من ثمار الفلسفة الكونية العزيزية:

قبل خمس سنوات توقعت ما يجري الآن على أرض الواقع, عبر مقالات متعددة, و للأسف لم أحصل سوى على مقال واحد بعنوان؛ [يا إيران لا تخسري الشعب العراقي] و كما معروض أدناه, نبهت خلاله الناس والدولة الأسلامية و الحكومة إلى ما وصلنا إليه اليوم من فساد و فوضى, وإليكم النصّ:
[يا إيران لا تخسري الشعب العراقي](1)!

شفقنا العراق-بين شرائح الشعب العراقي الكثيرة و المتنوعة و الشعب الأيراني روابط تأريخية و دينية و حضارية عميقة و متجذرة تمتد لآلاف السنين, لم تؤثر عليها سياسات الحكام رغم قساوة و بدوية و تطرّف بعضهم إلى حدّ بعيد و كما كان الحال مع النظام الصدامي البائد!
و قد تطورت تلك العلاقات لتتعدى الحالة التقليدية و العرفية إلى روابط عشائرية و عائلية و تجارية كبيرة و واسعة و معمقة، بحيث تكاد لا ترى عائلة أو عشيرة محاذية في الحدود المشتركة بين البلدين و التي تمتد لأكثر من 1200 كم سواء بين القومية الكردية(الفيلية خصوصاً) أو العربية أو التركمانية أو الذين يعبدون عليّاً، بدءاً بأهالي البصرة وتوابعها جنوباً و صعوداً نحو الشمال إلى العمارة عبر سكان الأهوار و الأنهار المحاذية المشتركة مع إيران كشط العرب و هور الحمار ومجنون وطبر وغيرها، مروراً بأهالي ميسان ثم واسط و بدرة و زرباطية وتوابعها وصولاً لخانقين ثم عشائر كردستان، والأمر لا يتوقف على علاقات أهالي تلك المدن الحدودية فقط، بل هناك عوائل في بغداد وجميع المحافظات الأخرى ككربلاء والنجف و الصويرة و الديوانية و النعمانية وغيرها فيها الكثير من العوائل التي لها أصول و جذور في إيران!

تلك العلاقات المتشابكة الطويلة – العريضة التي قد لا تجدها في شعبين جارين آخرين كما هو حال الشعب العراقي والأيراني والتي كشفت حقيقتها لمجرد زوال نظام الجهل الصدامي والتي تطورت كثيرأً اليوم على جميع الأصعدة؛ السياسية والأقتصادية والتجارية والعسكرية والأمنية والاجتماعية، بل لا أجانب الحقيقة لو قلت بأن الكثير من شيعة العراقيين الواعيين المثقفين وحتى السنة منهم يحبون و يقلدون قائد الثورة الأسلامية الإمام الخميني والقائد الخامنئي، ففكر الثورة امتد لجميع العراقيين، بحيث نافس ولاية الفقيه بمنهجه، منهج السيد السيستاني التقليدي رغم قصر المدة الزمنية التي فتح فيها السيد الخامنئي مكاتبه في النجف و كربلاء و بغداد و غيرها!

هذه الحقائق الكبيرة تتمثل في أنّ الشعب العراقي لا يمكن أن ينفصل عن إيران مهما كانت الظروف ومهما حاول بعض الحكام من دثرها وتمزيقها كعمليات التهجير القسرية التي بدأها صدام على مدى عقود حكمه الأسود، وعلى الجمهورية الإسلامية أن تنمي هذه العلاقة و تُطوّرها بمدّ المزيد من الجسور والعلاقات والوسائل التي من شأنها إدامة وتقوية العلاقات الأخوية بما يخدم مستقبل الشعبين اللذين استطيع القول بأنهما شعب واحد وقيادة علمائيّة واحدة و دين واحد رغم تباين المنهجين بعض الشيء!

