بيان لعدد من اهل العلم والفضيلة وطلبة الحوزة العلمية عن الموقف الشرعي والوطني من هذه الاحداث

بيان

بسم الله الرحمن الرحيم

( قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ )

مع صعوبة المرحلة وتوالي الأحداث التي يمر بها عراقنا الحبيب، عقد عدد من أهل العلم والفضيلة من أئمة المساجد وطلبة الحوزة العلمية الشريفة لقاءات متكررة بهدف الوصول الى رؤية تعبّر عن الموقف الشرعي والوطني من هذه الاحداث الهامة.

وقد تم الاتفاق على بيان ختامي تضمن رؤية لهذه المنظر، وقد تلا الشيخ عز الدين البغدادي عضو التجمع البيان التالي:

(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

بعد مسيرة اكثر من ست عشرة سنة من الفساد المستمر وغير المسبوق، وبعد مشروع تدمير الدولة الذي قامت به أحزاب السلطة التي لم تكن غير أدوات لقادتها لاستنزاف وسرقة أموال الشعب، وبعد أن وصلت الأمور الى درجة لا يمكن تداركها، حتى أصحب العراق حالة شاذة بين الدول، متأخرا في كل شيء إلا الفساد والإرهاب. وبعد عجز المنظومة السياسية عن تقديم اي شيء يمكن ان يعطي للمواطن أملا ولو محدودا أو موهوما بمستقبل أفضل، وبعد ما أصاب العراق من دمار في البنية الاجتماعية للشعب والبنية التحتية للدولة، كان من الطبيعي بعد كل هذا أن يحدث هذا التحرك الجماهيري للمطالبة بتصحيح الأمور ووضعها في سياقها بعد أن يئس الشعب من أي عمل تقوم به احزاب هذه العملية السياسية لتصحيح مسارها من داخلها. وبعد أن أدرك الشعب بأنّ الحل لن يكون إلا بتغيير المنظومة السياسية ككل.
لذا فإننا والتزاما بالموقف الشرعي وعملا بالواجب الوطني ودعما لأبناءنا المتظاهرين وتعبيرا عن آلام الشعب وآماله فإننا نتقدم بهذه الاعلان، والذي يتضمن المطالب الآتية:
1- استقالة الحكومة الحالية، وإعلان حكومة طوارئ تحت شرعية إرادة الشعب وتشكيل لجنة قانونية لتعديل الدستور بما يراعي كل الإشكاليات المسجلة عليه وبما يضمن قوة الدولة وحماية حقوق المواطن.
2- القبض على كل الاشخاص الذين مارسوا العنف ضد المتظاهرين، ومحاكمتهم وايقاع العقوبة القانونية التي يستحقونها.

3- تجميد عمل كل الأحزاب التي ساهمت بايصال البلد إلى هذه الحال، وعدم السماح لها بممارسة أي نشاط سياسي وتجميد أرصدتها وغلق مكاتبها حتى الانتهاء من التحقيقات من نشاطاتهم الاقتصادية وغيرها، والكشف عن ارتباطاتهم ومصادر تمويلهم.

4- تحويل نظام الحكم إلى رئاسي، وينتحب رئيس الجمهورية من قبل الشعب بصورة مباشرة وفق قانون انتخابي جديد.

5- حل مجالس المحافظات، والغاء القوانين المنظّمة لها، وحل المجالس المحلية مع إلغاء كافة الإمتيازات والرواتب التقاعدية الممنوحة لهم.

6- الغاء قانون انتخابات مجلس النواب المعدل وحلّ مجلس النواب وإلغاء كافة امتيازاتهم، والعمل على وضع قانون جديد لبرلمان يعمل تحت سلطة القانون ووحدة الدولة. مع حل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والغاء قانون المفوضية، والتحقيق في اتهامات التزوير التي حصلت في الانتخابات السابقة.

7- الغاء هيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العامين وغلق مكاتبها في كل المحافظات لكونها صارت جزء من منظومة الفساد تتستر على الفاسدين وتغطي عليهم.

8- الغاء امتيازات السجناء السياسيين ورواتب رفحاء والغاء كافة الامتيازات لموظفي الدرجة الأولى بعد عام 2003.

9- تعديل سلّم الرواتب بما يقلّل الفروق ويحقق العدالة، وتخفيض رواتب الدرجات الخاصة.

10- الغاء الوظائف الخاصة الزائدة من نواب رئيس الجمهورية إلى المستشارين وغيرهم من الوظائف التي استحدثت بهدف توزيع المغانم وتضييع ثروات الشعب.

11- ايقاف بيع العملة في البنك المركزي وضبط عمل المصارف الأخرى التي ملأت البلد وايقاف جرائمها الاقتصادية التي استنزفت الكثير من أموال الشعب.

12- تطهير القضاء من الشخصيات المشبوهة والانتهازية والمرتبطة بالنظام السياسي الفاسد، ودعم وتعيين الشخصيات النزيهة الوطنية البعيدة عن الاحزاب والطائفية في هذا السلك المهم.

13- تشكيل محكمة خاصة مستقلة من قضاة نزيهين، للبت بملفات الفساد والتحقيق بثروات المسؤولين، والاستعانة بخبراء للعمل على استرجاعها.

14- حصر السلاح بيد الدولة وخضوع اجهزتها الأمنية لسلطة القائد العام بشكل فعلي وواقعي.

15- دمج الوقفين الشيعي والسني والهيئات الدينية في وزارة واحدة والغاء الدوائر الزائدة فيهما وكشف الفساد الهائل الذي حصل في الديوانين منذ 2003، ووضع العتبات الشريفة تحت سلطة الدولة الادارية والرقابة المالية.

