أبناء المناطق الغربية خذلوا أبناء المناطق الجنوبية

بقلم مهدي قاسم

على عكس من مناطق العاصمة بغداد حيث امتزجت دماء أبناء
معظم أحياء بغداد المتظاهرين ــ برصافتها و كرخها على حد سواء ــ في بوتقة واحدة بتخط وطني رائع ومفرح لحواجز و حساسيات طائفية ، فمن المؤسف في مقابل ذلك أن يقف أبناء المناطق الغربية والموصل بدور المتفرج السلبي على أبناء الجنوب وهم يواجهون بصدورهم العارية رصاصات
ميليشيات الذيول الإيرانية و بلطجيات الأحزاب الفاسدة ، و كأن ما يجري ليس في العراق إنما في جزيرة هونولولو !!.

بينما لو تضامن أبناء المناطق الغربية و الموصل وقاموا
بتظاهرات تعاطف و دعم و تأييد وتضامن مع أبناء الجنوب لسجّلوا مأثرة رائعة نحو تجاوز التخندق الطائفي الضيق و المقيت نحو الرحابة الوطنية الواسعة ، و اضفوا في الوقت نفسه طابعا جماهيريا شموليا ووطنيا عاما لهذه المظاهرات والمطالب المشروعة و الضرورية التي تضمنتها
، ومارسوا من خلال ذلك ضغوطا سياسية أكبر و أشد على حكومة اللصوص الفاسدين والفاشلين في المنطقة الخضراء باتجاه الاستجابة السريعة لهذه المطالب بدلا من قمع المطالبين بها و قتلهم بالرصاصة الحية ، أو خنقهم بقنابل مسيلة للدموع ..

وفي سياق التفرج السلبي هذا لا بد من القول أو التأكيد
على أن التشدق الهزيل بالوطنية أو التنديد الشكلي بالطائفية سوف لن ينطلي على الوطنيين العراقيين بعد الآن ، ولا ذرف دموع كاذبة و زائفة على الوحدة الوطنية والأصالة العراقية ، إذ ها هي الفرصة التاريخية قد سُنحت أمام هؤلاء أو أولئك حتى يثبتوا مبادئهم الوطنية و
تخطيهم الحقيقي للتخندق الطائفي ، ليس بالأقوال فقط ، إنما بالأفعال والأعمال المتجسدة بالمشاركة الفعّالة ، و كذلك بروح التضحية إذا اقتضت الضرورة ومثلما يفعل الشاب الجنوبي الآن غير آبه للرصاصات الغادرة و القاتلة التي تُصوّب نحو جباههم و صدورهم من قبل الذيول
الإيرانية المجرمة..

أم إن هؤلاء قد تعوّدوا على أن أبناء الجنوب هم ” الأكباش
” و الأضحية المجانية و الجاهزة ، دائما و أبدا ، لتُقدم نذورا من أجل الوطن في كل عصر و دهر مثقلين بحروب ومعارك ؟:

ـــ ففي الحرب العراقية الإيرانية الطويلة الأمد ، كانوا
هم الأغلبية من جنود الجيش العراقي المقاتلين على جبهات القتال مع إيران ( و لكونهم قاتلوا الجيش الإيراني ببسالة و شجاعة فأن الأحزاب و المليشيات الموالية لإيران لم تعتبرهم شهداء !!) ، و كذلك الأمر بالنسبة لمعارك ” عاصفة الصحراء ” الفظيعة التي طحنتهم طحنا رهيبا
..

وأخيرا و ليس أخر في معارك شرسة و دامية ضد عصابات
داعش حيث قُتل منهم عشرات آلاف ، وها هم أنفسهم يواجهون رصاصات قوات الأحزاب الفاسدة والمليشيات الإيرانية وحيدين في وسط زخم رصاصات كثيفة ودخان قنابل مسيلة للدموع ….

بينما نحن نعلم أو نعتقد بأن الشراكة الوطنية لا تعني
تقسيم ثروات الوطن بين المكوّنات فقط إنما تقسيم روح التضحية من اجله أيضا ، إذا اقتضت الضرورة وارتفع نداء الواجب..

في حين أن العراق الآن في أكبر محنة في تاريخه المعاصر
، سواء على صعيد مصادرة سيادته الوطنية من قبل النظام الإيراني أو من ناحية نهب و فرهدة ثرواته من قبل عصابات لصوص جشعين جاءت بهم قوات الغزو من شوارع خلفية ، بغية تدمير ما تبقى من العراق وضياعه البطيء ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here