رائد فهمي: المطلوب تغييرات عميقة تقود الى دولة المواطنة

جوهر الأزمة يكمن في المنهج الفاشل المتبع

تحدث الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أخيرا، الى وكالة ناس، بشأن تطورات المشهد السياسي، والحركة الاحتجاجية المستمرة، لغرض تنفيذ المطالب الشعبية، وحول الاستقالة التي تقدم بها نواب الحزب من مجلس النواب.

برلمان عاجز

وقال الرفيق فهمي خلال اللقاء الذي اطلعت عليه “طريق الشعب”، إننا “شددنا بعد اندلاع الحركة الاحتجاجية مطلع الشهر الحالي، على مجلس النواب لأن يلعب دوراً بالاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة، ومن أجل ممارسة الضغوط على الحكومة للشروع في الإصلاحات وتنفيذ المشاريع”، مبيناً أن “المجلس يعجز عن استقدام ودعوة رئيس الوزراء، لغرض الاستجواب او الاستضافة بشأن القمع ضد المتظاهرين، كما فشل حتى في احضار الشخصيات الأمنية، وفشل لاحقاً في عقد اجتماعاته لمواكبة هذه التطورات والقيام بدوره”.

وتابع، ان “الحكومة باتت عاجزة عن تقديم أي مشروع يحظى بثقة المواطنين، وطالبنا بتعزيز جسور الثقة مع المواطنين بعد ان غابت كلياً، عبر استقالة الحكومة والإتيان بأخرى جديدة، وموقفنا واكب هذه التطورات التي ارتبطت بتصاعد الاحتجاجات الشعبية، وأيضا ارتبط باستمرار الحكومة والأجهزة الأمنية في ممارسة العنف”.

قرار الاستقالة

وأردف الرفيق فهمي، بخصوص الاستقالة، “نحن انطلقنا إزاء هذه التطورات من التحدي الكبير الذي واجهه مجتمعنا والاشكالية الكبرى التي واجهت بلدنا، اذ لا حظنا ان مسؤوليتنا الأساسية هي أن نتفاعل مع ما يحدث وخاصة إزاء القمع ضد المتظاهرين، والفشل في تقديم أية مبادرات سياسية، تقنع المتظاهرين وتنسجم مع حجم وجسامة المشهد والأوضاع”.

وأكد أنه تم إبلاغ “الاخوة في سائرون، وسماحة السيد مقتدى الصدر بهذا القرار، الذي هو ضمن وجهة يفترض أن تكون سائرون ليست بعيدة عنها”، معتبراً أن “قرار الاستقالة الذي صدر من الحزب الشيوعي العراقي لا يتقاطع مع الوجهة العامة التي طالبنا بها سواء في برنامج سائرون او في مواقفنا، واما القضايا الأخرى فمتروكة للأخرين بكيفية التعامل معها”، مؤكدا أن “هذا القرار كان قرار الحزب الشيوعي العراقي”.

مبادرة سياسية

ومضى الرفيق سكرتير اللجنة المركزية بالقول، أن “مطالب المتظاهرين التي تطورت، اصبحت تتطلب بعداً سياسياً ملحاً، ونحن نعتقد ان هذه الحكومة غير قادرة الان على أن تتعامل مع الأوضاع، والهوه بينها وبين المواطنين أصبحت كبيرة، فهنالك تراكم من الدم وعدد الشهداء قارب الـ 300، وبالتالي لا بد ان تكون هناك استقالة للحكومة، حيث ستكون هذه الخطوة بمثابة بداية الطريق لتشكيل حكومة جديدة بصلاحيات استثنائية تقوم بالإصلاحات الضرورية على صعيد المنظومة الانتخابية بكل عناصرها مثل قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات وقانون الاحزاب وغيرها من الأمور المتعلقة، إضافة الى مواصلة تنفيذ الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي تأتي وفقا للحاجات الملحة للمواطنين وتفتح الطريق للانتقال الى حكم بعيد عن نهج المحاصصة والطائفية السياسية”.

أزمة منهج

وتابع فهمي، “انا اعتقد أن جوهر الازمة الان هو هذا المنهج الذي ولد كل هذا الفشل والسلبيات التي نشاهدها على كل المستويات، في تعميق التفاوتات الاجتماعية التي غيبت العدالة الاجتماعية، وأدت إلى استشراء وتمكن الفساد بحيث أصبحت منظوماته اقوى من كل شيء في الدولة ومعيقة لكل تقدم. اذ نحن نعتقد ان هناك حاجة لشن حرب على الفساد كالتي حدثت ضد الإرهاب، لذلك نحن نتحدث اليوم عن فتح الطريق واجراء تغييرات عميقة في نمط الحكم، بعيداً عن نهج المحاصصة”.

