العراق.. هل لمرجعية النجف سلطة على “أصحاب البنادق”؟

محتجون عراقيون يواجهون الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع منذ الأول من أكتوبر

محتجون عراقيون يواجهون الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع منذ الأول من أكتوبر

يترقب العراقيون في كل جمعة ما يصدر عن المرجعية الدينية في النجف من مواقف بشأن الأحداث التي تعصف في البلاد وموقفها من الاحتجاجات المتواصلة منذ الأول من أكتوبر الماضي.

وقتل أكثر من 280 شخصا وأصيب مئات اخرون نتيجة القمع الذي مارسته السلطات العراقية تجاه الاحتجاجات بعد أن عمدت قوات الأمن على إطلاق الرصاص الحي لفض المظاهرات فور اندلاعها تقريبا.

ويرى مراقبون وناشطون أن مستوى تعامل السلطات مع الاحتجاجات يعتمد بشكل أو بآخر على ما تقوله المرجعية الدينية في النجف، ففي حالت كان موقفها حازما يقل العنف والعكس صحيح.

وخلال خطبة هذه الجمعة دعا المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني إلى عدم “المماطلة والتسويف” والاستجابة الى “مطالب المواطنين وفق خارطة طريق يتفق عليها، تنفّذ في مدة زمنية محددة”.

وقال السيستاني، الذي يتحدث في الشأن السياسي في أوقات الأزمات وكلماته مؤثرة في الرأي العام بالعراق ذي الأغلبية الشيعية، إن قوات الأمن مسؤولة عن أي تصعيد في العنف وحث الحكومة على الاستجابة لمطالب المحتجين في أسرع وقت.

ويطالب المحتجون، ومعظمهم من الشباب العاطل عن العمل، بإصلاحات في النظام السياسي والنخبة الحاكمة التي تهيمن على مؤسسات الدولة منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي هيوا عثمان في حديث لموقع الحرة إن “خطبة المرجعية حاولت أن تمسك العصى من الوسط بعض الشيء، لكنها مع ذلك مالت قليلا هذه المرة إلى صف المحتجين”.

ويستشهد عثمان على رأيه هذا بقضايا أساسية ذكرت في خطبة الجمعة “وخاصة ما يتعلق منها بحماية المتظاهرين وعدم استخدام العنف ضدهم ومسؤولية حماية التظاهرات”.

وخلال الأسبوع الماضي تصاعدت حدة العنف الممارس ضد المحتجين في بغداد ومحافظات جنوبية كالبصرة وذي قار وكربلاء وتسببت بمقتل العشرات وإصابة آخرين، كما شهدت تصاعدا في حدة الغضب تجاه نفوذ إيران في العراق.

واندلعت ليل الأحد أعمال عنف في كربلاء المقدسة لدى الشيعة، عندما حاول متظاهرون حرق مبنى القنصلية الإيرانية ورفعوا الأعلام العراقية على الجدار الخرساني الذي يحيط بالمبنى وكتبوا عليه “كربلاء حرة حرة..إيران برة برة”، فيما ألقى آخرون أمام أنظار قوات الشرطة الحجارة على المبنى.

وأطلقت قوات الأمن المسؤولة عن حماية المبنى الرصاص الحي تجاه المتظاهرين، ما أدى إلى مقتل أربعة محتجين.

ويتهم جزء كبير من الشارع العراقي إيران بأنها مهندسة النظام السياسي الذي يعتبرونه فاسداً ويطالبون بإسقاطه.

ويعزو عثمان سبب ازدياد العنف تجاه المتظاهرين في الأسبوع الماضي إلى تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين ومن بينهم المرشد الأعلى علي خامنئي والتي شككوا خلالها بالاحتجاجات وقالوا إن جهات خارجية تقف ورائها.

وقال عثمان إن من يمارسون العنف ضد المتظاهرين هم “أصحاب البنادق، وهؤلاء لا يعترفون بمرجعية السيستاني كما إنهم لا يحترمون الدولة ومؤسساتها وحقوق المواطنين”.

ويوضح عثمان أن “أصحاب البنادق هم الجهات التي تستخدم القناصة والغاز المسيل للدموع لقتل المتظاهرين ومرجعيتهم الدينية في قم وطهران وليس في النجف”.

يشار إلى أن غضب المحتجين ضد ايران تصاعد مؤخرا بعد الزيارات المتكررة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني للعراق، وتصريحات المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي عن وجود “مخططات من الأعداء لإثارة الفوضى وتقويض الأمن في بعض دول المنطقة”.

وكان السيستاني أبدى الجمعة الماضية رفضه أن يقوم “طرف إقليمي أو دولي” بـ”فرض رأيه” على المتظاهرين في العراق، فيما بدا أنه كان إشارة إلى كلام خامنئي.

ويختتم هيوا عثمان بالقول “إن موقف المرجعية الدينية تجاه ما يجري كان أقوى في الأسبوع الماضي وبالتالي، علينا أن نرى كيف ستتصرف السلطة وأصحاب البنادق إزاء تصاعد زخم التظاهرات لنرى ماذا يمكن أن تقول النجف الجمعة المقبلة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here