الردود على النار من غزة مسرح العبث

يديعوت 4/11/2019

بقلم: ميراف بطيطو

لم يستكمل بعد رفع الحساب لرجال حماس ومساعديهم على الصواريخ العشرة التي أطلقت مساء السبت الماضي، فالسكان الفزعون لم يتمكنوا من إعادة أبنائهم إلى الحياة العادية، والجنود يعودون بسلام إلى قواعدهم، والأمهات يتنفسن الصعداء مرة أخرى. ولكن ليس من السابق لأوانه القول بيقين تام إن الضربة التالية هي مسألة وقت. فالأخيرة كانت في 11 أيلول، والتي سبقتها كانت في 25 آب، أما باقي المواعيد التي بادرت فيها حماس إلى نقاش في إسرائيل عن الوضع في غزة من خلال إطلاق الصواريخ فيمكنكم أن تجدوها في مواقع الأخبار المختلفة. هناك، في التقارير التي بعد “ضربة الصواريخ التي انتهت بلا إصابات في الأرواح”، ستلاحظون بسهولة نمطاً ثابتاً بدايته رد مناسب من جانب الجيش الإسرائيلي، أو بلغة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قال أمس: “كان بوسعكم أن تتأثروا من شدة الهجوم”. بعد ذلك تظهر تقارير صحافية من الميدان ومقابلات مع أحد سكان سديروت ممن أصيب بيته بالشظايا، فيروي مشاعره أو بكلمات البرت أبو حصيرة، من سكان سديروت، الذي قال أمس بعد إصابة بيته وسيارته بشدة جراء الشظايا: “ماذا، أنحن مواطنون من الدرجة الثانية؟ نعيش قلقاً دائماً، وكل ما يقولونه لنا هو أن الكابنت سينعقد”.

في الغالب ستنشر دعوة رئيس بلدية سديروت ورئيس الوزراء ووزرائه لأن يحلوا مرة واحدة وإلى الأبد أزمة السكان المتواصلة، أو كما قال مع خروج السبت: “نعيش في هذا الواقع من عادة الطوارئ قرابة سنتين، ومنذ زمن بعيد، حان الوقت لوضع حد لذلك، من خلال حملة عسكرية واسعة في القطاع بما في ذلك تصفية زعماء حماس”.

ومثلما في مسرحية الهواة التي تكون مرة كل شهرين في موعد غير ثابت، يكرر الممثلون الرئيسون كلماتهم المحبوبة. هم يعرفون أن ليس بوسع مداولات الكابنت أن تعيد الحياة في الجنوب إلى مجراها الطبيعي، وأنه لا توجد حلول عسكرية. هم يفهمون بأن تغريدة النائب جدعون ساعر الذي كتب يقول: “كان يجب أن يكون الرد أكثر حدة”، هو سطر آخر في المسرحية. إن الذي حاز فرصة الوقوف على المسرح الجماهيري، من المنطقي أن يستغله بحكمة ويختار بعناية المواضيع التي يهاجم بها رئيس الوزراء.

إلى أن تتبدل العناوين الرئيسة وتتبدد الجلبة، سيتمكنون من استخدام الكلمات التي فيها أثر تهدئة: “عمق الحملة”، “تصفية قادة حماس” و”تفكيك البنى التحتية” سيملأون بها الملفات على

الرفوف العالية، سيلغون باستخفاف احتمال العلاقات في المستقبل، وسيكثرون من القول إنه “لا شريك في الجانب الآخر”. وفي غضون يوم أو يومين سيعودون إلى شؤونهم المعتادة حتى المرة التالية التي يدعون فيها إلى العرض مرة أخرى.

في هذه الأثناء تتواصل المسرحية دون عراقيل. ومن خلف الكواليس يعزف نتنياهو برقة على أوتار الأمن للنائب نفتالي بينيت. هذه هي المرة الأولى منذ دخل السياسة يتخلى فيها عن دوره الدائم في مشهد صواريخ غزة. فهو يدرب صوته وينزل إلى نبرات رسمية مع تنوع عميق من المسؤولية الوطنية، يقيس بعيداً عن عيون الجمهور بدلة الوزير، ويتكيف مرة أخرى مع الاقتراب من المخرج الرئيس. يؤدي بينيت دورن الجديد بشكل كامل، وإلى أن يصل إلى الكرسي المنشود تجده ملزماً بأن يلتصق بالتعليمات الدقيقة التي تلقاها، ليس له رغبة في أن يعود إلى عادته القديمة كممثل مبتدئ، إلى الفترة التي لم يكن أحد يدخل له فيها الكلمات إلى الفم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here