واعتبر الرفيق، أن “استقالة الحكومة تؤمن التداول السلمي للسلطة، بعيداً عن هذه الاحتقانات والصراعات المتأججة، فكلما يتأخر ذلك يرتفع عدد الضحايا والشهداء، وربما تنفتح بؤر توتر جديدة. ونلاحظ في المقابل انخراط شرائح اجتماعية اكثر فاكثر في الاحتجاج وهذا شيء إيجابي، حيث هناك مساهمات لجماهير الطلبة والنقابات وفئات المجتمع بصورة عامة”، مبيناً أن “القضية لم تعد تخص شريحة معينة متضررة بشكل مباشر سواء من سكنة العشوائيات او من العاطلين عن العمل، وانما القضية اتسعت وشرائح أخرى من المجتمع تنادي وتطالب بنمط آخر في إدارة الدولة وفي الخلاص من الفساد والعجز الحكومي ومن سوء الأداء وبتغييرات عديدة وعميقة في طبيعة ماسكي السلطة والخروج بإجراءات نحو دولة المواطنة”.

وعي مجتمعي

وأشار إلى أن “هذه التظاهرات والاحتجاجات والانتفاضات تؤشر أن دولة المواطنة بدأ يفرضها المجتمع من الأسفل، حيث أن المتنفذين غير قادرين وراغبين في ان يتخذوا خطوات فعلية اتجاه دولة المواطنة”، لافتاً إلى أن “المنتفضين اليوم هم من المواطنين والمواطنات من مختلف الانتماءات والمناطق، وهم يطالبون بمطالب موحدة، مفرحة بمعنى ان المواطنة الان تنعكس وتفرض في الشارع وبالتالي اصبح المشهد السياسي متأخرا جدا والسلطة والكثير من القوى السياسية متأخرة جدا عن تحقيق ما يطالب به المواطنون”.

ما المطلوب ؟

وأكد الرفيق فهمي، أن “الاحتجاجات يفترض ان تؤدي غايتها وهي الشروع في عملية التغيير التي تفتح الباب لتحقيق كل الإصلاحات التي ننشدها على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وعلى صعيد العدالة الاجتماعية وبناء الاقتصاد الوطني المنتج وليس الريعي الذي تتحكم به منظومات فساد طفيلية تمتص دماء الشعب وتمتص الثروات”.

وأضاف، أن “تضحيات الاحتجاجات السلمية واعداد الشهداء والجرحى، لا بد أن تؤدي غايتها بالانتقال نحو دولة المواطنة والتغييرات العميقة في المنهج السياسي، وفي الأشخاص إضافة الى تغييرات على المستوى القانوني والإداري والتشريعي، ويمكن أيضاً النظر في التعديلات الدستورية ولكن في أجواء بعيدة عن الاحتقان، والتعنت الحكومي الذي يمكن أن يؤدي الى مفاقمة الأوضاع أكثر”.

وشدد الرفيق فهمي، على أن إرادة الشعب ستنتصر، كما قلنا سابقاً، ويتعزز صمودها رغم الممارسات القمعية ضدها، والان اصبحت متبناة من شباب بل من اليافعين الأصغر سناً منهم، وما يجري في الاحتجاجات، هو قوة هائلة لا يمكن كسرها بقنابل مسيلة للدموع ولا المياه الحارة ولا حتى الاطلاقات النارية، وعلى الجهات المعنية ان تعترف بهذا الواقع وان تذهب باتجاه الاستجابة لهذه المطالب وتشرع في التغييرات المطلوبة”.

تهديد الموظفين

وبخصوص التهديدات التي وجهتها الحكومة لعمداء الجامعات ومدراء المدارس المتضامنين مع التظاهرات، أعتبر الرفيق فهمي، أن هذا يحيلنا الى نفس المنطق الذي تم التعامل به مع الاحتجاجات التي تحولت الى انتفاضة، فالحركة الطلابية والطلاب في تأريخ العراق المعاصر ومنذ نشوء الدولة العراقية كانوا جزءاً مهماً من مطالب الحركة الوطنية والحركة السياسية.

ولفت إلى أن “هؤلاء الطلبة وصلوا درجة كبيرة من الوعي وأدركوا إن البلاد اليوم بحاجة الى تغيير فكيف يتم منعهم؟ واليوم نحن نبتهج بالطلاب الذين دخلوا المشهد المشتعل اجتماعيا وسياسيا بروح إيجابية وشعارات وطنية ومطالب سلمية إصلاحية مقبولة”، مستغرباً من “التلويح لهم بالعقوبات بدل أن يتم التعامل معهم بكل ترحاب والاصغاء إليهم”.

وتابع، ” في هذا الجانب يجب ان نصغي له كمطلب إضافي من شريحه مجتمعية عريضة تمتد الى كل بيت عراقي خاصة وان الطلبة موجودون في كل بيت عراقي. ما يحصل يتوجب الإصغاء له وتلبية مطالب الجماهير سواء السياسية الديمقراطية او المطالب الاقتصادية والاجتماعية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here