارئ،بعد إلقاء القبض على زعيم حزب العمال الكوردستاني (عبد الله أوجالان) شاهدت بعيني في قنوات التلفزة العالمية أن أكثر من 50 شخص كوردي في عموم بلدان العالم أحرقوا أنفسهم لكي يرى العالم مدى الظلم والتعسف الذي يعاني منه الشعب الكوردي على أيدي محتليهم وأيدي من يحابيهم؟ السؤال هنا،هل أن الإرهابي يحرق نفسه لكي يوصل رسالة؟ أم يفجر نفسه بين الأبرياء كما تفعل التنظيمات الإرهابية..؟؟.

لكي يكون الرئيس على بينة من أمره عن تاريخ الأمة الكوردية العريقة، الأمة التي استوت سفينة النبي نوح على إحدى قمم جبالها التي أصبحت أرضها فيما بعد مهد البشرية الثانية؟ إن لهذه الأمة الأصيلة الحق أن تعيش على أرض وطنها كوردستان وتحت شمسها سيدة نفسها كبقية الأمم على كوكبنا الأزرق؟. للعلم، أن الكورد موجودون في المنطقة قبل العرب والأتراك والفرس وهذا مذكور في بواطن كتبهم، لقد ذكر الكورد في ألواح سومر ومع النبي إبراهيم. لكي نقارن بين قِدم الكورد في المنطقة مع الأتراك نذكر الخارطة التي رسمها المعجمي الجغرافي التركي (محمود الكاشغري) وتقع ضمن كتاب كان قد ألفه ذلك العالم التركي (محمود الكاشغري) قبل حدود 1000 عام بعنوان (تاريخ لغات الترك) الشيء المهم في هذه الخارطة، أنها رسمت قبل مجيء الأتراك إلى الأرض التي باتت تسمى اليوم تركيا، أي لا وجود في الخارطة المذكورة لبلد اسمه تركيا. لكن في المقابل، ترى فيها اسم “كوردستان= Kurdistan” بصيغة “أرض الأكراد” وهذا يعني أن الكورد لديهم الشرعية التاريخية في هذه المنطقة التي يفتقد إليها الأتراك الغرباء عن المنطقة وشعوبها. هؤلاء هم الأتراك يا سيادة الرئيس (ترامب)، اللذين منذ أن وطئت حوافر خيولهم هذه الأرض وهم في عداء دائم مع كل الدول المحيطة بكيانهم.. وتلفظهم شعوبها لفظ النواة، بدءاً من الكورد، ثم الفرس، ثم العرب، ثم السريان، ثم الأرمن، ثم البلغار، ثم اليونان، والآن تركوا الدول المحيطة بهم خلفهم ووصلوا بمرتزقتهم كجحافل التتار إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وليبيا، وجيبوتي الخ. عزيزي القارئ،كما يقال: التاريخ يعيد نفسه. حيث شوهد في هذه الأيام العجاف كيف أن الرئيس التركي قاتل الأطفال الرضع المدعو رجب طيب أردوغان أمر جيشه الهمجي ومرتزقته الأوباش بحرق الحرث والنسل في غربي كوردستان بدم بارد. إن جرائمه الوحشية هذه دفعت جامعة الدول العربية أن تدينه بأشد العبارات، وهكذا أدان غزوه لغرب كوردستان الاتحاد الأوروبي، وكذلك منظمة العفو الدولية التي اتهمت تركيا بارتكاب جرائم حرب، وكذلك الكونغرس الأمريكي هو الآخر يهيئ الآن قراراً لفرض عقوبات قاسية على تركية، وهكذا أدانت دول ومنضمات وبرلمانات العالم الغزو التركي المغولي لغرب كوردستان إلا ثلاث كيانات منبوذة وهي كل من باكستان الشهيرة بالانقلابات العسكرية والتي انفصلت عن دولة الأم الهند عام 1947. ودويلة قطر التي كانت محمية بريطانية ونفوسها لا تتجاوز 200,000 نسمة. وكيان صومال الذي اشتهر اسمه بالقرصنة في البحار، باستثناء هذه الكيانات الثلاثة.. كل العالم أدان الغزو التركي التي نقلت كبريات الصحف العالمية صوراً مرعبة عن جرائم الأتراك وفي مقدمة هذه الصحف صحيفتي تايمز وجارديان اللتان نقلتا صوراً عديدة عن استخدام الجيش التركي المجرم “الفسفور الأبيض” ضد المدنيين الكورد بينهم أطفال. عزيزي القارئ الكريم، ألم يعكس هذا الغزو الوحشي لغرب كوردستان مدى الحقد التركي الطوراني لكل ما هو

كوردي على صورته الحقيقية؟. أرجو أن تستخلص القيادات الكوردية في عموم كوردستان الدروس والعبر مما جرى هذه الأيام العجاف لجزء من الشعب الكوردي في غربي كوردستان.

أتعرف عزيزي القارئ، الذي شد انتباهي إلى تخاذل ترامب مع بياع السميط القابع في أنقرة تبين أن للرئيس “دونالد ترامب”مشاريع ضخمة تفوق قيمتها المليار ونصف مليار دولار في تركيا وتحديداً في إسطنبول، يظهر أنه يخاف على ممتلكاته هناك عند شعب يأجوج ومأجوج= Gog and Magog. لا نعلم، ربما يكون الرئيس شريكاً لأردوغان في مشاريعه هناك، مَن يدري في هذه الأيام نسمع ونرى العجب العجاب. كان من المؤمل أن تطلق بلدية إسطنبول اسم ترامب على نفق للمشاة قرب برجي المسمى “ترامب تاور” في منطقة شيشلي في إسطنبول لكنها أجلته إلى إشعار غير مسمى.

ختاماً أنقل ما قاله النائب السابق لرئيس جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية (جو بايدن): عار عليك على ما فعلته مع الكورد. أكرر ما قلته في مقال سابق، أن كل مَن يجرم بحق الكورد سينال جزائه العادل على يد الخالق عاجلاً أو آجلا، أمامنا عدة نماذج من الذين أجرموا بحق الكورد، أتاتورك الذي قتل الكورد وهجرهم مرض مرضاً غير معروف وأصبح وزنه 20 كليوا غرام عند وفاته، وشاه إيران الذي قضى على جمهورية كوردستان واضطهد الكورد أصبح وزنه 17 كيلوا غرام، وهواري بومدين الذي حاك مؤامرة الجزائر عام 1975 ضد الكورد لم يعرف اسم مرضه الذي قتله في النهاية، وصدام حسين الذي لم يدعه أن يرحل من هذه الدنيا قبل أن يشهد قتل نجليه وحفيده وتشريد عائلته في أصقاع العالم الخ.

21 10 2019

” من العار بالنسبة لرجل حر أن يوصم بأنه كاذب” (سوفوكليس)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here