لذلك أتمنى أن تنتبه الدّولة الأسلامية لأمر هام ومصيري خصوصا في هذه المرحلة، ذلك الأمر ألذي ربما لم يعُد صورته واضحة أمامها لتعقد اوضاع العراق الراهنة و جشع الأحزاب و المسؤوليين و تشابك التدخلات الخارجية المريبة التي لا تريد بآلتأكيد مصلحة وإستقرار الشعب العراقي بقدر ما تريد تركيز وجودها لنهب النفط وسَوق الشعب من خلال حكومة غبيّة وجاهلة باتجاه تحقيق المصالح الشخصية على حساب المصالح العليا, و التي ولّدت العنف والقتل والحرب لاجل تحقيق مصالحها الضيقة، وأمريكا ومن ورائها إسرائيل هما اللاعب الرئيسي لتنفيذ ذلك المخطط الذي أحرق الحرث والنسل، بحيث بات العراق كله قاب قوسين أو أدنى من الدمار الشامل والكامل لتدخل مرحلة جديدة أخطر بكثير ممّا يجري الآن، وذلك بتحكيم العسكر مجدداً و حتى حرب الشوارع لرسم مستقبل العراق الغامض بعد داعش، من خلال وزارة الدفاع و الحكومة العراقية (العباديّة) و للأسف الشديد!

في خضم هذا الوضع و بسبب الفساد السياسي و رفض المرجعية للحكومة و النظام السياسي؛ تفجّر الوضع الداخلي في العراق من خلال مظاهرات عارمة قلبت موازيين القوى حتى وصلت تأثيراتها لداخل البرلمان والحكومة العراقية وحتى القضاء الأعلى الذي بات حائرأً وسط أمواج المتظاهرين العارمة والشعارات المتطرفة التي رفعها بعض المتظاهرين حتى ضد إيران بقصد واضح!

ولعل قوات بدر ألتي هي فخر المقاومة العراقية و الحشد الشعبي ضد داعش وأخواتها أعلم من غيرها بما جرى و يجري في العراق. ولهذا نراها القوة الوحيدة التي إتّخذت موقف الحياد بين الطرفين (الحكومة) من جهة و(الشعب) من الجهة الأخرى، لعلمها بحساسية الموقف ونتائجها التي ستظهر بقوة ولو بعد حين .. لا محال لتنعكس مردوداتها على الواقع الأجتماعي والسياسي والعسكري، لأن الجماهير العراقية ظُلمت كثيراً وعانت الأمرين بسبب الأمية الفكرية لقادة الأحزاب و نهب الحاكمين الذين سرقوا أكثر من نصف خزينة العراق لأنفسهم و النّصف الآخر هدرت لعوائلهم و ذويهم و مقربيهم و حماياتهم بعناوين مختلفة و معروفة!
وقد انتبه الشعب لهذه المأساة الكبيرة التي حلّت بها الآن خصوصا بعد ما تزامنت مع هبوط أسعار النفط الذي كان الممول الأساسي لأموال العراق، ولذلك خرج محتجاً بعنف يريد (قلع و شلع) الحكام جميعاً ليحلّ بدلهم المخلصين من أوساط الشعب ألذي يعاني هو الآخر من الجهل الفكري, بالطبع لم نستبعد دخول عناصر مغرضة على الخط كانت وما زالت تريد إحلال المزيد من الفوضى و الأرباك على الوضع الداخلي بحرق الأخضر و اليابس لعدائها المزمن مع الشعب العراقي والحكومة العراقية في آن واحد، وتلك العناصر معروفة بعلاقاتها مع الدول الأقليمية معروفة ولا حاجة لذكرها، لكن هذا الخلل يجب أن لا يكون حاجزاً أو عذراً لرفض ومعاداة حركة الثورة العراقية المضادة ضد الحاكمين بدعوى وجود بعض المخربين المعروفين!
لأن تلك الأصوات الشاذه وسط الملايين من المتظاهرين لا يمكن أن تكون سبباً لرفض إنتفاضة الشعب العراقي الذي تحولت حركته إلى إعتصام و عصيان مدني وربما إلى مواجهات مسلحة في المستقبل فيما لو لم يتحقق أهداف طلائع الشعب ومطالبها المعلنة – المشروعة والتي يمكن تحديدها بمسألتين:

الأولى: محاكمة السياسيين الفاسدين والقضاء على الفساد وآلجوع.

