لو كان يزيد ” شيعيا ” فهل يدينه ساسة إسلاميون شيعة ؟

بقلم مهدي قاسم

السرديات والمرويات الحسينية الفجائعية تروي لنا و تقول
إن الإمام الحسين لم ينتفض ضد يزيد إلا بسبب الفساد و لكن بالدرجة الأولى من أجل الإصلاح ، وإذا لم الأمر يكن كذلك ، فمعنى ذلك أنه لم يتمرد على يزيد إلا بدافع الحصول على السلطة .

إلا أننا نفضّل أن نبقى عند السردية الأولى ، كواقعة
تاريخية لا يطالها أي شك أو ريب ، بمعنى : أن الإمام الحسين قد انتفض ثائرا على يزيد ، بعدما ضاق ذرعا بفساده و ظلمه المنتشرين على نطاق واسع حينذاك ، مبتغيا الإصلاح الجذري ، بأي ثمن كان ، بإصرار لا يلين ، بعزم لا تراجع فيه ، حتى ولو بالتضحية المؤلمة و المفجعة
بنفسه و كذلك بأفراد عائلته و أقربائه ، بل التضحية حتى بالصغار و الرضع منهم !..

و كمقاربة بين ثورة الإمام الحسين ضد الفساد و من أجل
الإصلاح( أو على الأقل وفقا للساسة الشيعة أنفسهم ) وبين الانتفاضة التشيرينية الحالية التي يقودها شباب شيعة بالدرجة الأولى ، و التي تنحو في حقيقة الأمر و الواقع نفس المنحى الحسيني ، أي أنها انتفاضة شعبية واسعة و عارمة ، بل إنها أقرب إلى ثورة ضد فساد و مفسدي
المنطقة الخضراء ، و في نفس الوقت من أجل إصلاح الأوضاع الأحوال و تحسين أمور و شؤون البلاد و العباد ، من خلال رفع الظلم و الطغيان و إحقاق الحق بالعدل والقسطاط ، طبعا مع فارق واحد إلا وهو : كان في ذلك الزمان يوجد حاكم فاسد و ظالم واحد اسمه يزيد ، بينما في زماننا
الحالي هذا يوجد عشرات من نسخة يزيدية بنفس الفساد و الظلم وفي غالبيتهم من الساسة الإسلاميين الشيعة العراقيين المهيمنين على مقاليد السلطة و الحكم ، والذين لم يكتفوا بأن سرقوا لقمة خبز” أبناء جلدتهم ” ونقود دوائهم ، بل تساوموا على دمائهم ، و تركهم عرضة لعمليات
إرهابية لسنوات طويلة جدا ، كل ذلك من أجل التمتع بالمناصب والمغانم ، وها هم يطلقون عليهم الآن الذخيرة الحية و القنابل الحارقة و الخارقة للرؤوس ويقتلونهم بالعشرات بدم بارد ، لا لذنب ارتكبوه ، وإنما كل ما فعلوه هو المطالبة بالخبز والعمل والماء الصالح للشرب ،
أسوة بباقي البشر في جميع أنحاء المعمورة ، وكذلك السعي المشروع لإزاحة الفاسدين ومقاضاتهم بسبب فسادهم الفاحش ، تماما ، مثلما أراد و سعى الإمام الحسين في انتفاضته الملحمية ضد طغيان يزيد و فساده الفاحش ..

ولكن مع ذلك أصر أمثال يزيدي هذا العصر من ساسة إسلاميين
شيعة على أن يطلقوا الرصاص الحي الغادر و القاتل على أتباع الحسين من شباب الجنوب الغضين و يقتلونهم بالعشرات ، و يجرحونهم بآلاف مؤلفة ، مثلما ارتكب عسكر يزيد من مجازر شنيعة و رهيبة ضد الإمام الحسين وباقي أهل بيته الذين كانوا في صحبته ..

و هذا يعني أن السلطة أهم من العقيدة عند هؤلاء الإسلاميين
الشيعة ، مثلما كانت السلطة أهم بكثير من العقيدة الإسلامية عند يزيد .

فمن هنا يقيننا المطلق بأن يزيدا لو كان حاكما فاسدا و
ظالما وهو محسوب على الإسلاميين الشيعة ، وثار عليه الإمام الحسين لما كانوا سيدينونه أو يعملون من فجيعة كربلاء استذكارات سنوية من مجالس عزاء و لطم و نحيب حتى الآن ، لأن هؤلاء الساسة قد أثبتوا أن السلطة عندهم أهم من كل شيء ، حتى من العقيدة الدينية و المذهبية
، مثلما كان الأمر كذلك عند يزيد .

ففي نهاية الأمر : لا يوجد ثمة فارق كبير بين يزيد ذلك
الزمان و بين يزيديي هذا الزمان من إسلاميين شيعة ، اللهم سوى اختلاف مذهبي شكلي فحسب ، من حيث كليهما استخدم الدين أو المذهب وسيلة و سلما نحو السلطة والامتيازات و قتلا بقسوة كل من وقف في وجوههم رفضا أو اعتراضا ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here