16- فرض هيبة الدولة ووضع حد للنزاعات العشائرية، والقيام بحملة رادعة لضرب عصابات الجريمة المنظمة وعصابات المخدرات، والعصابات المحليّة في الأقضية والنواحي والأحياء، وعصابات الأراضي، ومنع رفع صور الشخصيات السياسية والدينية في الإماكن العامة.

17- الغاء المحاصصة واعتبار المواطنة هي الهوية المعرِّفة لكل فرد من أبناء الشعب والغاء أي اعتبار يؤدي إلى التمييز بين المواطنين على أساس الهوية الدينية أو القومية، واصدار قانون يجرم الطائفيّة.

18- وضع خطة عمل للتنمية ومعالجات الأزمات الخانقة لا سيما مشكلة السكن وأزمة الماء والكهرباء بالاعتماد على متخصصين أكفاء يعملون تحت سقف زمني محدد.

19- إعادة تشغيل جميع المصانع المعطلة ودعمها، والعمل بسرعة للنهوض بالثروة الزراعية والحيوانية وعدم الاعتماد على النفط فقط.

20- العمل بسرعة على بناء قواعد الدولة بأركانها: وهي التعليم والصحة والقضاء والدفاع، ووضع خطة تنموية محدة النتائح وبسقف زمن محدد.

اننا نوجه كلامنا لأبناء شعبنا الأبي الصابر الثائر ونقول لهم إن الوضع الدولي الآن في داخل البلد وفي خارجه في صالح تحرككم، استمروا بمظاهراتكم السلمية الواعية، (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) حافظوا على دوائر الدولة وأملاكها العامة فهي أملاككم، وحافظوا ثم حافظوا على سلميّة مظاهراتكم.
كما نتقدم بالشكر لكل المرجعيات الدينية على موقفها من دعم مطالب المتظاهرين ورفض استعمال العنف ووضع النقاط على الحروف، ونحن نعلم بأنه لن يرضيهم ما حدث ويحدث من استهتار وسرقات بحق أموال هذا الشعب المسكين، وما حصل من دمار اجتماعي ونفسي وأخلاقي للمجتمع، وما حصل من استعمال مفرط للقوة تجاه شباب عزّل يطالبون بأقل من حقوقهم، لاسيّما وأن هؤلاء هم الذين لبوا نداء المرجعية وساروا الى الموت مطمنئين واثقين دفاعا عن حياض وطنهم وطاعة لمرجعيتهم.
يا أبناء عشائرنا الكريمة في كل العراق ندعوكم إلى أن تأخذوا دوركم وأن تتسابقوا الى أخذ مواقعكم التي تليق بكم من خلال دعم انتفاضة أبنائكم، ونحن نعرف وأنتم تعرفون بأن مواقف الشرف لا يمكن أن تخلو منكم، بل لا يليق بكم إلا أن تكونوا في مقدمتها.
يا أبناء الحشد الشعبي الأبطال، أنتم يا من حملتم شرف تحرير العراق، أنتم يا من أخذتم عنوانكم من الشعب، نقول لكم: الحشد حشدنا والشعب شعبكم.. الثقة التي كسبتموها بدماءكم حافظوا عليها، حافظوا على نصركم كما حافظتم على وطنكم، ولا تسمحوا لبعض الانتهازيين أن يصادروا جهودكم ودماءكم.

كما ندعو النقابات المهنية أن يأخذوا موقفا واحدا قويا لدعم ثورة أبنائهم، بمختلف الطرق التي يرونها مناسبة.

وأنتم يا مثقفي العراق، وأنتم يا اعلاميي العراق وأنتم أيها الفنانون الذين كنتم مع ابناء شعبكم في ساحة التحرير دائما، لا تتأخروا عن دعم هؤلاء الشباب، فعيونهم عليكم، ادعموهم قفوا معهم شاركوهم بالكلمة والأنشودة واللوحة والقصيدة.

يا أبناء القوات المسلحة البطلة على اختلاف صنوفها، ارفضوا تطبيق أي أمر باطلاق النار أو استعمال العنف مع ايناء وطنكم، فهؤلاء أهلكم وهؤلاء ظهيركم في الملمّات.
كما إننا نؤكد للماسكين بمقاليد السلطة بأنّ كل محاولاتهم لقمع التظاهرات لن تجدي لهم نفعا، وقد رأوا ذلك، ولن تكون نتيجتها إلا نفورا أكبر من الجماهير عنهم، وإصرارا أكبر منهم على تحقيق مطالبهم، وهي الجماهير التي بذلت كماءها رخيصة للوطن وهي التي ما خرجت أشَرا ولا بطَرا، بل خرجت تطالب بحقوقها التي سلبت منها.
وأخيرا ندعو كل علماء الدين المسلمين والمسيحين والمندائية وكل الطوائف الكريمة، واصحاب الفضيلة وطلبة الحوزة الشريفة، وعلماء المسلمين في المؤسسات العلميّة والدعويّة وأئمة المساجد، أن يعلنوا تأييدهم لهذه المطالب، فهم أعرف الناس بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهم أولى الناس بنصرة المظلوم، وقول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر. وبأي حال، فإنّ الثورة لن تتوقّف باذن الله حتى تجتثّ الظلم والفساد عن أرض العراق وعندها لا ينفع الظالمين الندم، ولا يغاث من ظلم (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).

والحمد الله رب العالمين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here