ألثاني: محاكمة الأرهابيين ألدواعش والقضاء على الأرهاب بشقّيه.

والمسألتان ترتبطان معاً، خصوصا وأن قوات بدر هي بيضة القبان في هذا الوسط، ويمكنها أن تلعب دورا كبيراً بإتجاه تحقيق الحقّ .. أكرر (تحقيق الحقّ) من خلال دعم الجماهير التي هي الأساس الذي سيُحقق بلا شك نصرأً كبيراً على الفاسدين الأرهابيين بشقيه (السياسي) و(الداعشي) اللذين نخرا العراق من أقصاه لأقصاه وأوصلاه إلى ما هو عليه من البؤس و الفقر والمرض و الجوع والهلاك!
وهذا النصر الجماهيري لو تحقق فإنه يعني إنتصار مبادئ الدولة الأسلامية المقدسة بقيادتها الأسلامية بما لا يقبل الشك، أو فشلها لا سامح الله وتعني الفوضى العارمة, لأن الحق واحد، وبغير ذلك، فأنّ نزيف الدم في العراق سيستمر ويشمل إيران لا محال و سيكبر الجرح وتتوسع المحنة ليكون في النهاية المارد الأمريكي هو المنتصر لا سامح الله فيما لو إستمر دعم الدولة الأسلامية لا سامح الله لحفنة من السياسيين المتحاصصين – الفاسدين – الجهلاء الذين إنفصلوا عن الشعب تماماً بعد ما سرقوا قوته ونفطه وأمواله وحتى حقوق أبنائه الذين لم يلدوا بعد .. بعد ما أصبح العراق مدينأً بأكثر من خمسين مليار دولار(2) وهي كارثة كبرى ستمتد لعشرات السنين إن لم تكن قروناً!
لذلك نرجو من الدولة الأسلامية المباركة و قيادتها الألهية ألحكيمة وقبل فوات الأوان؛ أن تقف مع المرجعية الدّينية العراقية التي اتخذت موقفاً لا بأس به قبال السياسيين وإن لم يكن حازماً. وذلك بإتخاذ الموقف الأمثل والأكبر والأبعد من خلال الأسقاطات السياسية والعسكرية والتقتصادية واللوجستية لكبح فساد النظام العراقي الذي واجه الشعب وعمّق جراحاته بوقوفه بالضد من مصالحه وحقوقه ومظاهراته من خلال التصريحات الأخيرة لمعظم المتحاصصين من أقطاب الحكومة العراقية التي توافقت على نهب الشعب.
و بغير ذلك فقد يتطور الموقف لمواجهات عنيفة بين الطرفين و التي قد تمتد لجميع الدول المجاورة، لأن القضية أصبحت شاملة ومصيرية ولا رجعة فيها، ولا بد أن ينتصر الشعب المنتفض الذي نرجو أن تقفوا معه لا مع الفاسدين الذين لعنهم الناس، لأن الشعب العراقي يحبكم فلا تخسروه.

وإن خسارة هذا الشعب العراقي المظلوم المهضوم حقوقه ؛ تعني خسارة كلّ شيء، و تعني خسارتكم أيضاً. و أنتم الأعلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عزيز الخزرجي

– نسخة منه إلى مكتب الولي الفقيه و قائد الثورة الأسلامية.

– نسخة منه إلى وزارة الخارجية الأسلامية في إيران.

– نسخة منه إلى الحكومة العراقية.

– نسخة منه إلى شبكة الأعلام العراقي.

– نسخة منه إلى عراق القانون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المقال ما زال منشوراً في موقع [شفقنا العراق]:

يا إيران لا تخسري الشعب العراقي!

(2) وصلت تلك الديون الآن و بعد مضي 5 سنوات من كتابة هذا المقال عام 2015م إلى ربع ترليون دولار.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here