لا تقتلوا المسيحيين ثانية

رغم ان تغيير الدستور العراقي وتسييده تعتبر خطوة مهمة واولية لترتيب البيت العراقي واعطاء الشعب كامل حقوقه، لكنها ( حسب اعتقادي ) ليست الاهم والاساس لتهدئة الشارع العراقي الثائر ضد الفساد والطغيان، لان العلة لم تكن في الدستور الناقص والاعوج بل ان علة العلات كانت في الاشخاص الذين حكموا البلد منذ 2003، لان الدستور لم ينص على اباحة نهب اموال الدولة، ولم ينص على قتل المواطنين العزل المطالبين بحقوقهم، ولم ينص على بيع الوطن للدول الجارة، ولم ينص على تشكيل ميليشيات مسلحة تابعة لجهات خارجية، ولم ينص على حكم العصابات، ولم ينص على توزيع ثروات البلد بين بضعة شخصيات او احزاب بينما الشعب يبحث عن لقمة عيشه بين القمامة، ولم ينص ….ولم ينص…، بل ان كل نصوصه ومواده كانت واضحة، وان كان في الدستور بعض النقص والشوائب فبالامكان معالجتها وتعديلها بما يخدم الشعب ومصالحه، لكن المأساة الحقيقة تكمن في عدم تطبيق الدستور وبقاءه حبرا على الورق لان حكام العراق الجديد كانوا اول المتضررين من تطبيق الدستور والاحتكام اليه، فمثلا ( وما اكثر الامثلة ) وليس حصرا ينص الدستور على من يتولى منصبا سياديا او امنيا رفيعا التخلي عن اية جنسية اخرى مكتسبة لكن لا احد من المسؤولين وحكام العراق الجديد تخلوا عن جنسياتهم الاخرى بل احتفظوا بها وهربوا من العراق بعد نهبهم مئات المليارات دون محاكمة او محاسبة.

الاصلاح يكمن في محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين وليس انتهاج اسلوب اللف والدوران مع الشعب ببضعة خطوات تخديرية لاكمال التدمير وتقوية دعائم الفساد والمفسدين، واذا كانت الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية المسؤولة عن ما وصلت اليه الاوضاع في العراق من تدهور وانحدار عازمة ومصرة على اصلاح الوضع، وفي نفس الوقت مستعدة للاستماع لمطالب الشعب وتلبيتها، عليها البدء فورا بتقديم الفاسدين والعابثين بالدم العراقي الى القضاء ليحاكموا وينالوا جزائهم العادل على كل الجرائم التي اقترفوها ضد الشعب العراقي باكمله.

تشكيل لجنة لتعديل الدستور تلبية لمطالب المتظاهرين يعني ان البرلمان رضخ، ولو مؤقتا، لصوت الشعب ومطالبه، لكن الية تشكيلها فيها الكثير من الغبن والظلم خصوصا للمكون المسيحي الذي همش وهضمت حقوقه في الدستور الحالي، بالرغم من وجود ممثلين عنه في لجنة صياغة الدستور عام 2005 حيث كان ممثلهم حينذاك يونادم كنا والذي اختير ثانية!!! ليكون عضوا في لجنة تعديل الدستور.

ما يهم المسيحيين ويمس مستقبلهم في مسألة تعديل الدستور ليس الاسم المسيحي! الذي اختير لتجميل اللجنة، بل من الذي يستطيع تمثيلهم حقيقيا في هذه اللجنة ليحفظ حقوقهم ويصون كرامتهم في الدستور الذي يعتبر القانون الاعلى والاسمى وينظم الحقوق والواجبات للافراد والجماعات، فاذا كان السيد! يونادم كنا قد اخفق في تثبيت حقوق المسيحيين عام 2005 ووافق على كل النصوص المجحفة والمنتقصة من انتمائنا ومعتقداتنا فكيف سيستطيع تثبيتها هذه المرة؟ ام ان التمثيل هو للتباهي فقط؟

اذا كان البرلمان ورئيسه وكل المتحكمين بزمام امور الحكم في العراق يريدون تمثيل حقيقي للمسيحيين في لجنة تعديل الدستور فعليهم اختيار الشخص المناسب ليكون تمثيل هذا المكون حقيقيا ، لان المكون المسيحي ليس بعاقر ليتم تمثيله من شخص لا يمثل سوى نفسه ومصالحه اثبت عجزه وجهله بالامور الدستورية والقانونية!.

همسة:- لا تقتلوا المسيحيين ثانية بتمثيل اسمي!.

كوهر يوحنان عوديش

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here