بعض الزعماء الكورد العراقيين ينظرون إلى العراق مجرد أسلاب فحسب !!

بقلم مهدي قاسم

تأييد زعماء الأسرة البارزانية المتحكمة في الإقليم ، لعادل
المعدّس الأرجنتيني ، في أوج التظاهرات الشعبية العارمة والمطاِلبة برحيل هذه الحكومة الكسيحة والفاشلة بكل المقاييس ، مع اعتراضهم على تغيير مواد الدستور، فكل هذا لم يأت من منظور وطني حريص ـــ مثلما قد يُخيل لبعض من ذوي نوايا حسنة ـــ بقدر ما هو موقف سياسي ثابت
على مر العقود ، ونابع من رؤية قومية وفئوية أنانية ضيقة تُعد العراق مجرد أسلاب فحسب ، كلما سنُحت الفرصة لانتزاع ما يمكن انتزاعه من هذه الأسلاب فيفعلون ذلك بشهية أكبر ، وبدون تأدية أو قيام بأية التزامات أو واجبات مقابل ذلك ، ومن ثم انتظار الفرصة المناسبة للفراق
انفصالا ، لذا و انطلاقا من اعتقادي أو تصوري هذا فقد كتبتُ مرارا و تكرارا داعيا إلى ترك الإقليم لينفصل عن العراق وتكوين دولتهم أو ” إمبراطيتهم البارزانية ــ الطالبانية ” بين الجارتين الحميمتين إيران و تركيا !!..

و قد بررت موقفي المؤيد للانفصال انطلاقا من اعتقادي الراسخ
بأن غالبية الكورد ” العراقيين ” زعماء و قادة وحتى أفرادا عاديين لا يعدون أنفسهم مواطنين عراقيين و لا يعتبرون الإقليم ضمن سيادة عراقية ، إنما ينظرون إلى وجودهم الراهن ضمن السيادة العراقية أشبه بزواج إكراه على أسس إجبار لا أكثر ، دون أن يهمهم ما يحدث في باقي
المحافظات العراقية من أحداث وتطورات سياسية أو اجتماعية عاصفة ، على أساس أنهم ليسوا بعراقيين و بالتالي لا يهمهم ما يحدث أو سيحدث من أمر لا من قريب ولا من بعيد !!..

إذن فما فائدة بقائهم ضمن السيادة الدولة العراقية رغما
على إرادتهم و رغبتهم ، سيما لا يوجد أي نفع لا اقتصادي و لا فكري و لا بشري للدولة العراقية من جراء هذا البقاء ، بقدر ما شكّلوا و يشكّلون ضغطا سياسيا على السلطة و عبئا ماليا على الميزانية العامة في بعض الأوقات ، في الوقت الذي لا هم ضمن السيادة العراقية ولا
خارجها ، من خلال تقديم مطالب سياسية ومالية وإدارية لا لها أول و لا آخر ولكن دون أن يعطوا أي شيء مقابل ذلك حتى الآن مثل السماح للمفتشين الاتحاديين في نظر إلى نفقات الإقليم الإدارية و الحدودية الكمرية و الحزبية الحاكمة أو تسليم واردات النفط مقابل إطلاق الرواتب
والمخصصات الاتحادية لمواطني الإقليم ، أو تواجد القوات الأمنية والاتحادية داخل الإقليم ..

لا شيء من هذا القبيل ، إنما و فقط مظلوميات و شكاوى واحدة
تلو أخرى و مطالب ومطالب ومطالب سياسية و مالية إلى ما لانهاية ..

لقد كان الإقليم ومنذ عقود طويلة جرحا نازفا و غائرا ،
سواء بشريا أو ماديا أم معنويا ونفسيا ، طبعا ، لكلا الطرفين ، ولكن دون خروج بنتيجة نهائية وحاسمة ، و سيبقى هكذا بسبب عدم حسم هذا الوضع بشكل نهائي ، أي حسم نهائي و كلي على نحو :

ــ أما انفصال الإقليم كدولة مستقلة أو البقاء الفعلي
ضمن السيادة العراقية مع الخضوع الكلي لكل القواعد و الأنظمة والقوانين الاتحادية المعمولة بها حاليا ..

و يبقى أن نقول إن “الخطوات السيادية ” التي قام بها حيدر
العبادي سابقا في بعض المناطق الشمالية ، (ولا سيما فرض السيادة الاتحادية في كركوك ) و التي تُسمى ب”المتنازعة عليها “!!، قد دفعت بعض المغرورين والمتعصبين من زعماء الكورد إلى أن يصحوا و يتواضعوا بعض الشيء ، مقللين من غلوهم و طاووسيتهم المنتفخة و المفرطة بعدما
أصبحوا على بينة من حقيقة حجمهم ووضعهم و انعدام الدعم الدولي على صعيد خطة انفصالهم ، ولكن ما أن جاء ” عادل أبو العدس ” الأرجنتيني ” رئيسا للحكومة العراقية الحالية و بحكم علاقة الصداقة القوية والحميمية بينه وبين هؤلاء الزعماء سيما مع مسعود البارزاني وربما ــ
حسب البعض ــ علاقة النسابة أيضا ــ حتى أُفسد الوضع مجددا ، وهو يتقهقر نحو ما كان عليه سابقا ، أي على نحو حليمة عادت إلى عادتها القديمة ، لهذا وبقدر ما بات حيدر العبادي شيطانا أكبر في عيون هؤلاء الزعماء و بعض الأفراد ، فأن عادل عبد المهدي يعتبر الآن ملاك أجمل
و أعظم هناك بالنسبة لهم !!..

فكل ما نتمناه للأخوة الكورد العراقيين هو الموافقية في
الانفصال السريع و تأسيس دولتهم القومية الآن و ليس غدا !!..

هامش ذات صلة :

نيجيرفان بارزاني يقرُّ بـ”خطأ سيكولوجي”
لإقليم كوردستان ازاء بغداد
وصف رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني يوم الثلاثاء اللامبالاة التي كان
يبديها الاقليم في السنوات السابقة ازاء الاوضاع في العاصمة الاتحادية بغداد بـ”الخطأ”.

وقال بارزاني في كلمة له خلال ملتقى “ميرا” الذي عقد في اربيل “نحن ما دمنا
نعيش في خارطة اسمها العراق فان اي وضع يحدث في باقي اجزائه ينعكس على اقليم كوردستان”.

واضاف ان “المشكلة اننا لسنوات عدة لم يكن هناك في سيكولوجيتنا وجود لبغداد،
ولم تكن مهمة بالنسبة وكيف هي الاوضاع فيها جيدة سيئة”؟، مردفا بالقول “برأيي كان هذا خطأ فبغداد وبأي شكل من الاشكال لها شرعيتها الدولية ولديها مؤسساتها، وممثلون عن الامم المتحدة، ونحن في اقليم كوردستان كنا باستمرار بحاجة الى تلك الشرعية والاستفادة منها نقلا
عن صحيفة صوت العراق )”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here