إنتفض …

أيها الشعب العزيز على كل فاسد ومجرم وإرهابي ، إنتفض على الذل والمهانة والهوان وقلة الحيلة ، إنتفض على سُراق قوتك وحياتك ومستقبل أبناءك ، إنتفض على ناهبي ثرواتك ممن حطموا البلد وكرامته وعزته ، وثق إن في إنتفاضتك هذه الخير كله والعز كله والكرامة كلها ، ونحن وجميع الأحرار في العالم يرآهنون على ثورتك وإنتفاضتك وعلى دمائك الزكية التي ترآق كل يوم بيد تلك الحثالة من قاطعي الطريق من المفسدين والفاسدين أعداء الشعب أعداء الكرامة .

ونحن في موقفنا هذا نحيي فيك روح البطولة والشجاعة وعدم التهاون ووضوح الرؤية والإصرار ، ونحيي فيك العزيمة التي لا تلين مهما حاول المرجفون حولها من إشاعة الفتن ، وبث روح التفرقة وصياغة الأقاويل الخداعة عنك وعن أهدافك النبيلة ، فالشعب دائما هو صاحب الحق ، وحين ينتفض هذا الشعب فإنما يكون قد وصل إلى حالة من اليأس ، في إستيفاء حقوقه عبر الطرق القانونية والدستورية المعمول بها .

لقد صبر هذا الشعب كثيراً سنيين طويلة على أمل أن تصحح أوضاعه ، أو أن يكون من بين القوم رجل أو رجال تستنهض فيهم روح الشهامة والعدل والإنصاف ، ويسترجعوا حقوق المظلومين لكن كل هذا لم يحصل بل زادت البلوى وتعاست الحال مرات ومرات حتى ضاقت الأرض بمارحبت ، ولهذا فقد شمر الشعب عن ساعديه وأتكل على الله وعلى حقه المسلوب وتصدى ووثب وهو ينادي – سلمية سلميه – ، لكن الجناة أستقبلوا هتافه السلمي هذا بالرصاص الحي وبالقنابل حتى تساقط الشهداء منهم الواحد تلو الأخر في مذبحة وجريمة يجب محاسبة كل المتورطين فيها والعاملين عليها ، ومن أية جهة أو طائفة أو مذهب كانوا ، هذه جريمة وإرهاب منظم في كل المقاييس ولا يجب فيها المغفرة أو التسامح ، فالعقاب لازم وواجب وهنا يأتي دور القضاء ليكون شجاعاً ومتصدياً

وواقفا مع المظلوم يأخذ له حقه ولو لمرة واحدة ، فالقضاء عندنا مكبل ومغلول الأيدي ولم يتخذ أمرا إلاَّ من وحي ما تطلبه وتريده الطوائف والأحزاب ، ولهذا ضاعت دماء كثيرة وحقوق متنوعة الواحدة تلو الأخرى عبر هذه السنيين المُرة ، والقضاة عندنا ليسوا مستقلين ولا أحرار إنما هم توابع لساداتهم ومواليهم ، ولهذا عجز الشعب في إسترداد حقوقه أو المطالبة فيها عبر الأطر الدستورية والقانونية .

إن تجربة شعب العراق مع هذه الديمقراطية المسخه تجربة سوداء ، قد أثرت فيه وفي روحه وجعلته شيعا وقبائل تتنازع مع بعضها البعض الأخر ، طمعاً في المكاسب والمغانم والسرقات ، وقد أثبتت تجربة الأحزاب الدينية إنها أسوء تجربة وأفسدها على الإطلاق منذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة ، ولهذا ضج الشعب من شماله لجنوبه رافضاً هذا الأحزاب جميعها دون إستثناء ، ولم يعد ممكناً التعايش أو العيش معها في ظل ما حصل من تجاوزات وجرائم وفساد غير مسبوق ، ولم تعد شعارات الأحزاب تستهوي الناس أو تنطلي عليهم ، ولم يعد التلاعب بالعواطف والمشاعر يحقق المطلوب .

لذلك آمن أبناء الشعب جميعاً بأن التغيير أصبح واجبا ، وإن إستبدال هذه الزمرة أصبح مطلبا وواجباً كذلك ، بأناس صالحين غير مدنسين وإن تطلب ذلك الكثير من المعاناة والألم والعواطف والحزن ، لأن هناك ماهو أهم في مسيرة العراق ومستقبله ، وفي هذه المناسبة ترآني أعيد التأكيد على أهمية ودور الوحدة بين أبناء الشعب والتأكيد على وحدة المصير ، إذ لا بديل عن ذلك فبه ومعه يتم الإنتصار الناجز ، ولهذا ندعوا أبناء الشعب بكل فصائلهم التخلي عن كل القوى والأحزاب التي حكمت العراق وخربته عبر هذه السنيين العجاف ، ندعوهم لوحدة الصف والكلمة والإيمان بأن الشعب غالب إذا أراد الحياة الحرة الكريمة .

راغب الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here