«ليو 50».. ملك الركلات السحرية بـ«النظرية الفيزيائية»!

ميسي

محمد حامد (الشارقة)

إذا اجتمع العلم مع الموهبة، فالمحصلة تصبح «أقرب إلى الكمال»، وأكثر قرباً من الإبهار، وهو مزيح لا يحظى به سوى القلائل في كل مجال، وينطبق هذا الأمر برمته على ما يفعله ليونيل ميسي، نجم «البارسا» ومنتخب الأرجنتين، في تنفيذ الركلات الحرة المباشرة، والتي رفع رصيده التهديفي منها إلى 50 هدفاً، منها 44 مع برشلونة، و6 مع منتخب «التانجو»، وذلك بعد أن قاد فريقه للفوز على بلد الوليد بخماسية لهدف في المرحلة الـ 11 للدوري الإسباني، صانعاً ثنائية، ومسجلاً مثلها، منها ركلة حرة مباشرة سحرية، في مشهد أصبح معتاداً في السنوات الأخيرة.
ما يميز ميسي، الذي لا يجيد التهديف بالرأس نظراً لقصر قامته، وعدم تمركزه في الأماكن التي يسجل منها أهدافاً بالرأس لأسباب تكتيكية، أنه يعمل ليل نهار على تطوير مهاراته الأخرى، ومنها تسديد الركلات الحرة المباشرة، والتي أصبحت أقرب ما تكون إلى ركلات الجزاء، ويكفي دليلاً على ذلك شعور المنافسين بالخوف والغضب العارم في كل مرة يتم خلالها احتساب ركلة حرة لـ «البارسا» بالقرب من منطقة الجزاء، أو حتى بعيداً عنها، حيث يتولد لدى المنافسين الشعور بأن الركلة الحرة سوف تتحول بنسبة كبيرة لهدف بقدم سحرية يملكها ميسي.
50 هدفاً من الركلات الحرة في مسيرة ميسي الكروية، تثير التساؤلات التي كانت موضع إجابة لدراسة علمية لقسم الفيزياء بجامعة برشلونة، حيث كان يجب تفسير الأمر بطريقة علمية، بعيداً عن الاعتراف بموهبة ميسي الخارقة، فقد ارتفع معدله التهديفي من هذه الأهداف بصورة لم يعد ممكناً معها التسليم بأن الموهبة والتدريب المكثف يكفيان لجعله يسجل بهذا المعدل الكبير، والذي جعله يرفع رصيده إلى 16 هدفاً من هذه الركلات منذ بداية موسم 2016 – 2017، والذي يتفوق به على جميع المنافسين في دوريات أوروبا الخمسة الكبرى، بفارق 10 ركلات عن أقرب المنافسين، وهم كولاروف، وديبالا، وفقير، وباردي، ولكل منهم 6 أهداف من ركلات حرة مباشرة في نفس الفترة التي شهدت تسجيل ليو 16 هدفاً.
رقمياً أيضاً، يتفوق ليو في آخر 5 مواسم على جميع الأندية الأوروبية، فقد سجل 20 هدفاً من الركلات الحرة المباشرة في آخر 5 مواسم، فيما سجل اليوفي 15 هدفاً، ورونا 13 هدفاً، ومثلها كل من باريس سان جيرمان وليون، وهناك عدد كبير من الإحصائيات التي تؤكد تفوق ميسي بفارق كبير عن أقرب المنافسين سواء أندية أو لاعبين، إلا أن رونالدو الذي بدأ مسيرته في الملاعب قبل ميسي بـ 740 يوماً، جعلته يتفوق عليه بفارق 4 أهداف من الركلات الحرة، والتي يبلغ عددها 54 ركلة للبرتغالي، و50 للأرجنتيني.
بالعودة إلى الدراسة العلمية التي قامت بها جامعة برشلونة، فإن ميسي يعتمد في تنفيذ الركلات الحرة على نظرية علمية، تعرف باسم «نظرية ماغنوس» الفيزيائية، والتي اكتشفها الفيزيائي الألماني جوستاف ماغنوس، وهي تفسر حركة انحراف كرة القدم بصورة قوسية، أو انحراف كرة التنس عندما يتم ضربها بصورة خلفية، والكثير من التطبيقات تقوم على هذه النظرية، منها الأسطوانات الدوارة الموجودة في بعض السفن، والتي تعطي دفعاً إضافياً للسفينة، وأيضاً الأسطوانات الدوارة الموجودة في بعض طائرات الأبحاث التي تطير اعتماداً على دوران هذه الأسطوانات بشكل خلفي معاكس، وذلك وفقاً لما ذكرته المراجع والمصادر العالمية، ومنها ويكيبيديا.
وبتطبيق النظرية على ميسي، فإنه يستخدم نظرية ماغنوس ليركل الكرة بالضغط على الجزء السفلي منها، مما يجعلها تدور بطريقة معينة وقوة بعينها، وفي كثير من الحالات يحدث تغير حاد في مسارها، ليس على مستوى الاتجاه المباشر الذي تسير فيه فحسب، بل بالنظر إلى ارتفاعها فوق الحائط البشري بصورة كبيرة، مما يوحي بأنها سوف تستكمل مسارها إلى خارج الملعب، ولكنها تهبط بصورة مفاجئة بعد تجاوزها الحائط لتسكن مرمى المنافسين وسط ذهول المشاهدين، وقام ميسي في السنوات الأخيرة بتغيير التكنيك الذي يسدد به الركلات الحرة، فقد أصبح أكثر إصراراً على تثبيت قدمه اليمنى على الأرض بصورة كاملة، بدلاً من تركها تنحرف كما كان يفعل سابقاً، وهو الأمر الذي يمنحه مزيداً من التوازن في الارتكاز على القدم اليمنى، ويجعله أكثر دقة في التصويب.
وامتدح إرنستو فالفيردي، المدير الفني لـ «البارسا»، نجم فريقه ميسي وبالطريقة ذاتها التي كان يتحدث بها جوارديولا وغيره ممن تولوا تدريب ليو في السنوات الأخيرة، حيث يؤكد كل منهم أنه لا يجد الكلمات التي تكفي لوصف موهبة وقدرات ميسي، وأكمل فالفيردي: «ميسي يرى ما لا نراه، كلما أمسك بالكرة عليك أن تتوقع حدثاً سعيداً لـ «البارسا»، ومشكلة كبيرة للفريق المنافس، لا أجد الكلمات التي تكفي للتعبير عن موهبته، الأمر لا يتعلق بحركة واحدة منه تجعل المنافس يفقد الاتزان، بل برؤيته الخاصة لكل شيء، أعتقد أنه يرى ما لا نراه نحن».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here